بيل لو - ميدل إيست مونيتور-
في 28 يناير/كانون الثاني، أيدت المحكمة العليا في البحرين إدانة الشيخ "علي سلمان"، زعيم حزب "الوفاق" المعارض المحظور في البلاد. وقد تمت إدانته مع زميله "علي الأسود" والشيخ "حسن سلطان"، اللذين صدر بحقهما حكم غيابي بالتآمر مع قطر للإطاحة بنظام البحرين. وكان الشيخ "سلمان" يقضي بالفعل حكما بالسجن لمدة 4 أعوام بتهمة "تشويه سمعة وزارة الداخلية".
وكان الثلاثة قد تمت تبرئتهم من تهمة الخيانة. وقد تم إلغاء هذا القرار عند الاستئناف وعاد إلى الإدانة الأصلية. ويقول المراقبون الأجانب والمنظمات الدولية لحقوق الإنسان إن الاتهامات لا أساس لها من الصحة، وتشكل جزءا من جهد أوسع لقمع أي انتقاد لأسرة "آل خليفة" الحاكمة، ولكن دون جدوى.
ويأتي الحادث أيضا في إطار محاولة "شيطنة" قطر. وعلى الرغم من أن المؤامرة المزعومة قيل إنها حدثت عام 2011، إلا أن السلطات لم توجه هذه التهمة إلا في أغسطس/آب 2017، بعد فترة وجيزة من إطلاق حصار جوي وبحري وبري على دولة قطر من قبل الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية ومصر و البحرين. وقد كان التوقيت، على أقل تقدير، يستدعي الفضول.
وكان النظام البحريني يدعي لعدة أعوام أن إيران تقف وراء كل جهد يبذله مواطنوها للدعوة إلى التغيير. وحتى انتخاب "دونالد ترامب" لرئاسة الولايات المتحدة، كان يُنظر إلى هذا الادعاء بالتشكيك. ولعقود من الزمان، عانت الأغلبية الشيعية من السكان من التمييز على يد "آل خليفة". ومع ذلك، لم تفعل إيران الكثير لدعم الشيعة هناك. وفي الواقع، يمكن القول بأن آيات الله قد تركوهم لمواجهة مصيرهم.
وعندما نجح احتجاج سلمي، انضم إليه كل من الشيعة والسنة البحرينيين، في السيطرة على دوار اللؤلؤة في العاصمة المنامة، في فبراير/شباط 2011، تم استخدام بطاقة الطائفية، ولم يكن ذلك من قبل إيران، ولكن من قبل "آل خليفة". وقد تم إخماد الاحتجاج بالقوة، بدعم من قوات الأمن السعودية والإماراتية، التي دخلت البلاد في مارس/آذار من العام نفسه. وقتل العشرات، وأصيب المئات، وألقت قوات الأمن القبض على الآلاف، في حملة قمع وحشية. وكان الضحايا جميعهم تقريبا من البحرينيين الشيعة.
وفي مواجهة الإدانة الدولية، شكل الملك "حمد بن عيسى آل خليفة" لجنة من خبراء حقوق الإنسان الخارجيين للتحقيق. وكان حكم اللجنة قاسيا، فقد أشارت إلى أن الحكومة أذنت باستخدام القوة المفرطة، وكانت مسؤولة إلى حد كبير عن قتل وسوء معاملة مواطنيها. لكن هناك نقطة واحدة مثيرة، غالبا ما يتم تجاهلها، وهي أن تقرير لجنة التحقيق الدولية لم يجد أي دليل على تورط إيران في الاضطرابات.
وفي مواجهة إجراءات أمنية مكثفة، وغالبا ما تكون وحشية، استمر الناشطون في المطالبة بالتغيير، وتمسكت العائلة الحاكمة بزعمها أن إيران الشيعية كانت وراء الاحتجاجات السلمية والمواجهات العنيفة. أما عن الولايات المتحدة، رغم دعمها للنظام على نطاق واسع، حيث يقع مقر أسطول الولايات المتحدة الخامس الرئيسي في المنامة، فقد عبرت وزارة الخارجية باستمرار عن قلقها بشأن معاملة الناشطين مثل "نبيل رجب". و"رجب" هو مدافع بارز عن حقوق الإنسان تم سجنه مرارا بسبب انتقاده للحكومة والدعوة إلى الإصلاح السلمي.
ولكن كل ذلك مع رئاسة "دونالد ترامب". وفي مايو/أيار 2017، أثناء رحلته الأولى إلى الخارج كرئيس، سافر "ترامب" إلى العاصمة السعودية الرياض. وهناك، اجتمع مع قادة الخليج، بما في ذلك الملك "حمد". وقال "ترامب" للملك: "تربط بلادنا علاقة رائعة".
وكانت هذه هي الإشارة التي أراد "آل خليفة" سماعها. فلن يكون هناك أي قلق إضافي من الولايات المتحدة حول انتهاكات حقوق الإنسان. علاوة على ذلك، عندما تولى "جون بولتون" منصب مستشار الأمن القومي في إدارة "ترامب"، ومع تنصيب "مايك بومبيو" كوزير للخارجية، كانت السلطات البحرينية مسرورة برؤية صقرين يؤكدان للرئيس أن إيران هي المسؤولة عن المطالبة بالإصلاح.
والآن، هناك آذان في واشنطن راغبة للاستماع إلى رواية النظام وقبولها، وهي أن الدعوات لحقوق الإنسان وحرية التعبير والبرلمان المستقل كانت مجرد جزء من مؤامرة إيرانية خبيثة لزعزعة استقرار البحرين واستخدامها كجسر لتهديد دول الخليج الأخرى.
وهكذا، قال "بومبيو"، غير مستشهد بأي أدلة، في 10 يناير/كانون الثاني، إن "البحرين كشفت وكلاء الحرس الثوري الإيراني النشطين في بلادهم، وتعمل على وقف الأنشطة البحرية الإيرانية غير المشروعة في المنطقة".
وفي 30 ديسمبر/كانون الأول، تم رفض استئناف "نبيل رجب" الأخير. ويقضي حاليا حكما بالسجن لمدة 5 أعوام، بسبب انتقاده للحرب في اليمن، واعتراضه على سوء معاملة السجناء في سجن "جو" الشهير في البحرين.
وبعد يومين من زيارة "بومبيو" إلى المنامة، وضعت سلطات السجون حاجزا زجاجيا بين "رجب" وعائلته بحيث يلا يمكنهم التحدث معه إلا عبر هاتف تتم مراقبته دون أي فرصة للتلامس. وقد تم تقييد الزيارات لتكون مرة واحدة في الشهر. ولقي ناشط حقوقي آخر، هو "عبدالهادي الخواجة"، الذي يقضي عقوبة السجن مدى الحياة، معاملة مماثلة رغم أنه لم يلعب أي دور نشط في احتجاجات عام 2011.
وتم تمكين مثل هذه المعاملة من قبل الرئيس "ترامب" وصقور معاداة إيران المحيطين به. وفي وقت آخر، كنا لنسمع اعتراضات حول هذه الممارسات لكننا الآن في زمن "ترامب"، حيث تفسد الأكاذيب الحقيقة، وحيث، كما في حالة الصحفي السعودي "جمال خاشقجي"، من السهل ارتكاب التعذيب والقتل دون عقاب، وحيث تندثر الأخلاق ويزدهر السلاطين.