دول » البحرين

إعدامات تبعتها مظاهرات غاضبة في البحرين.. ما علاقة "اللاعبون بالنار"؟

في 2019/07/29

الخليج أونلاين-

من جديد عادت السلطات البحرينية لتنفيذ أحكام الإعدام بحق المعارضين، متجاهلةً المناشدات الحقوقية المحلية والدولية، الداعية إلى وقف تنفيذ تلك الأحكام وإعادة محاكمة المتهمين بشكل عادل.

وأعدمت المنامة، السبت 27 يوليو 2019، مدنيين اثنين، قالت وكالة الأنباء البحرينية الرسمية، إنهما أُدينا في قضايا تتعلق بالانضمام إلى "جماعة إرهابية" (لم تكشف عنها)، في حين ترفض المعارضة تلك الاتهامات وتصفها بـ"المسيّسة".

ويرى كثيرون أن تنفيذ أحكام الإعدام هذه، رغم الانتقادات الدولية، جاء لتغطية ما كشفته قناة "الجزيرة" بشأن علاقة النظام البحريني بتنظيم القاعدة، في حين شهدت البحرين تظاهرات جديدة طالبت الملك حمد بن عيسى آل خليفة بالتنحي. 

"ما خفي أعظم"

جاءت الإعدامات التي شهدتها البحرين، بعد أسبوعين على بث قناة "الجزيرة"، منتصف يوليو الجاري، تحقيقاً كشف علاقة النظام البحريني بتنظيم "القاعدة" واستخدامه لتصفية المعارضين، إضافة إلى استخدام القوة في تفريق المعتصمين، بـ"دوار اللؤلؤة"، في مارس 2011، والذي انتهى بسقوط قتلى وجرحى من المحتجين.

وقبل تنفيذ حكم الإعدام، كتب مغرد بحريني شهير يدعى "نائب نائب"، على صفحته في "تويتر"، قائلاً: "من أجل التغطية على آثار وأصداء حلقة #اللاعبون_بالنار ضمن برنامج #ماخفي_اعظم، ستقْدم وزارة الداخلية في البحرين على إعدام مُدانين في قضايا أمنية".

ورأى نائب رئيس منظمة "سلام للديمقراطية وحقوق الإنسان"، يوسف المحافظة، أن السلطات البحرينية حاولت التغطية على ما كشفه البرنامج، من خلال "استهداف الحلقة الأضعف وإعدام معارضين وضحايا تعذيب، في محاولة بائسة لبث اليأس والرعب في نفوس الطامحين للديمقراطية".

وتعليقاً على تحوُّل وكالة الأنباء البحرينية إلى منصة لإعلانات الولاء من عائلات بحرينية للملك، قال آخر: "ما زال الألم مستمراً وما زال الجرح ينزف بعد مرور أكثر من أسبوعين على #ماخفي_اعظم، واللجوء للعوائل والقبائل في #البحرين هو الملاذ الأخير للنظام قبل السقوط".

شرارة الاحتجاجات

ولعل الإعدامات وحلقة برنامج "ما خفي أعظم" أعادتا الاحتجاجات مجدداً إلى البحرين، وهو ما قد ينذر بشرارة قد تفجر المظاهرات على نطاق واسع.

وشهدت البحرين تظاهرات، السبت 27 يوليو 2019، (يوم تنفيذ حكم الإعدام)، شارك فيها مئات من المعارضين، واستخدمت قوات الأمن القوة لتفريق المحتجين، الذين رددوا شعارات مناهضة طالبت الملك بـ"التنحي عن الحكم"، وبإسقاط النظام، لتعود الشعارات ذاتها التي رُدِّدت في احتجاجات 2011.

وأدت الصدامات إلى وفاة شاب بحريني، الأحد (28 يوليو 2019)، عقب اشتباكات بين الشرطة ومتظاهرين مناهضين للحكومة.

وذكرت وكالة الأنباء الألمانية أن شاباً يدعى محمد المقداد (22 عاماً)، لفظ أنفاسه الأخيرة بمستشفى محلي (في البحرين)، بعد أن عُثر عليه فاقداً للوعي في شوارع قرية "البلاد القديمة" بضواحي العاصمة المنامة، ليل السبت.

وشهدت المنطقة اشتباكات بين الشرطة، التي استخدمت الغاز المسيل للدموع، ومواطنين يحتجون على إعدام السلطات البحرينية بحرينيَّين اثنين، وقالت وزارة الداخلية على حسابها في "تويتر": إن المقداد "مات لأسباب طبيعية".

وكانت آخر احتجاجات شهدتها البحرين في 2017، على خلفية الإعدامات التي نفذتها المنامة حينها، في حين كانت كبرى المظاهرات قد وقعت في 2011، والتي ارتكبت خلالها قوات الأمن جرائم بحق المحتجين.

هل تعود الإعدامات؟

بدأت السلطات البحرينية تنفيذ أحكام الإعدام السياسية من جديد في عام 2017، بعد أن أعدمت ثلاثة معارضين اتُّهموا باغتيال ضابط شرطة إماراتي في أثناء قمعه احتجاجاً شعبياً في 2014.

ومنذ 1996، وهو العام الذي أعدمت فيه السلطات المعارض البحريني عيسى قمبر، في أثناء ما عُرف بـ"انتفاضة التسعينيات" في البحرين، وهي احتجاجات عنيفة اشتعلت ضد حكم والد الملك الحالي، لم تنفذ السلطات أي حكم إعدام بحق أي مواطن بحريني حتى إعلان إعدام ثلاثة أشخاص في عام 2017.

وتنفيذ حكم الإعدام الجديد بحق ثلاثة أشخاص في البحرين رمياً بالرصاص (أحدهم في قضية جنائية)، يأتي بعد أيام من إعلان الولايات المتحدة الأمريكية أنها ستعيد تطبيق عقوبة الإعدام الفيدرالية لأول مرة منذ ما يقرب من عقدين، وهو توقيت مثير للجدل.

وبحسب السلطات البحرينية، فإن اثنين ممن أُعدموا -وهما "أحمد الملالي وعلي العرب"- أُدينا مع 56 آخرين بـ"الانضمام إلى جماعة إرهابية، وارتكاب جرائم قتل، وحيازة متفجرات وأسلحة نارية للقيام بأعمال إرهابية". أما الثالث فهو من جنسية أجنبية اتُّهم بقتل مقيم آخر كان يعمل إمام مسجد.

تهديدات بالانتقام

في ضوء ذلك هددت جماعة مسلحة في البحرين تدعمها إيران، بشن "أعمال انتقامية" ضد الدولة والأمن في المملكة، وذلك على خلفية إعلان المنامة إعدام علي محمد العرب وأحمد عيسى الملالي.

ونقلت وسائل إعلام إيرانية عن جماعة تطلق على نفسها اسم "سرايا الأشتر" (مصنَّفة إرهابية في البحرين)، قولها: إن "تنفيذ الإعدام بحق العرب والملالي سيكلف النظام بالبحرين في الأيام المقبلة".

واعتبرت أن "عمليات الإعدام ستعزز الاختيار وتقوّي المقاومة ضد السلطات في البلاد"، داعيةً من سمَّتهم "مقاتلي المقاومة" إلى التأهب والاستعداد؛ ومؤكدةً أن "الدم الذي سال اليوم في البحرين لا يمكن إيقافه إلا بخيار المقاومة"، وفق قولهم.

من جانبها، هددت جماعة تطلق على نفسها "سرايا وعد الله"، قوات الأمن البحرينية بشن هجمات تستهدفها، على خلفية إعدام "العرب" و"الملالي"، اللذين اعتقلتهما السلطات البحرينية في 9 فبراير 2017.

إدانات لتنفيذ الإعدامات

وتقول مجموعات حقوقية دولية ومحلية إن "الملالي" و"العرب" تعرضا للتعذيب الشديد، لانتزاع الاعترافات منهما، "وحوكما في محاكمات افتقرت إلى أدنى معايير المحاكمة العادلة".

وأدانت منظمات حقوقية عدة، تنفيذ حكم الإعدام، إذ وصفها منتدى البحرين لحقوق الإنسان بـ"المروعة".

ونددت منظمة العفو الدولية بإعدام الناشطين، وقالت في تغريدة: "مرة أخرى، تضرب البحرين بأبسط حقوق الإنسان عرض الحائط بإنهائها حياة الشابين، إثر محاكمة كان فيها التعذيب دليلَ إدانة. هذه الإعدامات انتكاسة شديدة للحقوق في بلد يتشدق مسؤولوه بالتزامهم معايير الإنصاف والعدالة".

كما ندّد الاتحاد الأوروبي، في اليوم ذاته، بتنفيذ البحرين الإعدامات الأخيرة، قائلاً: إن "عقوبة الإعدام قاسية وغير إنسانية، لا تنفع كرادع، وتمثل إنكاراً للكرامة الإنسانية".

من جهتها، قالت لُمى فقيه، مديرة قسم الشرق الأوسط بالإنابة في "هيومن رايتس ووتش"، إن ملك البحرين "ارتكب ظلماً كبيراً بتصديقه على حكم إعدام الرجلين، رغم مزاعم التعذيب وغيرها من بواعث القلق بشأن الإجراءات القانونية الواجبة".