دول » البحرين

تصنيف "عالي المخاطر".. عجز متصاعد يهدد البحرين واقتصادها

في 2018/05/08

الخليج أونلاين-

لا يزال اقتصاد البحرين، حليفة السعودية والإمارات، يسير نحو حتفه مسرعاً، رغم الخطط الإصلاحية، التي أعلنت عنها الحكومة خلال السنوات الماضية، الأمر الذي دعا صندوق النقد الدولي إلى تحذير المنامة من "تهاوي اقتصادها ما لم تسرِّع وتيرة الإصلاح بشكل جدَّي".

ودعوة صندوق النقد الدولي المنامة إلى إجراء إصلاحات اقتصادية سريعة، جاءت على خلفية قفز عوائد السندات الدولية البحرينية خلال بيع ديون في نهاية مارس الماضي؛ "بسبب مخاوف المستثمرين بشأن الأوضاع المالية العامة للبلاد".

- مغامرة بحرينية

ورغم تحالفها مع الرياض ومشاركتها في حصار دولة قطر وحرب اليمن، التي أسهمت بشكل كبير في تضرر اقتصادها، تفتقر المنامة إلى الاحتياطيات المالية والنفطية التي لدى جيرانها من دول الخليج الأكثر ثراء.

ورغم نقص الموارد الاقتصادية، غامرت البحرين ودخلت طريقاً شائكاً في تحالفها مع أبوظبي والرياض، وفتحت جبهات متعددة، داخلية وخارجية أثرت سلباً على سجلها الحقوقي ونموها الاقتصادي.

وتُصنف وكالات التصنيف الائتماني الرئيسة البحرين عند مستوى "عالي المخاطر"، كما أنها تضررت على نحو أشد من دول مجلس التعاون بفعل انخفاض عوائد صادراتها إثر تراجع أسعار النفط منذ 2014.

وحث جهاد أزعور، مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى لدى صندوق النقد الدولي، في مقابلة نشرتها وكالة "رويترز" الأربعاء 2 مايو 2018، المنامة على تسريع إصلاح الميزانية الحكومية لاستدامة الأوضاع المالية على نحو متوسط في الفترة المقبلة.

وأكد المسؤول بصندوق النقد الدولي "حاجة المنامة إلى تسريع إصلاحات بميزانيتها الحكومية، كي تصل إلى مستوى عجز يجعل الأوضاع المالية العامة للبلاد مستدامة في الأجل المتوسط".

وأشار إلى أن "المنامة بحاجة إلى تسريع التعديل المالي بهدف خفض العجز لديهم بوتيرة أسرع، ومعالجة مستوى الدين الذي يرتفع عن دول أخرى؛ لأنها في الحقيقة ليس لديها المستوى ذاته من الاحتياطيات التي لدى دول أخرى".

ومع تقلص الخيارات أمام الحكومة البحرينية في دعم اقتصادها عالي المخاطر، وتحذيرات دولية من تراجع اقتصاد الرياض وأبوظبي خلال الأشهر المقبلة، أكدت المالية البحرينية، وفي وقت سابق من العام الجاري، أنه ليس لديها خطط جديدة لخفض الدعم الذي تقدمه للإبقاء على أسعار بيع الوقود والغذاء والخدمات منخفضة.

وبحسب مسؤولين في البحرين، قد تلجأ المنامة إلى فرض ضريبة القيمة المضافة في 2019؛ لتعزيز الأوضاع المالية العامة على الأرجح، حيث عزمت على تطبيقها في يناير من العام الجاري، بالتزامن مع فرضها في السعودية والإمارات، لكن الخطة واجهت مقاومة داخل قبة البرلمان. ورجح المسؤول في صندوق النقد الدولي جهاد أزعور تطبيقها في 2019.

وقال أزعور: "لكبح الإنفاق الحكومي، من المهم‭‭‭ ‬‬‬أن تتخلص البحرين من نظام الدعم بشكل تدريجي؛ للسماح بتحديد أسعار المرافق عبر معادلة جديدة". وأضاف أن "هناك حاجة إلى إصلاحات هيكلية أسرع للاقتصاد لدعم النمو، الذي يتوقع صندوق النقد أن يظل مستقراً دون تغيير إلى حد كبير عند نحو 3% في العامين القادمين".

- المنامة والتبعية للرياض

لم يكن توجُّه البحرين للتبعيّة المطلقة للمملكة العربية السعودية خطّة جيدة لإنقاذ اقتصادها المتهالك؛ فجميع مؤشراته انحدرت في السنوات الأخيرة للمنطقة الحمراء، دون وجود أي توقعات بتحسّنه في الفترة المقبلة، ورغم ذلك لا تزال البحرين تبحث إمكانية الحصول على دعم مالي إضافي من الكويت والسعودية والإمارات، بحسب مصرفيين ومسؤولين في الخليج.

وتحوّلت المملكة الصغيرة إلى منطقة خاضعة للنفوذ السعودي المطلق؛ بالشؤون الداخلية والخارجية وحتى الاقتصادية والعسكرية، فهي لم تخرج مطلقاً عن فلك السعودية، وليس أدلّ على ذلك من الأزمة الخليجية الأخيرة مع قطر.

وتحدث الكثير من المراقبين والمصادر السياسية الخليجية أن موقف المنامة، التي انضمّت للسعودية والإمارات ومصر في إعلان مقاطعتها للدوحة، منتصف العام الماضي، كان طوال الوقت بضغط مباشر من حكام الرياض وليس موقفاً مستقلاً.

وازداد اعتماد المنامة بشكل كبير على البضائع والخدمات والسياح السعوديين، بعد إنشاء جسر الملك فهد عام 1986، الذي يربط البحرين مع السعودية.

ولكن تلك التبعيّة الخالصة للسعودية لم تحقّق للاقتصاد البحريني أي فائدة، فبعد 10 أعوام مضت على إطلاق المنامة رؤيتها التنموية لعام 2030، لا يزال اقتصادها يترنّح، ونسبة نموه هي الأدنى بين بقية دول الخليج.

- تصنيف سلبي واستراتيجية غائبة

وفي خضم هذا التراجع السريع في الاقتصاد، خفضت وكالة "موديز"، في يوليو الماضي، التصنيف الائتماني للبحرين من (‭Ba2‬) إلى (B1)، وأبقت على النظرة المستقبلية عند السلبية، حيث يعني تصنيف ‭Ba2)‬) أن هناك شكوكاً في القدرة الائتمانية للدولة، أما (B1) فيعني أن هناك شكوكاً عالية بالقدرة الائتمانية.‬

وقالت "موديز" في تقريرها عن البحرين: إن "المحرّك الرئيس لخفض التصنيف الائتماني هو اعتقاد أن الوضع الائتماني للحكومة بالمنامة سيستمرّ في الضعف على نحو ملموس خلال الأعوام المقبلة، ورغم بعض مساعي الإصلاح المالي فإنه لا توجد استراتيجية تعزيز ودمج واضحة وشاملة للبحرين".

وذكرت أنه "في غياب إجراءات إضافية نشطة، فإنها تتوقّع أن المنامة ستواصل تسجيل عجز بالموازنة على مدى الأعوام المقبلة"، حيث تتوافق هذه التقارير مع توقعات صندوق النقد الدولي؛ إذ توقّع تراجع معدلات نمو الاقتصاد البحريني إلى 1.6% مع نهاية عام 2018.

وقال في تقرير نشر في أغسطس الماضي، إن توقّعاته تعكس استمرار ضعف أوضاع المالية العامة في البحرين وتراجع ثقة المستثمرين هناك.

وشهدت الديون العامة للمنامة قفزات متتالية؛ فخلال 10 سنوات (2007-2017) نما الدين العام لمملكة البحرين بنسبة 1381%. وفي 2017، أعلن مصرف البحرين المركزي ارتفاع ديون المملكة إلى 8.95 مليارات دينار (23.7 مليار دولار)، وذلك مقارنة بـ7.3 مليارات دينار (19.3 مليار دولار) في 2016، بنموٍّ نسبته 23% على أساس سنوي.

وإضافة إلى الديون العامة المتصاعدة، فإن احتياطات البنك المركزي البحريني من النقد الأجنبي انخفضت منذ عام 2014 بنحو 75%، لتبلغ في أغسطس الماضي 522 مليون دينار (نحو 1.39 مليار دولار). كما تبلغ نسبة البطالة بين فئة الشباب في البحرين 20%، وفق بيانات الاتحاد العام البحريني لنقابات العمال.