دول » البحرين

بعد مرور عام.. قطر ترمي بضائع دول الحصار في سلّة الماضي

في 2018/05/29

الخليج أونلاين-

لم يكن متوقّعاً للمطّلعين على الاقتصاد القطري وطبيعة ارتباطه بالسوق السعودية والإماراتية واعتماده الكبير عليها أن تصمد قطر طويلاً أمام الحصار الذي وجدت الدوحة نفسها وسطه، في يونيو 2017، ومن أقرب جيرانها.

فقد أغلق الحصار حدود قطر البرية والبحرية، إضافة إلى مطاراتها وأراضيها ومجالها الجوي، ومنع تصدير السلع إليها، بينما كانت تعتمد على موانئ الإمارات والطريق البري مع السعودية في استيراد مختلف البضائع.

الأكثر عجباً من هذا أن تعلن قطر استغناءها -بعد عام واحد فقط- عن أي بضائع قادمة من أسواق الرياض وأبوظبي، وتبدأ حملة لإزالتها من الأسواق، غير مكترثة بالخسارة المالية التي ستتكبّدها من جراء هذه الخطوة.

لكن الدوحة أكّدت بخطوتها هذه أنها تجاوزت خطورة الحصار وحلّقت بعيداً عن قيوده؛ بعد أن أوجدت العديد من البدائل.

وكانت وزارة الاقتصاد والتجارة القطرية دعت، السبت 26 مايو 2018، جميع العاملين في منافذ البيع والمجمّعات الاستهلاكية إلى "رفع وإزالة" منتجات الدول الأربع المقاطعة لها.

وذكر التعميم أنه "يُرجى العمل على إزالة ورفع جميع البضائع التي تم استيرادها من دول الحصار (..) وذلك اعتباراً من اليوم السبت".

ودعا أيضاً مفتّشي الوحدات الإدارية التابعة لقطاع شؤون المستهلك (بالوزارة) إلى متابعة الأمر للتأكّد من إزاله البضائع.

الخطوة هذه جاءت بعد عام على قيام الدول الأربع؛ السعودية والإمارات والبحرين ومصر، في 5 يونيو 2017، بقطع علاقاتها مع قطر، فارضة عليها حصاراً بدعوى "دعمها للإرهاب"، وهو ما تنفيه الدوحة، وتتهم الرباعي بالسعي إلى "فرض الوصاية على قرارها الوطني".

مكتب الاتصال الحكومي في قطر قال تعليقاً على قرار إزالة منتجات دول الحصار، إن الدوحة تنفّذ سياستها التجارية وفقاً لالتزامها بالاتفاقيات الثنائية أو المتعدّدة الأطراف.

وذكر أن قطر اتّخذت إجراءات لحماية المستهلكين ومكافحة التجارة غير المشروعة في السلع بعد تعرّضها للحصار.

وأضاف أن الحكومة القطرية أصدرت توجيهات بإيجاد مورّدين جدد من دول أخرى لمجموعة من السلع المتأثّرة التي يتم توريدها من دول الحصار.

- تأخّر القرار منع وقوع ضرر للمواطن

ومعروف أن الدولة التي تعيش وضع حصار تحاول الحفاظ على البضائع في المحال والمخازن لأطول فترة ممكنة مهما كان مصدرها، لكن قطر خرقت هذه القاعدة حين قرّرت إزالة بضائع مصدرها دول الحصار.

وعلى الرغم من أن القرار جاء بعد عام من فرض الحصار، فإن أحد المسؤولين القطريين يرى أنه جاء متأخراً.

وذكرت صحيفة "الوطن" نقلاً عن المسؤول الحكومي، دون أن تكشف عن اسمه، أن "القرار تأخر لمراعاة عدم تضرّر المستهلكين من خلال شحّ المنتجات في السوق، ومن ثم ارتفاع الأسعار، وقد روعي التأكّد من توفّر البدائل قبل صدور القرار".

واستطرد المسؤول قائلاً: إنه ‏"تم الأخذ بالحسبان عدم تضرّر المورّد القطري، وإعطاؤه الفرصة للبحث عن البديل وبالجودة العالية وبأسعار منافسة".

القرار القطري لقي تشجيعاً من قبل القطريين الذين سرعان ما دشّنوا وسماً بعنوان "#سحب_منتجات_الفجار"، أعلنوا من خلاله وقوفهم إلى جانب القرار.

وتناقل نشطاء صور بضائع مختلفة من مناشئ عالمية تنتشر في الأسواق المحلية، معبّرين عن ارتياحهم لوجود بديل يرونه الأفضل مما كان يُستورد من دول الحصار.

ويقارن أحد المغرّدين مادة "الديتول الأصلي" التي وصلت إلى البلاد بعد تعرّضها للحصار مع ما كان يرد من نفس المادّة من دول الجوار، التي يصفها بأنها لم تكن تفي بالغرض المطلوب منها.

الأكاديمية الإماراتية المعروفة، سارة الحمادي، أعربت عن استغرابها من تصرّفات دول الجوار مع قطر، مشيرة في تغريدة لها إلى أنهم يحاصرونها ويستوردون منها ويصدّرون إليها!

وتغريدة الحمادي، إشارة إلى تصدير قطر -التي تمتلك ثالث أكبر احتياطيات الغاز عالمياً- نحو ملياري قدّم مكعبة من الوقود يومياً من خلال خط أنابيب بحري يبلغ طوله 364 كيلومتراً (226 ميلاً) إلى الإمارات.

وينقل خط الأنابيب "دولفين" الغاز الطبيعي إلى الإمارات من حقل الشمال القطري، ويلبّي نحو 30% من احتياجات البلاد، التي تستخدمه في توليد الكهرباء، ويمتدّ الخط أيضاً إلى سلطنة عُمان.

وأكّد الرئيس التنفيذي لشركة "قطر للبترول" الحكومية، سعد شريدة الكعبي، في مقابلة مع قناة "الجزيرة"، بُثّت يوم 18 يونيو 2017، أن "قطر لم تقطع الغاز عن الإمارات رغم وجود بند يُعفيها من التزاماتها التعاقدية بتوريد الغاز متعلّق بحالة (القوة القاهرة)، التي من ضمنها الحصار"، مضيفاً أن استمرار تدفّق الغاز جاء "مراعاة للشعب الإماراتي، وأن قطر لا تتعامل بعقودها فقط، وإنما بأخلاقها".

ورغم حالة الإرباك التي أحدثها الحصار فإن قطر أوجدت بدائل سريعة؛ من خلال فتح خطوط شحن جديدة مع سلطنة عُمان وتركيا والهند والكويت وغيرها.

وأعلنت الجهات المختصّة دعم وتثبيت أسعار الكثير من السلع والخدمات الضرورية، وتدشين شبكة عالمية للشحن البحري بين ميناء حمد الدولي وموانئ محلية وإقليمية ودولية.