إنسايد أرابيا -
في وقت يتصاعد فيه التوتر في الشرق الأوسط، لا يكاد يمر يوم دون الكشف عن انتهاكات جديدة لحقوق الإنسان في الخليج.
ومن الحرب التي تقودها السعودية في اليمن، إلى عمليات الإعدام العلنية، مرورا باحتجاز أفراد من العائلة المالكة في الإمارات، يولي العالم اهتماما متزايدا للانتهاكات في المنطقة.
ووسط هذه التغطية، كانت الدولة التي يتم التغاضي عنها في كثير من الأحيان هي البحرين، ومع ذلك، لا تخلو المملكة الصغيرة من الانتهاكات، وقد سعى مؤتمر تم عقده مؤخرا في "الكابيتول هيل" لمعالجة هذا الخلل.
واستعرضت حركة "أمريكيون من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان في البحرين"، يوم 11 يونيو/حزيران، الفساد وانتهاكات حقوق الإنسان التي ارتكبتها وزارة الداخلية البحرينية بدعم "مزعوم" من حكومة الولايات المتحدة.
ووفقا لموقع "الحركة" الإلكتروني فقد حضر الحدث، الذي أداره المدير التنفيذي للحركة "حسين عبدالله"، عدد من الخبراء من بينهم "سيث بيندر" من مشروع "الديمقراطية في الشرق الأوسط"، و"جودي فيتوري" من مؤسسة "كارنيغي" للسلام الدولي.
وألقى كل من النائبين "جيم ماكغفرن" و"إلهان عمر" ملاحظات افتتاحية، شاكرين الحركة على عملها لمعالجة المخاوف المتعلقة بحقوق الإنسان في البحرين، ودعوا الكونغرس إلى إيلاء المزيد من الاهتمام لهذه القضية.
وقال النائب "ماكغفرن" إنه في أعقاب التدابير القمعية التي اتخذتها الحكومة البحرينية لقمع الانتفاضة الجماهيرية عام 2011، كان هناك دعم أكثر صخبا من الحزبين للضغط على البحرين لدعم معايير حقوق الإنسان، ومع ذلك، أعرب عن أسفه لأن هذا الدعم قد تضاءل في ظل الإدارة الحالية في واشنطن.
ودعا "ماكغفرن" النظام البحريني إلى وقف ممارساته التمييزية ضد الشيعة، والسماح بعمل الصحافة الحرة، وتجريد مسؤولي الأمن الوطني من سلطات الاعتقال. ودافع عضو الكونغرس "ماكغفرن" عن الناشط البارز في مجال حقوق الإنسان "نبيل رجب"، الذي يقضي حاليا عقوبة بالسجن في البحرين فيما يتعلق بتغريدات نشرها على موقع "تويتر".
واستغلت عضوة الكونغرس "إلهان عمر" وقتها لتسليط الضوء على الاتجاه السائد باغتصاب أو تعذيب أو إعدام أو اختفاء الناشطين والناشطات في البحرين، مشيرةً إلى أن البحرين لديها أعلى معدل للسجن الجماعي في الشرق الأوسط.
كما دعت "عمر" إلى إنهاء مبيعات الأسلحة الأمريكية إلى البحرين، قائلةً: "عندما ندعم حكومة تنتهك حقوق الإنسان، فإننا نقوض جهودنا وموقفنا في جميع أنحاء العالم".
دولة بوليسية
وخلال معظم الحدث، شرحت "مونيكا زورو" من حركة "أمريكيون من أجل الديمقراطية" تقريرا نشرته الحركة تحت عنوان: "تحليل دولة بوليسية.. القمع المنهجي والوحشية في وزارة الداخلية البحرينية".
ووفقا للحركة: "قام التقرير بتحليل أكثر من 1000 حادثة منفصلة من سوء المعاملة، ضمن أكثر من 3 آلاف حادث محدد لانتهاكات حقوق الإنسان المنسوبة إلى وزارة الداخلية بين عامي 2011 و2018، وكان هذا النمط من وحشية الشرطة والقمع واضحا في كل مستوى من مستويات القيادة".
واتهمت "زورو" الحكومة البحرينية بخلق ثقافة الإفلات من العقاب، التي تكافئ وتحفز الانتهاكات، ووفقا للتقرير، فإن "واحدا من كل 635 بحرينيا تم احتجازه تعسفيا أو إخفاؤه أو تعذيبه أو اغتصابه أو قتله أو إساءة معاملته بطريقة أو بأخرى"، من قبل وزارة الداخلية.
وقالت "زورو" إن المواطنين البحرينيين المتهمين بالمشاركة في انتهاكات حقوق الإنسان يجب أن يتم منعهم من دخول الولايات المتحدة، لأن معظمهم ينتهكون قانون "غلوبال ماغنيتسكي"، الذي يهتم بمحاسبة منتهكي حقوق الإنسان.
وتلجأ الحركة للإنتربول لاتهام هؤلاء الأفراد علنا، وختمت "زورو" ملاحظاتها بدعوة المجتمع الدولي إلى فرض عقوبات على الانتهاكات التي يرتكبها أفراد في جميع أنحاء وزارة الداخلية البحرينية، بما يشمل حتى وزير الداخلية الشيخ "راشد بن عبدالله آل خليفة" نفسه.
وردا على سؤال من الجمهور، قالت "زورو" إن الحركة قد سجلت 46 حالة سوء معاملة من قبل قيادات قوات الأمن الخاصة البحرينية، بما في ذلك 25 عملية قتل خارج نطاق القضاء. وتحدثت أيضا عن 77 حالة أخرى، منها 46 حالة قتل خارج نطاق القضاء، لم يتم فيها تحديد مرتكب الجريمة بوضوح، ولكنها تتطابق مع أنماط إساءة المعاملة من قبل قوات الأمن الخاصة البحرينية.
وفي كلمتها وسعت "جودي فيتوري" من مؤسسة "كارنيغي" للسلام الدولي المناقشة بذكر وزارة الدفاع البحرينية في تعليقها، وأكدت "فيتوري" على الدور الذي تلعبه الولايات المتحدة والقوى الغربية الأخرى في توفير المعدات الأمنية للبحرين؛ تلك المعدات التي يتم استخدامها غالبا لإكراه المواطنين وقمعهم.
الدعم الأمريكي
وتوفر الولايات المتحدة 85% من المعدات العسكرية في البحرين، وأكدت "فيتوري" أن هذا الدعم يأتي في أشكال عديدة، مثل الأسلحة ومنتجات المراقبة.
وفي تقرير حديث، حصلت البحرين على أدنى تصنيف ممكن، وهو "F"، من حيث مستوى الشفافية في ميزانية الدولة، ولا يوجد في البلاد عمليات تدقيق مستقلة، ولا توجد إجراءات برلمانية تشرف على مثل هذه الأمور، ولا يتم الإعلان حتى عن الحجم الدقيق لميزانية الأمن، ما يجعل من المحتمل للغاية وجود مستويات عالية من الفساد.
وناقشت "فيتوري" أيضا الطائفية في البحرين، وشيطنة الشيعة، الذين يمثلون أغلبية في البلاد، من قبل العائلة المالكة السنية، وغالبا ما يتم تقديم الشيعة على أنهم موالون لإيران، ويتم استبعادهم أساسا من شغل مناصب حكومية.
ويستخدم هذا الشعور الطائفي لتبرير الحملات المعتادة على المعارضة، بما في ذلك الرقابة الواسعة على وسائل التواصل الاجتماعي، واقترحت "فيتوري" على الولايات المتحدة أن تستخدم نفوذها بصفتها المزود الرئيسي للأسلحة في البحرين، للإصرار على أن تنشر البحرين تقارير موازنة موثوقة.
وتحدث آخر المتحدثين، وهو "سيث بيندر"، عن العلاقة السياسية بين الولايات المتحدة والبحرين، معترفا أيضا بالدور الذي يلعبه الحليفان الإقليميان، المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة.
وأعرب "بيندر" عن أسفه لانشغال إدارة "ترامب" بإيران، حيث يزعم أن هذا الانشغال يتسبب في تجاهل واشنطن لانتهاكات حقوق الإنسان من قبل الدول الخليجية، وكرر "بيندر" تصريحات المتحدثين الذين سبقوه، داعيا الولايات المتحدة إلى استخدام نفوذها للمساعدة في تحسين معايير حقوق الإنسان في البحرين.
وأكد جميع المشاركين أن البحرين تعكس سلوك وسياسة السعودية، وإن كان على نطاق أصغر بكثير؛ حيث يسيطر على البلاد طبقة صغيرة سنية وأرستقراطية، وتغمر البلاد التفاوتات الاقتصادية الشديدة وانتهاكات حقوق الإنسان.
ومن خلال التركيز على دولة يتم التغاضي عنها في كثير من الأحيان مثل البحرين، أكدت حركة "أمريكيون من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان في البحرين" على أهمية محاسبة جميع منتهكي حقوق الإنسان بلا استثناء.