سلمى حداد - الخليج أونلاين-
تعيش علاقات الأردن مع الإمارات والبحرين أزهى عصورها في ظل التوافق الكبير بالمواقف السياسية إزاء القضايا الإقليمية والدولية لدرجة وصلت إلى حد التحالف بين الدول الثلاث، كما يرى خبراء.
وخلال السنوات الأخيرة كثف زعماء البلدان الثلاثة الزيارات المتبادلة والمباحثات الثنائية بهدف دعم علاقاتهم وتداول القضايا التي تخص المنطقة، خاصة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية والأزمة في سوريا والحرب باليمن.
زيارات متبادلة
أحدث هذه الزيارات كانت خلال هذا الأسبوع، حيث أجرى العاهل الأردني عبد الله الثاني، زيارة إلى مملكة البحرين وتبعها بزيارة للإمارات.
وخلال زيارته البحرين، الاثنين 22 نوفمبر 2021، عقد الملك الأردني مباحثات مع نظيره حمد بن عيسى آل خليفة، تناولت العلاقات الأخوية التاريخية بين البلدين وآخر المستجدات الإقليمية والدولية.
وأكد الملك عبد الله، خلال المباحثات متانة العلاقات بين الأردن والبحرين، والحرص على تعزيزها.
من جانبه، أشاد العاهل البحريني بعمق العلاقات الثنائية الأخوية الوطيدة، وبالمستوى المتقدم من التعاون القائم، وبإسهامات الجالية الأردنية في مملكة البحرين في عملية التنمية والتطوير في المجالات كافة.
وأعرب الجانبان عن ارتياحهما لمستوى التبادل التجاري بين البلدين، وما وصلت إليه العلاقات الاقتصادية والتجارية من تقدم ونمو.
كما أكد الزعيمان مواصلة التنسيق والتشاور حيال مختلف القضايا ذات الاهتمام المشترك خاصة القضية الفلسطينية.
وتطرقت المباحثات إلى آخر التطورات المتعلقة بالملف السوري، إذ بيّن العاهل الأردني دعم بلاده لجهود الحفاظ على سيادة سوريا واستقرارها ووحدة أراضيها وشعبها.
وعقب اختتام زيارته إلى البحرين توجه الملك عبد الله الثاني إلى العاصمة أبوظبي، واجتمع مع ولي عهدها محمد بن زايد آل نهيان.
مباحثات شاملة
ووفق وكالة الأنباء الأردنية الرسمية فقد أجرى الملك عبد الله مباحثات مع آل نهيان، تناولت العلاقات الأخوية بين البلدين، والمستجدات في المنطقة والقضايا العربية.
ونقلت عن الملك عبد الله وبن زايد اعتزازهما بمستوى العلاقات المتينة التي تجمع بين المملكة الأردنية ودولة الإمارات، وحرصهما على توسيع التعاون في مختلف المجالات، خصوصاً الاقتصادية منها.
وشددا على أهمية العمل من أجل تعزيز الشراكات التنموية التي تعود بالنفع على البلدين، وتحقق الازدهار والتنمية المستدامة، وتوفّر الحلول للمشاكل والتحديات التي تواجهها المنطقة، بما يضمن مستقبلاً أفضل.
وخلال اللقاء، أكد الملك الأردني أهمية العمل من أجل تحقيق السلام العادل والشامل على أساس حل الدولتين، الذي يضمن قيام الدولة الفلسطينية المستقلة على خطوط الرابع من يونيو عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية.
وفيما يتصل بالتطورات في الملف السوري، جدد الملك عبد الله تأكيد دعم الأردن لجهود الحفاظ على سيادة سوريا واستقرارها ووحدة أراضيها وشعبها.
من جهته أكد ولي عهد أبوظبي حرص الإمارات على تنمية التعاون مع الأردن، خاصة في المجالات الاقتصادية والاستثمارية والتجارية والطاقة والبيئة، بما يخدم التنمية المستدامة في البلدين ويحقق تطلعاتهما.
علاقات اقتصادية
وعلى صعيد جذور العلاقات فإن الأردن شريك تجاري مهم للإمارات، حيث بلغ إجمالي التجارة الخارجية غير النفطية بين الجانبين العام الماضي نحو 2.83 مليار دولار أمريكي، فيما ارتفعت نسبة إعادة التصدير من الإمارات إلى الأردن بنسبة تزيد على 19% في العام 2019، حسب بيانات رسمية صادرة عن الدولتين.
وتبلغ قيمة الاستثمارات الإماراتية في الأردن نحو 17 مليار دولار، وتشمل مجموعة متنوعة من القطاعات مثل الزراعة والسياحة والطاقة المتجددة والبنية التحتية وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات والنقل الجوي والبري.
وفي المقابل كان للاستثمارات الأردنية في الإمارات حضور ناجح في العديد من الأنشطة مثل التأمين والعقارات والصناعات التحويلية وتجارة الجملة والتجزئة والنقل والتخزين.
ووقع البلدان، خلال الأعوام الماضية، العديد من الاتفاقيات لدعم وتعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية بينهما، كان أبرزها: اتفاقية إنشاء لجنة وزارية مشتركة، واتفاقية التعاون الاقتصادي والتجاري والتقني، كذلك تم توقيع مذكرة تفاهم لإقامة منطقة تجارة حرة، واتفاقية تشجيع وحماية الاستثمارات المتبادلة.
الكهرباء مقابل المياه
وكان أحدث تطورات العلاقات بين الدولتين توقيع "إسرائيل" والأردن والإمارات، في 22 نوفمبر 2021، اتفاقية "الكهرباء مقابل الماء"، في العاصمة أبوظبي.
وذكرت وكالة الأنباء الإماراتية الرسمية أنه وقع على الاتفاقية في دبي بدولة الإمارات، وزيرة الطاقة الإسرائيلية كارين إلهرار، ووزير المياه الأردني محمد النجار، والموفد الإماراتي لقضايا المناخ سلطان الجابر.
وأفادت بأن الاتفاق هو "إعلان نوايا" يتضمن مشروعاً واحداً مؤلفاً من محورين؛ وهما برنامج "الازدهار الأخضر"، ويشمل تطوير محطات طاقة شمسية كهروضوئية في الأردن بقدرة إنتاجية تبلغ 600 ميغاواط، على أن يصدر كامل إنتاج الطاقة النظيفة إلى "إسرائيل".
والمحور الثاني هو برنامج "الازدهار الأزرق" الذي يهدف إلى تطوير مشاريع تحلية مياه مستدامة في "إسرائيل" لتزويد الأردن بنحو 200 مليون متر مكعب من المياه المحلاة.
وأشارت الوكالة إلى أنه من المقرر أن يبدأ العمل في دراسات الجدوى الخاصة بهذا المشروع في عام 2022.
وفي يونيو الماضي، قال عبد الله بن طوق المري، وزير الاقتصاد الإماراتي، في تصريحات صحفية بعد اختتام اجتماعات الدورة الثانية للجنة الاقتصادية بين الإمارات والأردن: إن "العلاقات المتينة والراسخة بين الدولتين العربيتين تستند إلى روابط تاريخية ورؤية وإرادة مشتركة للقيادة الرشيدة للبلدين الشقيقين في مواصلة تعزيز الروابط الاقتصادية والثقافية والاجتماعية الوثيقة".
وأضاف الوزير الإماراتي أن "العلاقات الثنائية شهدت على مدار السنوات الماضية تطوراً مستمراً بمختلف أوجه التعاون سواء على المستوى الحكومي أو القطاع الخاص، إذ يشكل التعاون الثنائي الإماراتي-الأردني أحد أنجح نماذج العمل المُشترك على الصعيدين العربي والدولي".
نموذج يحتذى به عربياً
وعلى صعيد البحرين، فإن علاقات الأردن مع المملكة الخليجية تشهد تطوراً ملحوظاً خلال السنوات الأخيرة، من حيث التعاون في المجالات السياسية والاقتصادية والسياحية والثقافية وغيرها.
ويرتبط البلدان باتفاقيات منها التعليمية والثقافية والإعلامية والاقتصادية والشؤون الصحية والعلاج والرياضة والنقل الجوي والبري والتعاون العسكري والشرطي والجمارك.
وبلغ حجم التبادل التجاري بين الأردن والبحرين ما يقارب 105 ملايين دولار، حسب بيانات المالية الأردنية للعام 2020.
وفي تصريحات صحفية سابقة نقلتها وكالة الأنباء الأردنية (بترا)، قال سفير البحرين بالأردن أحمد بن يوسف الرويعي: إن "العلاقات بين المنامة وعمان قوية ومتميزة ويجمع قيادتي البلدين الحرص المشترك على تعزيز هذه العلاقات التي باتت نموذجاً يحتذى به للعلاقات العربية والإقليمية".
وأشار إلى أن البلدين تربطهما 16 اتفاقية و6 مذكرات تفاهم و3 بروتوكولات و4 برامج تنفيذية، في المجالات التعليمية والثقافية والاقتصادية والإعلامية والصحية والرياضية والنقل الجوي والبري والتعاون العسكري والأمني.
زيارة مهمة
ورغم متانة هذه العلاقات فإن زيارة الملك عبد الله الثاني الأخيرة لكل من الإمارات والبحرين تزيد من وتيرة توسع العلاقات مع الدولتين الخليجيتين.
وحول ذلك يقول الخبير الاستراتيجي الأردني، الدكتور عامر السبايلة، في حديث لـ"الخليج أونلاين": إن "مثل هذه الزيارات تعزز علاقات البلدان الثلاثة مع العلم أن الأردن والإمارات والبحرين متوافقة بشكل كبير في معظم السياسات الإقليمية ووصلت العلاقات بينها لحد التحالف السياسي بعدة محطات".
وأضاف السبايلة أن "هذه الزيارة هي جزء من الإطار التقليدي للعلاقات الأردنية الخليجية والتحالف العربي المحسوب على الأردن".
ولفت إلى أن الأردن كان له دور مع هذه الدول في بناء علاقات استراتيجية ثابتة خصوصاً فيما يتعلق بالتعاون بالمجال الأمني والتنسيق على جميع المستويات.
ووصف العلاقات بين الدول الثلاث بأنها "علاقة استمرارية وتحالف ثابت".
الأزمة السورية الأهم
وأشار إلى أن ما كان لافتاً في زيارة الملك للدولتين ما رشح عن اللقاءات من تناول لموضوع الأزمة السورية.
وأوضح الخبير الاستراتيجي أن المباحثات بين الملك عبد الله ونظيره البحريني وولي عهد الإمارات حول سوريا، يفسر رغبة الأردن في توسيع دائرة الصف العربي الداعم لفكرة عودة سوريا لجامعة الدول العربية.
وذكر أن توحيد الموقف العربي في هذه المرحلة يساعد الأردن لاحقاً على إنجاز فكرة عودة سوريا للجامعة العربية والانتقال لمرحلة متقدمة في موضوع إعادة إعمار سوريا والتعامل الاقتصادي معها.
وحول أهمية العلاقات الأردنية مع الإمارات والبحرين، يقول السبايلة: إن "هذا التحالف الثابت بين الدول الثلاث مهم لجميع الأطراف".
وأضاف: "قد يكون الأردن محتاجاً في هذه المرحلة إلى موقف خليجي داعم له بسبب التحديات التي يواجهها خاصة على الصعيد الاقتصادي".