دول » البحرين

كورونا في سجون البحرين.. واقع لا تنفيه الحكومة ولا تعالجه انتقادات الخارج

في 2020/11/24

الخليج أونلاين-

تواصل السلطات البحرينية تجاهل التحذيرات الدولية من تحول سجونها المكتظة بسجناء الرأي إلى بؤرة لوباء كورونا، وذلك رغم ظهور العديد من الإصابات بين المساجين خلال الشهور الماضية.

وتعتبر البحرين واحدة من أكثر دول الخليج انتهاكاً لحقوق السجناء، وهو ما يضعها دائماً في مرمى انتقادات المنظمات الحقوقية العالمية والإقليمية.

ومنذ بدء تفشي الوباء ظهرت العديد من الشهادات التي تؤكد وجود عشرات الإصابات في صفوف المساجين، وهو ما تنفيه المنامة بشكل متواصل، وإن كانت تعترف أحياناً بوجود إصابات دون تحديد عددها أو توضيح وضعها الصحي.

ويوم الاثنين (23 نوفمبر)، قالت وزارة الداخلية البحرينية إن بعض الموقوفات داخل أحد مراكز الإبعاد أصبن بالفيروس، وإن الجهات اتخذت الترتيبات اللازمة للتعامل مع الأمر.

لكن الوزارة كما هي الحال دائماً لم تفصح عن عدد المصابات ولا عن جنسياتهن ولم توضح الحالة الصحية لهن، ما يعزز الانتقادات المستمرة لتعامل المنامة مع هذه الجائحة.

وإجمالاً تعتبر المملكة الصغيرة واحدة من أكثر الدول إصابة بالفيروس بالنظر إلى قلّة سكانها البالغ عددهم مليوناً و484 ألف نسمة وفق إحصاءات 2019.

وتجاوز مجموع الإصابات بالفيروس في البحرين حتى (الاثنين 23 نوفمبر) الـ85 ألفاً و700 حالة، تعافى منهم أكثر من 83 ألفاً و800 مصاب، وتوفي 339.

تقارير تنفيها الحكومة

ومنذ مارس الماضي، تواترت الأنباء والتقارير بشأن تفشي الوباء في مراكز الاحتجاز البحرينية، وحذرت تقارير دولية من أن تتحول هذه المراكز إلى أرض خصبة للمرض الذي يجتاح العالم من أدناه إلى أقصاه.

وفي أبريل، نقلت وكالة "رويترز" عن سجناء سياسيين في سجن "جو"، أنهم يخشون الإصابة بفيروس كورونا في ظل اكتظاظ السجون.

وقال المتحدثون إن الزنزانة الواحدة يتقاسمها نحو 15 شخصاً، وهي لا تتسع إلا لثمانية أشخاص، وإن سلطات السجن منعت الزيارات العائلية كتدبير وقائي.

ورغم منع الزيارة- يضيف المتحدثون- فإن الوزارة لم تلزم حراس السجن وغيرهم من العاملين بارتداء أي وسائل وقاية.

لكن الحكومة البحرينية ردت على ما نشرته "رويترز" بقولها إنها "ملتزمة تماماً" بحماية السجناء، وإنها تفحص النزلاء بانتظام.

ورغم التصريحات الحكومية، فقد طالب 60 عضواً بالبرلمان الأوروبي، في يونيو، ملك البحرين حمد بن عيسى، بإطلاق سراح سجناء الرأي والمعتقلين السياسيين البارزين الذين ما زالوا خلف القضبان.

وعبر البرلمانيون الأوروبيون في رسالة بعثوا بها إلى بن عيسى، عن قلقهم إزاء بقاء السجناء خلف القضبان، وخاصة من يعانون وضعاً صحياً مزمناً يعرض حياتهم للخطر مع تفشي فيروس كورونا بشكل متزايد في البلاد.

إصابات بسجن "جو"

في المقابل، كشف مدير معهد البحرين للحقوق والديمقراطية (بيرد)، سيد الوداعي، إدخال عدد من المعتقلين في مبنى رقم 13 بسجن "جو" المركزي إلى العزل الصحي، بعد ذهابهم إلى عيادة السجن ومخالطتهم لشخص مصاب بالفيروس في العيادة. 

وطالب الوداعي عبر حسابه في "تويتر"، إدارة السجن بالتحلّي بالشفافية والمسؤولية، وتوضيح ما يحصل في السجن، واتخاذ الإجراءات المناسبة لضمان سلامة المعتقلين.

وبعد ثلاثة أيام من حديث الوداعي، عبّرت 21 منظمة غير حكومية عن مخاوفها بشأن خطر العدوى الذي يواجهه السجناء.

ومن بين هذه المنظمات: منظمة العفو الدولية، وهيومن رايتس ووتش، والمركز الأوروبي للديمقراطية وحقوق الإنسان، وأمريكيون من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان في البحرين.

كما قالت عضوة منظمّة "سلام" للديمقراطيّة وحقوق الإنسان، ابتسام الصائغ، إنّها تلقّت اتصالاً من أحد المعتقلين في سجن جوّ (بمبنى 13)، يؤكد وجود 16 مصاباً بالفيروس.

وفي يوليو الماضي، نقلت قناة "الميادين" عن رئيس منتدى البحرين لحقوق اﻹنسان، باقر درويش، قوله إنه خلال 2019 رُصد 352 انتهاكاً لحقوق تلقي العلاج المناسب واللازم.

وبحسب درويش، فإن أكثر من 200 سجين أصيبوا بمرض الجرب في الفترة الماضية؛ نتيجة الإهمال الصحي.

ووثقت "هيومن رايتس ووتش" ومنظمات حقوقية أخرى مشاكل مستمرة في سجون البحرين، بما في ذلك الاكتظاظ ومشاكل النظافة.

وتقول المنظمات إن مرض الجرب تفشى بعدد من مراكز الاحتجاز في يناير 2020، وأصاب أكثر من نصف المحتجزين.

وأشارت إلى أنه "حتى في العام 2016، وجدت وكالة حكومية أن بعض المباني في سجن "جو" عانت من سوء النظافة وتفشي الحشرات".

ولم تعلق الحكومة على التسريبات، كما أنها لا تفصح عن أي معلومات تتعلق بأوضاع المعتقلين السياسيين تحديداً في ظل انتشار الوباء، فضلاً عن عدم وجود إحصاءات رسمية لعدد الإصابات في السجون عموماً.

وضع مرعب

تقول مديرة مجلس جنيف للحقوق والحريات لمياء فضلة، إنه لا يخفى على أحد أن ظروف الاحتجاز في المنطقة العربية ككل غير لائقة وغير إنسانية حيث تعاني السجون من الاكتظاظ وانعدام شروط النظافة ونقص الرعاية الصحية والأدوية وسوء التغذية، فضلاً عن سوء المعاملة والتعذيب في بعض الحالات.

وأوضحت "فضلة"، في حديث لـ"الخليج أونلاين"، أن "كل هذه العوامل سهلت من انتشار فيروس كورونا في أوساط السجناء في عدد من الدول خلال الموجة الأولى من تفشي الجائحة".

واستكملت قائلة: "ها هي اليوم الموجة الثانية من الكورونا تجتاح الدول العربية والخليجية وتهدد مجدداً فئة السجناء في ظل غياب اجراءات احترازية تقي من الإصابة بالفيروس القاتل".

ولفتت إلى أن "البحرين من الدول التي أظهرت ضعفاً وعجزاً في تسيير أزمة كورونا بوصول عدد الإصابات فيها إلى أكثر من 85700 حالة و338 حالة وفاة"، واصفة الرقم بأنه "مرعب في بلد يبلغ تعداد سكانه حوالي 1.5 مليون شخص".

وبينت أن هذه الأرقام "تعكس فشل حكومة البحرين في تسيير هذه الأزمة الصحية"، مستدلة بالإعلان عن إصابة عدد من الموقوفات على ذمة قضايا تتعلق بمخالفات شروط الإقامة، بفيروس كورونا.

وقالت إن هناك "تخوفاً من ارتفاع عدد المصابين لأن الفيروس سريع الانتشار، وبالنظر لوضعية السجون في البحرين يجب على السلطات البحرينية التفكير بجدية في تبني إجراءات عاجلة تحد من انتشار الفيروس ومراقبة مدى التزام هيئات السجون بالإجراءات الاحترازية المعمول بها".

وأشارت إلى أن السجون البحرينية سبق أن سجلت أزمات صحية كتلك التي حدثت سنة 2016، عندما انتشر وباء الجرب في أوساط السجناء وأمراض جلدية أخرى بسبب قلة النظافة وتفشي الحشرات.

واعتبرت "فضلة" إطلاق السلطات البحرينية سراح عدد من السجناء من الفئات المعرضة أكثر للخطر، مثل النساء الحوامل، خلال الموجة الأولى من تفشي الفيروس "إجراءً غير كاف للحد من انتشار الوباء في أوساط السجناء".

وطالبت بـ "تحسين ظروف الاحتجاز في كل السجون، وتوفير الرعاية الصحية اللازمة، وضمان التطهير والتعقيم لكل الأسطح والأماكن التي يكونون فيها"، إضافة إلى تحسين التغذية والنظافة، وتقليص عدد المحتجزين في الزنزانة الواحدة، وعزل المصابين في مؤسسات صحية متخصصة فور التأكد من إصابتهم.

واعتبرت أزمة كورونا فرصة ثمينة لسلطات المنامة "لاتخاذ قرارات عفو عن بعض المعتقلين السياسيين والمحتجزين ظلماً، خاصة أن البحرين تحتل المراكز الأول عربياً في نسبة عدد السجناء (حوالي 4 آلاف سجين)، أي بمعدل 301 سجين من كل مئة ألف من السكان".