الخليج الجديد-
قال خبراء إن حل الأزمة الخليجية أصبح بعيد المدى، إلا إذا جد جديد، وذهب أحدهم إلى أنه «أُعد للأزمة كي تطول»، معتبرين أن قطر «حققت تجاحا»، و«تجاوزت عنق الزجاجة» خلال الـ100 يوم التي مرت من عمر الأزمة.
الكاتب القطري، «صالح غريب»، قال لوكالة الأناضول التركية، إن «المكالمة (الهاتفية) بين أمير قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، وولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان (قبل أيام)، كانت بمثابة بداية نهاية الأزمة؛ باعتباره أول تواصل بين الدولتين بعد هذه الفترة، لكن ما حدث بعد ذلك أعادنا إلى المربع الأول».
وعقب الاتصال الهاتفي، أعلنت السعودية، السبت الماضي، «تعطيل أي حوار أو تواصل مع السلطة في قطر، حتى يصدر منها تصريحا واضحا توضح فيه موقفها بشكل علني، وأن تكون تصريحاتها بالعلن متطابقة مع ما تلتزم به»، وفق ما نقلته الوكالة السعودية (واس) عن مسؤول بالخارجية السعودية.
واعتبر «غريب» أنه «بعد 100 يوم من الأزمة استطاعت قطر أن تحقق نجاحا منفردا عن دول المنطقة، وواضح أن الأزمة أُعد لها كي تطول».
وقطعت كل من السعودية والإمارات والبحرين ومصر، منذ 5 يونيو/حزيران الماضي، علاقاتها مع قطر، بدعوى دعمها للإرهاب، وهو ما تنفيه الدوحة، وتقول إنها تواجه حملة «افتراءات» و«أكاذيب» تهدف إلى فرض «الوصاية»على قرارها الوطني.
وبشأن التوقيت المحتمل للتوصل إلى حل، أجاب بأنه «رغم كل الوساطات، فالحل بعيد المدى الآن؛ إلا إذا جد جديد.. ومازالت قطر تعول على وساطة الكويت لحل الأزمة داخل البيت الخليجي».
وتأسس مجلس التعاون لدول الخليج العربي عام 1981، ومقره في الرياض، ويتألف من ست دول، هي: السعودية، والإمارات، وقطر، والبحرين، والكويت، وسلطنة عمان.
وشدد «غريب» على أنه «رغم كل هذه الفترة الطويلة لم تقدم (الدول الأربع) ملفا واحدا يثبت صحة اتهاماتها، وهذا دليل على نجاح قطر».
انهيارات سياسية
من جانبه، قال الأكاديمي القطري، «ماجد الأنصاري»، إن «الأزمة بدأت بقرار ممن افتعلها بأن لا يكون هناك طاولة للحوار، ووضح ذلك عبر حرق مراحل أي أزمة طبيعية بين الدول من خلال تسريع الإجراءات».
وحذر «الأنصاري»، الأستاذ في جامعة قطر، من أن «استمرار تصرفات دول الحصار بهذه الطريقة سينتج عنه أزمات أخرى لا يمكن السيطرة عليها، فالمنطقة مقبلة على مرحلة قد تشهد انهيارات سياسية تضر الأنظمة فيها».
وتابع موضحا: «هناك خطر حقيقي على هذه المنطقة يتمثل في حلف سياسي متهور ومستعد لاستخدام أدوات غير مناسبة بالنسبة للمجتمع الدولي».
ورأى أن «قطر تجاوزت عنق الزجاجة في أزمة الحصار الدبلوماسي عبر تعزيز موقعها العالمي، وتوطيد الشراكات القائمة، وتوسيع دائرتها لتؤسس علاقات مستدامة بتنوعها وقوتها.. واقتصاديا انطلقت قطر نحو تحقيق استقلال ذاتي شامل، وفتحت خطوطا اقتصادية جديدة عبر العالم».
وتابع «الأنصاري»: «سياسيا وشعبيا وفر الحصار دفعا لتعزيز التماسك والتعاضد بين الحاكم والمحكوم، ولتكوين وعي جمعي مختلف يستحضر أهمية البناء والبذل لصالح الوطن، ويدرك المخاطر التي تواجهه».
واعتبر أنه «في مقابل ذلك تعثرت دول الحصار على مختلف الأصعدة، خاصة التراجع الدبلوماسي الملحوظ الذي أدى إلى توتر علاقات تلك الدول عبر العالم، وتزايد الضغوط الداخلية والخارجية عليها».
لا للتدويل
«نايف بن نهار الشمري»، الأستاذ في جامعة قطر، قال إن «أهم عائق أمام حل الأزمة هو عدم وجود تعريف موحّد للأمن الإقليمي، ما يعيق سبل التعاون، نظرا لوجود مواقف متباينة بين دول الخليج تجاه بعض الجهات الفاعلة في المنطقة».
ومشددا على أهمية بقاء حل الأزمة داخل مجلس التعاون، أضاف «الشمري»، خلال ندوة سياسية في الدوحة مطلع الشهر الجاري: «يجب على دول الحصار، إذا أردات حلا حقيقيا للأزمة، أن يبقى الأمر داخل البيت الخليجي، لا تدويلها والسماح للبيت الأبيض بالتدخل، وإدخال مصر فيها».
واعتبر الأكاديمي القطري أن «دول الحصار ارتكبت أخطاء كبيرة، بنقل الأزمة من المستوى السياسي إلى المستوى الشعبي، إذ باتت شعوب هذه البلدان تتبادل الإساءات، وتحرق إمكانيات التعاون في المستقبل».
فيما شدد «إبراهيم فريحات»، الأستاذ الفلسطيني في «معهد الدوحة للدراسات العليا» على أن الأزمة الخليجية لم تؤثر على دولها فقط، بل أثرت أيضا على مختلف قضايا المنطقة.
وأوضح أن «أزمة الخليج أدّت إلى تدهور الأوضاع في سوريا واليمن وفلسطين، فقد انسحبت دول مجلس التعاون كليا من الملف السوري، وانسحبت قطر من اليمن، فيما الأزمات هناك مستمرة بالتدهور».