من جديد يطل وزير الداخلية الخليفي، راشد الخليفة، بتهديداته “المكررة” ضد الشعب البحراني والقوى المعارضة، وجدّد خلال لقاء عُقد فيما يُسمى ب”نادي الضباط” اليوم الخميس، ٢٩ سبتمبر، الحديث عن “استقرار الوضع الأمني”، وقال “وضعنا خلفنا حقبة أمنية صعبة”، في اعتراف واضح بفشل “الإجراءات القمعية التي باشرها النظام منذ أكثر من خمس سنوات”، بحسب أحد المعلقين.
اللقاء الذي يُكرره الوزير المعروف بين الناس بـ”وزير الإرهاب”؛ كان يأخذ كل عام شكلا مختلفا من “التهديدات” و”المزاعم” بشأن الوضع السياسي والثوري في البلاد، وكان لافتا أن مثل هذا اللقاء قبل ٣ سنوات اتسم بالدعوة إلى “مد الأيدي” وبدء “صفحة جديدة” وطيّ صفحة الماضي و”الجراح”، إلا أنّ مراقبين آنذاك وصفوا هذه “الدعوة” بأنها “مراوغة لإعادة ترتيب الهجوم على المعارضة”، وهو ما تم خلال السنوات الماضية على وجه الخصوص، حيث واصل آل خليفة، وبقيادة “الوزير الأكثر كراهية” لدى البحرانيين؛ المخططَ العسكري والطائفي الذي “يستهدف المعارضة السياسية والوجود الديني للسكان الأصليين”، وهو ما دفع الوزير لاحقا لاستبدال “القناع” والكشف عن نواياه الحقيقية ضد الوجود الديني والوطني في البلاد، حيث وصف المذهب الشيعي ب”المبتدع”، واتهم علماء البلاد باتباع إيران وأنهم يسعون لتأسيس “جمهورية على غرار ولاية الفقيه”، إلى أن وصل الأمر لتنفيذه الأجندة الطائفية “الكاملة” بإعلان الحرب على شعائر المواطنين، واعتقال العلماء، ومنع الخطابة في المنابر الدينية وغلق الجمعيات السياسية والدينية، وصولا إلى استهداف آية الله الشيخ عيسى قاسم.
ولكن ما الجديد الذي ظهر به الوزير في النسخة الجديدة من اللقاء الذي استغرف نصف ساعة اليوم؟
عبّر الوزير – ومن طريق غير مباشرة – عن هزيمة النظام في مواجهة المشروع السياسي الذي ينادي بإسقاط النظام، فالويز – كما يعلق أحد الناشطين – لا يزال يعيش هاجس الخوف من هذا المشروع الآخذ بالتنامي رغم اعتقال رموزه وقياداته، وهو ما جعل الوزير يذهب بعيداً في إرسال “التهديد اللفظي” ويقول بأن الذين ارتبط اسمهم ب”إسقاط النظام” لن يكون “لهم مكان في المستقبل السياسي في البحرين”، وهو “تهديد” وضعه أحد المعارضين في دائرة “العجز الخليفي البيّن عن إسقاط المطلب الشعبي بإسقاط النظام” والذي اتسع أكثر مع مضي آل خليفة في حربهم الوجودية الأخيرة.
ولكن مراقبين يرون بأن كلام الوزير يتضمن “رسالة تحذير” إلى بعض المعارضين السياسيين في الداخل، وذلك بأنه لن يكون هناك معهم أي “باب للتحاور أو التلاقي ” في حال انخرطوا في مطلب “إسقاط النظام”، وخاصة بعد أن بدأ هذا المطلب يأخذ حضوره اللافت في أوساط الجمعيات السياسية المعارضة (وخاصة الوفاق)، نتيجة شعور هذه الأوساط الشعبية والسياسية بأن “الخليفيين قطعوا كل حبال الوصل معهم، وأنه لم تعد هناك أي فرصة للمصالحة السياسية معهم”.
لاشك أن هذه “الرسالة التحذيرية” لا تعني القوى الثورية التي تتمسك بمطلب “إسقاط آل خليفة”، كما أن المواطنين الذين ينفذون كل يوم فعالياتهم الشعبية والميدانية الرافضة للنظام والداعية لإسقاطه؛ لن يكونوا معنيين بهذه الرسالة أو أخذها بعين الاعتبار. وهو ما يرجح ما ذهب إليه ناشطون من أن “الرسالة” لا تخلو من “ألغام ومغريات غير مباشرة” موجهة إلى قطاع معين من السياسيين في الداخل والخارج، ولاسيما أولئك الذين لم يلتحقوا بعد بخيار “المفاصلة” مع النظام برغم وصول الاستهداف لرأس الشيخ قاسم، في حين بدا بعض “السياسيين” وكأنه “غير معنيّ” بهذا الاستهداف، واختار “مراقبة” تطورات الوضع من بعيد مع بعض “التضامن الرمزي” عبر وسائل التواصل الاجتماعي. يعزز هذا التفسير أنّ “مساعي” آل خليفة لم تتوقف حتى الآن من أجل اختراق الساحة السياسية للمعارضة، واستبدال رموزها المعتقلين بآخرين يمكن للنظام “مد الجسور معهم، والتوافق بينهم على مخارج تعين النظام على الخروج من مآزقه المتراكمة”.
إلى ذلك، أقر وزير الداخلية بأن مشروع الاستهداف الأخير ضد الشيخ قاسم والوجود الديني في البلاد “ليس وليد الساعة”، ما يؤكد أن ما يجري هو جزء من “مخطط إستراتيجي وواضح الأهداف” وبما لا يمكن أن يخفف من خطورتها ما ادّعاه الوزير في اللقاء من أن “هذه الإجراءات المتخذة ضد أشخاص ومؤسسات؛ ليست استهدافا أو انتقاما، وليست ضد طائفة”. يعلق ناشط على ذلك بالقول “هذا النفي ينطوي على (إثبات)، وعلى قاعدة (يكاد المريب يقول خذوني)، والشاهد على ذلك (هذا أثر السيف) يا وزير الداخلية في الدراز، وفي مناطق البحرين، وداخل السجون”، مؤكدا بأن ظهور الوزير في هذه الوقت وقبيل موسم عاشوراء هو “نذير شؤم” بمزيد من الجرائم والانتهاكات بحق المواطنين وشعائرهم الدينية.
البحرين اليوم-