دربت القوات الخاصة البريطانية قوات الأمن البحرينية على الأسلحة الصّغيرة وتقنيات القنص بعد يومين فقط من قول رئيسة الوزراء تيريزا ماي إنّ بريطانيا لن "تنتقد" من بعيد انتهاكات حقوق الإنسان في البلاد، وفقًا لما كشف عنه موقع ميدل إيست آي.
وكشف تحقيق أجراه الموقع أن التّدريب المثير للجدل للقوات البحرينية -التي قمعت بعنف الاحتجاجات المطالبة بالدّيمقراطية منذ الرّبيع العربي في العام 2011- تمّ خلال ديسمبر/كانون الأول 2016، وهو تدريب دُعِي بـ "بيرل داغر" Pearl Dagger.
التّدريب، الذي أمنته قوات النّخبة من شركة ليما لـ 42 مغوارًا من البحرية الملكية، تم فقط بعد يومين من استخدام الزعيمة البريطانية لمشاركتها في القمة السنوية لدول مجلس التّعاون الخليجي للتّوصل إلى صفقة تجارية مربحة مع المجموعة في مرحلة ما بعد بريكسيت، كجزء من "بريكسيت الحمراء، والبيضاء والزّرقاء".
الأمر أثار استياء المدافعين عن حقوق الإنسان، الذين يشيرون إلى اعتقال البحرين للنّشطاء من أجل الدّيمقراطية وحظرها للوفاق، الجمعية المُعارضة الأكبر في البلاد، إذ إن تدريب بيرل داغر Pearl Dagger الموسع استُخدِم كغطاء على تدريبات الأسلحة الصغيرة، وعلى نحو أكثر إثارة للجدل، فإنّ التدريب تركز على عرض بنادق قنص بريطانية حديثة الصّنع.
وقد حضره [التّدريب] مسؤولون بريطانيون رفيعو المستوى، وكذلك الفريق الركن ذياب بن صقر النّعيمي، رئيس هيئة الأركان في قوة دفاع البحرين.
وعلى الرّغم من مخاوف حقوق الإنسان، يعتقد ليام فوكس، وزير التّجارة الدّولية، وعدد من نواب المحافظين، أن صفقة تجارية مع الخليج ستكون من أولى الصّفقات التي يمكن للمملكة المتحدة عقدها بعد بريكسيت.
الأرقام الأخيرة تظهر أن بريطانيا باعت للبحرين أسلحة تبلغ قيمتها 51 مليون جنيه استرليني ( 62 ميلون دولار على الأقل)، بما في ذلك أكثر بنادق القنص دقة دوليًا وغيرها من الأسلحة الصّغيرة، منذ قمع الانتفاضة الشّعبية على يد قوات الأمن في العام 2011، وفقًا لحملة مناهضة تجارة الأسلحة (CAAT).
خلال زيارتها إلى البحرين، تحدثت ماي من على ظهر سفينة إتش إم إس أوشن، التي أُرسِلت إلى المنطقة للمشاركة في تدريبات بيرل داغر 2016. وكانت [تيريزا ماي] مُحاطة بعربات جاكال المُدرعة حين خاطبت القوات البريطانية، وصرحت في وقت لاحق للصّحافيين أن بريطانيا تحتاج إلى "الالتزام" مع البحرين ودول الخليج بدلًا من "توجيه الانتقادات من بعيد".
ماي تواجه المزيد من الانتقادات
لكن على الرّغم من وعدها بتحسين وضع حقوق الإنسان إضافة إلى التّجارة، تواجه الزعيمة البريطاينة انتقادات متجددًة لتقديمها صفقات التّجارة مع المنطقة في مرحلة ما بعد بريكسيت على مخاوف حقوق الإنسان في البحرين والسّعودية.
وطالبت إميلي ثورنبري، وزيرة الخارجية في حكومة الظل في حزب العمال، بوقف التّدريب المثير للجدل.
وقالت ثورنبري لميدل إيست آي إنّ "النّاس سيستاؤون لمعرفتهم أن قوات النّخبة لدينا ما تزال تدرب وحدات القناصة في البحرين التي استهدفت مواطنيها في الانتفاضة الأخيرة".
وأضافت أن "هذا مع ذلك مثال آخر حين تكون صفقات التّجارة والتّحالفات الأمنية عرضًا في الشّرق الأوسط، عندها تختفي أي مخاوف بشأن حقوق الإنسان لدى حكومة تيريزا ماي".
مطالبة حزب العمال تأتي في أعقاب دعوات للتحقيق بعد أن كشفت في أبريل/نيسان 2016 أن بريطانيا كانت تقدم تدريبات تبلغ مدتها أسبوعًا للقناصين البحرينيين.
ورفض المتحدث باسم وزارة الدّفاع التّعليق على طبيعة أو توقيت التّدريبات، لكنه قال إن استخدام بنادق القنص كان "مجرد إظهار للتجهيزات العسكرية للمملكة المتحدة خلال زيارة رسمية".
وأضافوا أن "المملكة المتحدة تتمتع بعلاقات وثيقة مع البحرين، تمتد لمائتي عام، الأمر الذي يعزز التزامنا بمنطقة الخليج".
حان الوقت لتكون المملكة المتحدة حازمة بشأن حقوق الإنسان
على الرّغم من ذلك، فإن المدافعون عن حقوق الإنسان قلقون بشكل خاص من التّدريب العسكري في البحرين حيث إنّهم يتهمون الحكومة ذات الغالبية السّنية باستخدام القناصين لاستهداف المحتجين خلال الاحتجاجات المُطالبة بالدّيمقراطية في العام 2011. ويشيرون أيضًا إلى أن الجمعية السّياسية الأكبر في البلاد مُنِعت من المشاركة في قمة مجلس التّعاون الخليجي.
يوم الاثنين، أيدت محكمة في البلاد حكم الإعدام بحق ثلاثة رجال اتّهموا بقتل ثلاثة عناصر شرطة في العام 2014. الجماعات الحقوقية تقول إن الرجال هم ضحايا تعذيب، ومحاكماتهم كانت تعسفية. بالإضافة إلى ذلك، انتُقِدت البحرين والسّعودية بشدة على خلفية حملة القصف في الحرب الأهلية في اليمن.
أندرو سميث، وهو المتحدث باسم حملة مناهضة تجارة الأسلحة، قال إنّه "قد تقول الحكومة إنها "لا تنتقد من بعيد" لكنها شريكة بشكل مباشر في القمع المستمر في البحرين. وبتقديمها الدّعم والتّدريب السّياسيين والعسكريين، هي تدعم النّظام بشدة وتعززه".
نشطاء المعارضة البحرينية قلقون أيضًا بشأن التقارير الإعلامية التي تشير إلى أ التّدريب البريطاني شارك فيه عناصر من الشّرطة والجيش، بمن في ذلك عناصر من القوات الملكية الخاصة والعميد الركن جاسم عجاج قائد وحدة الشرطة العسكرية الملكية.
وقال سيد أحمد الوداعي، المدير التّنفيذي لمعهد البحرين للحقوق والدّيمقراطية، لميدل إيست آي، إنّ "مرارًا وتكرارًا، استبعدت بريطانيا حقوق الإنسان بسبب العلاقات الأمنية. حكومة ماي تقول إنها ملتزمة بحقوق الإنسان بهدوء وتقدم الدعم، لكن الأزمة في البحرين ساءت على مدى العام الماضي، وستزداد سوءًا في العام 2017.
لقد حان الوقت لتصبح بريطانيا حازمة في مجال حقوق الإنسان، بدلًا من أن تقدم أدوات القمع للبحرين".
ميدل إيست آي-