متابعات-
أصبح ولي عهد البحرين، الأمير "سلمان بن حمد بن عيسى آل خليفة" يجمع بين يديه الملفات الدفاعية، إضافة إلى هيمنته على الملف الاقتصادي وسوق العمل منذ نحو عقدين في ظل أحاديث متواترة عن معاناة والده الملك من مرض لم يكشف عن تفاصيله.
فعلى الرغم من أن ولي العهد البحريني يعد من الناحية النظرية الرجل الثاني في البلاد، ونائب القائد الأعلى للجيش، لكنه لطالما طرحت أسئلة حول حجم النفوذ الذي يتمتع به في المؤسسة العسكرية، أقوى المؤسسات في المملكة، حيث لا يحدد دستور البحرين صلاحيات لولي العهد، إلا تلك التي يكلفه بها والده.
وفي 25 يناير/كانون الثاني الماضي، أصدر العاهل البحريني الملك "حمد بن عيسى آل خليفة" أمرا ملكيا بتشكيل لجنة تنفيذية عليا في "مجلس الدفاع الأعلى"، برئاسة ولي عهده ونجله الأمير" سلمان".
ويعتبر هذا المجلس، الذي يرأسه الملك ويضم قائد الجيش ووزير الداخلية وأبرز شخصيات عائلة "آل خليفة" الحاكمة، أرفع هيئة في البلاد، حيث يتولى رسم السياسات واتخاذ القرارات في المسائل الدفاعية والأمنية والعلاقات الخارجية، إضافة إلى قضايا النفط والطاقة، بينما تختص اللجنة الجديدة فيه، بتنفيذ قراراته، والقيام بالمهام الموكلة إليها من قبل الملك، وإبداء الرأي في المسائل التي تحال إليها.
ويقول مراقبون إن التشكيلة السباعية للجنة المستحدثة تعكس المزاج الراديكالي للملك، إذ، إضافة إلى ولي العهد، تضم اللجنة الجديدة في عضويتها 3 من أقطاب ما يعرف بـ"جناح الخوالد"، الأكثر تشددا في العائلة الحاكمة، وهم: وزير الديوان الملكي "خالد بن أحمد"، الذراع اليمنى للملك، وشقيقه الأصغر قائد الجيش "خليفة بن أحمد"، المساهم الأبرز مع ملك البلاد في إنشاء "قوة الدفاع" بتركيبتها المثيرة للجدل (التي تحوي كثيرا من المجنسين، مقابل إقصاء المواطنين الشيعة).
إضافة إلى رجل الظل القوي "أحمد بن عطية الله"، والذي يعد الرئيس التنفيذي لـ"خلية البندر" المتهمة بالعمل السري للإضرار بالوحدة الوطنية، والأخ غير الشقيق لولي العهد "ناصر بن حمد"، الذي حد من نشاطه بشكل ملحوظ، والشخصية السادسة في اللجنة هو وزير الداخلية "راشد بن عبدالله"، المقرب من القصر، أما الشخصية السابعة فهو وزير المالية "سلمان بن خليفة"، الرجل الأكثر قربا من ولي العهد.
ويعتقد أن الملك "حمد" عمل بشكل دؤوب على ردع الفعالية السياسية لابنه "ناصر"، ومنعه من منافسة ولي العهد، أو أن يشكل تهديدا فعليا للحاكم التالي المفترض للبلاد.
ومنذ عام 2013، تم تكريس ولي العهد رئيسا فعليا لمجلس الوزراء، ومع إعلان هذه اللجنة المستحدثة، قطع الشك باليقين في شأن مدى هيمنته على المؤسسة العسكرية، كما يمهد التعيين الجديد لانتقال سلس للسلطة، في حال شغور موقع الملك.
لكن هذا لا يعني أن الطريق سالكة في مواجهة أجنحة الحكم المتعددة، إذ يمكن توقع مرحلة تصفيات جديدة سيقوم بها ولي العهد في حال وصوله إلى سدة الحكم، قد يستغرق الانتهاء منها سنوات.
ولا تضم اللجنة المستحدثة أيا من الشخصيات الشيعية أو السنية البارزة، وهي صفة اتسم بها "مجلس الدفاع الأعلى"، كما لا تضم أيا من الشخصيات المقربة من رئيس الوزراء "خليفة بن سلمان"، الذي يعاني هو الآخر من أمراض مزمنة، تقعده حتى عن القيام بأدواره الشكلية في ترؤس الاجتماعات الدورية لمجلس الوزراء.
وعلى عكس ما يتردد في بعض أجهزة الإعلام من حديث عن نفوذ واسع لرئيس الوزراء، فقد تمكن الملك "حمد" من حسم الصراع مع عمه في السنوات الأولى من وصوله إلى الحكم قبل نحو عقدين من الزمن.
وعين ولي العهد، في عام 2013، نائبا أول لرئيس الوزراء، مع تسليم الأخير بحقيقة أرجحية الملك، وباستثناء لحظة 2011، التي اهتزت فيها صورة ولي العهد داخل الطبقة الحاكمة والجيش لأسباب عديدة، فقد استعاد الرجل بريقه سريعا، ثم عزز تموضعه مدعوما بوليي عهدي السعودية "محمد بن سلمان"، وأبوظبي "محمد بن زايد".