متابعات-
ماذا يعني تصنيف دولتي الإمارات والبحرين "شريكين أمنيين استراتيجيين" للولايات المتحدة؟ سؤال فرض نفسه على مناقشات مراقبي الشأن الخليجي والأمريكي خلال الساعات الماضية، وتحديدا بعد إعلان واشنطن التصنيف، السبت، دون بيان للامتيازات التي تحصل عليها الدول المتمتعة به دون غيرها.
عنوان التصنيف من الجانب الأمريكي أعطاه أهمية استثنائية، خاصة أن "مراتب" الدول في علاقاتها بالولايات المتحدة تتعلق بمثل هذه التصنيفات بشكل وثيق.
كما اكتسب التساؤل بشأن ما يعنيه التصنيف الأمريكي الجديد أهمية أخرى من زاوية تأثيره على "الخدمات" التي تحصل عليها الولايات المتحدة نظير وجودها العسكري في كل من البحرين والإمارات.
فالبحرين تستضيف الأسطول الخامس للبحرية الأمريكية، فيما يبقى ميناء جبل علي الإماراتي أكثر الموانئ طلبا من جانب السفن الحربية الأمريكية خارج الولايات المتحدة.
وتستضيف البحرين حوالي 5000 جندي أمريكي، بينما تستضيف الإمارات 3500، أغلبهم في قاعدة الظفرة الجوية.
لكن بيان البيت الأبيض بشأن "حيثيات" التصنيف جاء ليضع علامة استفهام جديدة بدلا من الإجابة على التساؤل؛ إذ اكتفى بالربط بين مفهوم "الشريك الأمني الاستراتيجي" وبين توقيع الإمارات والبحرين اتفاقيتي تطبيع للعلاقات مع دولة الاحتلال الإسرائيلي في 15 سبتمبر/أيلول الماضي.
وذكر البيان أن "تطبيع العلاقات بين دولتي البحرين والإمارات وإسرائيل يعكس شجاعة قيادتهما غير العادية"، مشيرا إلى أن البلدين الخليجيين يشاركان منذ فترة طويلة في التدريبات العسكرية الأمريكية.
المعتمد الرسمي للتصنيفات الأمريكية لا يقدم إجابة، أيضا؛ إذ أن حلفاء الولايات المتحدة ينقسمون بموجبه إلى 3 فئات رئيسية هي: حلفاء من داخل حلف شمال الأطلسي (الناتو)، وحلفاء رئيسيين من خارج الناتو، وإسرائيل، التي تتمتع وحدها بتصنيف خاص بين الحلفاء الأمريكيين.
ويعتبر مصطلح "حليف رئيسي خارج الناتو" معبرا عن تصنيف يقدمه حلف الناتو أو الإدارة الأمريكية للدول التي لا تتمتع بعضوية الناتو، لكنها ترتبط بعلاقات قوية مع الحلف عموما ومع الولايات المتحدة خصوصا.
ويمنح وضع "حليف رئيسي من خارج الحلف" الدولة المختارة ميزة تفضيلية للحصول على المعدات والتكنولوجيا العسكرية الأمريكية، ويعطيها الأولوية في التعاون بمجال التدريب.
ويختلف هذا الوضع عن الوضع مع حلفاء الناتو الذي يحظون باتفاقية دفاع مشترك مع الولايات المتحدة، وهي ميزة لا تتوفر لحلفاء واشنطن من غير الأعضاء في الحلف الأطلسي.
أما إسرائيل فهي تشغل منزلة خاصة حسب التصنيف الأمريكي المعتمد منذ ديسمبر/كانون الأول 2014، عندما أقر مجلس النواب قانون الشراكة الاستراتيجية بين واشنطن وتل أبيب، الذي يضع إسرائيل بدرجة واحدة مميزة فوق تصنيف الحلفاء الرئيسيين من خارج الناتو.
ونص القانون صراحة أنه يهدف إلى مساعدة إسرائيل في الحفاظ على "تفوق عسكري نوعي" على خصومها، وتقديم دعم إضافي لها في مجالات العسكرية والطاقة والتعاون التجاري والأكاديمي.
ولما كانت "البحرين" تتمتع فعليا بتصنيف "الحليف الرئيسي من خارج الناتو"، ضمن 18 دولة بينها الكويت ومصر والأردن وتونس والمغرب، فإن إعلان الولايات المتحدة عن تصنيف "الشريك الأمني الأستراتيجي" الجديد يقدم مضمونا افتراضيا مفاده حصول البحرين على امتيازات إضافية على وضعها السابق، وهو ما لم يذكره بيان البيت الأبيض.
وإزاء ذلك، فإن التصنيف الأمريكي المعلن للإمارات والبحرين يبقى بلا امتيازات محددة حتى الآن، ما يعني أن البلدين الخليجيين حصلا على "مكافأة" معلومة السبب (وهو التطبيع الذي ورد في بيان البيت الأبيض) ومجهولة القيمة.
ويرجح المراقبون أن التعريف الدقيق للتصنيف الجديد للإمارات والبحرين لن يتضح إلا في عهد الرئيس الأمريكي المنتخب "جو بايدن"، الذي يتسلم مهامه بعد 4 أيام (20 يناير/كانون الثاني الجاري).
فهل تميز إدارة "بايدن" المنامة وأبوظبي بوضع خاص، أقل من إسرائيل وأعلى من الحلفاء الرئيسيين خارج الناتو؟ أم تكتفي باعتبار بيان البيت الأبيض "مكافأة معنوية" قدمتها إدارة الرئيس المنتهية ولايته "دونالد ترامب" في أيامها الأخيرة؟ الأيام المقبلة تحمل الخبر اليقين.