أحمد شوقي- راصد الخليج-
بعد التطبيع الاماراتي مع العدو الاسرائيلي، التحقت البحرين بركب خيانة القضية العربية المركزية واصبحت (اسرائيل) هي الصديق وفلسطين هي العدو، في انقلاب تاريخي عربي غير مسبوق على ثوابت الشرف والمروءة وكل القيم التي يتفاخر بها العرب على مدى تاريخهم.
اللافت ان المقاومة للمشروع الصهيوني هي التي يراد لها ان تنزوي وتنعزل وتصبح هي الجريمة، وبدلا من ان يتوارى المطبعون والخونة خجلا، اتخذوا موقعا هجوميا يصف المقاومة بالارهاب وبانها امتداد لمشاريع غير عربية مثل المشروع الايراني الذي يصفوه بأنه مشروع طامع ومناقض للمشروع العربي!
والانكى من ذلك ان هناك احتماء بالقومية العربية التي طالما حاربتها دول الخليج عندما شكلت تكتلا مقاوما، وقاد الخليج حملة عليها باعتبارها بدعة مناقضة للاسلام وانها مشروع انفصالي يخل بوحدة المسلمين، والتي اريد لهم ان يتوحدوا وقتها على ضرب التحرر العربي والمقاومة بقيادة انظمة التحرر وعلى رأسها مصر عبد الناصر.
واليوم تستخدم القومية كستار للتفريط والخيانة بدعوى التكتل في مواجهة مشروعات (فارسية) وغيرها من المسميات، والغرض ايضا هو ضرب مشروع المقاومة.
هنا لا بد من الوقوف امام مفهوم القومية العربية وضبطه، والتفريق بين كونه حقيقة علمية تمثل هوية تجمعها اللغة والتاريخ والمشتركات الثقافية والوجدانية، وبين القومية كايدلوجية سياسية تمثل مشروعا مقاوما يهدف للتكتل والتعاون لمواجهة الهيمنة والاستعمار والصهيونية.
فالعروبة هوية حضارية وليست عرقية وعنصرية، وتجمعها قيم الشرف والكرامة، ومن يشذ عن هذه القيم لا يمثل العروبة الحضارية في شئ، وانما هو عربي بالجنسية او العرق.
والمشروع القومي العربي هو مشروع تحرر وطني يتحالف مع كل مشروعات التحرر الوطني دون اعراق او هويات، ويتناقض مع كل مشروعات الرجعية والخيانة والتعاون مع الاستعمار حتى لو كانت من العرب العاربة.
هكذا نفهم العروبة ونفتخر بها، وهكذا نفهم المشروع القومي العربي كايدلوجية سياسية.
اما استغلال القومية لمناصرة العربي الخائن والمفرط على حساب غير العربي المقاوم والشريف، فهو درب من دروب العنصرية المقيتة ولا يمت الى القيم او الاخلاق او حتى السياسة في شئ.
فالوطن العربي شئنا ام ابينا ينظر له الاستعمار ككتلة واحدة، وان لم يتعاطى العرب مع امنهم بهذه النظرة ويعتمدون خيار المقاومة، فهم لا يفقهون شيئا، لا في السياسة، ولا في الامن.
ان الفكر القومي العربي بحاجة الى مراجعات وتوصيفات اكثر دقة وحدة للعروبة وللمشروع، وللتأكيد على خيار المقاومة واستبعاد المفاهيم التي تتميز بالميوعة الايدلوجية، من حيث استيعاب المشروعات الخيانية بدعوى العروبة، ومن حيث تحديد التناقضات الرئيسية والثانوية، ومن حيث تحديد التناقضات بالاساس، حيث يجب ان يوضع التحرر الوطني على راس قائمة التحالف والتعاون، وان يوضع التفريط على رأس قائمة الاستبعاد والعداء.
ان لم يحدد الفكر القومي مشروعه بدقة فهو مهدد بأن يصبح مشروعا رجعيا لا فائدة منه.
وعلى شعوب الخليج مسؤولية كبرى في ذلك، فإن ارتضت بقيادة مشروع التفريط الراهن والصمت عليه، فهي تدشن لنفسها هوية جديدة، ولن تتسامح الاجيال القادمة مع هذا الجيل على ما اقترفه من جريمة مثل التي ترتكب حاليا.