يوسف حمود - الخليج أونلاين-
سباق محموم مع فتح باب التسجيل الرسمي لسباق الانتخابات البحرينية، حيث يتنافس العشرات على 40 مقعداً من أصل 80 هي مجمل المجلس الوطني، الأداة التشريعية في الدستور البحريني، فيما البقية يعينهم ملك البلاد لاحقاً، إضافة إلى انتخابات المجالس البلدية.
وبدأ العشرات من الراغبين بالمشاركة في الاستحقاقين التقدم بأوراق ترشحهم، وجزء كبير منهم من رجال الأعمال وأصحاب المصالح الداعمين للسلطة.
واتخذت التحضيرات زخماً أكبر في الأسابيع الأخيرة، وبدأ الإعلام الذي تسيطر الحكومة على معظمه في نشر أسماء المرشحين للاستحقاقين وبرامجهم الانتخابية، في وقتٍ ذهب بعض المرشحين المرتقب الإعلان عنهم للترويج لأنفسهم بتقديم هدايا وعروض كبيرة لأنصارهم.
خطوات مبكرة
ابتداءً من منتصف أبريل الماضي، بدأ السباق نحو انتخابات البحرين 2022، بإطلاق اللجنة العليا للانتخابات باكورة نشاطها الإعلامي؛ حيث انتشرت لافتات دعائية في عدد من طرقات وشوارع المملكة في جميع المحافظات وحملت شعار انتخابات 2022.
كما فعّلت اللجنة حساباتها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، من خلال نشر الشعار الانتخابي للانتخابات القادمة، وبدأت بالترويج للمساهمة الشعبية فيها.
وفي سياقٍ متصل، قالت صحيفة "الأيام" البحرينية، إن توجهاً لتطبيق التصويت الإلكتروني في الانتخابات النيابية والبلدية المقبلة، مشيرة إلى أن اللجنة المعنية بتنظيم الانتخابات القادمة في هيئة التشريع والإفتاء تدرس خيارات تطبيق التصويت الإلكتروني، وأنه سيشمل التصويت والفرز.
ولعل تلك الخطوات، جاءت بالتزامن مع التغييرات الحكومية التي أجريت مؤخراً، بعدما أصدر العاهل البحريني الملك حمد بن عيسى آل خليفة، في الـ13 من يونيو 2022، مرسوماً ملكياً يقضي بتعديل وزاري في عدد من المناصب.
عروض مغرية.. وميزانية كبيرة
وقبل نحو 4 أشهر من عقد الانتخابات في البحرين والتي ستقام في نوفمبر القادم، برزت العديد من الخطوات التحضيرية للانتخابات والهادفة جميعها لتسويق المرشحين الذين يرغبون بالتقدم للانتخابات لأنفسهم أمام الناخبين.
تمثلت تلك الخطوات بتبرعات سخية للمآتم والضيافات، وقدم آخرين تبرعات مالية وعينية سخية وغير مسبوقة للجمعيات والمؤسسات الدينية والخيرية، وبعضهم أعلنوا استعدادهم لتسيير رحلات مجانية لأنصارهم، وكانت خلاصة ما بدأ به المرشحون الذين بدأوا بالترويج لأنفسهم مبكراً.
وتنقل صحيفة "الأيام"، عن مصادر توقعها، أن تضخ العملية الانتخابية بما تتضمنه من حملات انتخابية ومصروفات حكومية أكثر من 20 مليون دينار (53 مليون دولار)، وأن تسهم في انتعاش القطاعات الإعلانية والإعلامية والضيافة والخدمات.
ووفق استطلاع للصحيفة على 30 شخصاً ممن أعلنوا عن عزمهم الترشّح للانتخابات القادمة، فإن متوسط المصروفات المتوقعة لكل مرشح ما مجموعه 30 ألف دينار (نحو 80 ألف دولار)، حيث يخطط البعض لإنفاق ما بين 15 ألف دينار (نحو 40 ألف دولار)، وبين 80 ألف (212 ألف دولار).
ونقلت عن أحد النواب الحاليين دون ذكر اسمه، أنه صرف حوالي 100 ألف دينار (256 ألف دولار) لحملته الانتخابية في انتخابات العام 2018، مؤكداً أنه وضع في الاعتبار المنافسة الحامية في الانتخابات القادمة.
ويقول الكاتب البحريني علي أحمد عبدالله، إن مجموعة من الجهات الرسمية والأهلية تستخدم وسائل الاتصال المختلفة في مدة حملات الانتخابات النيابية، مشيراً إلى أن كل جهة لها أهدافها وأغراضها الخاصة لهذا الاستخدام، وغالباً ما تكون لصالح الترويج للانتخابات وحث الناس للمشاركة فيها.
أما المرشحون، حسب ما أشار الكاتب في مقال له بصحيفة "الوطن"، فـ"يحاولون استخدام كل أنواع وسائل الاتصال للوصول إلى جمهور الناخبين".
ومن هذه الوسائل "الاتصال الشخصي الذي يعتمد بشكل أساسي على الاتصال المباشر بينهم وبين الأفراد، والاتصال غير المباشر عبر الهاتف، إلى أشكال أخرى من وسائل الاتصال مثل: الاتصال الجمعي والجماهيري الذي يعتمد على الخطب والمحاضرات، والتلفاز، والإذاعة، والصحافة، ومواقع التواصل الاجتماعي".
خطوات مهمة
تشير شخصيات بحرينية إلى العناوين المهمة التي يمكن التركيز عليها في البرامج الانتخابية، حيث يقول يوسف الهرمي العضو السابق بمجلس النواب، إن براثن البطالة وخطط القضاء عليها في ظل الآلية الحالية "تكاد لا ترتقى إلى مستوى حل هذا الملف الذي يتطلب استراتيجيات معينة وسلم أجور معين".
وأضاف: "لم يتحقق أي بارقة أمل، حيث سيكون هذا الملف عبئاً على المجالس النيابية القادمة في ظل غياب الرؤية المشتركة لحلحلة هذا الملف".
من جانبه قال خالد بومطيع رئيس تحرير "نشرة الفنر" الثقافية البحرينية، إن برلماني 2014 و2018، ساهما في فقد ثقة الناخب في المجلس النيابي وما ألحقاه من خسائر بالمجتمع والمواطن من خلال "فقد صلاحيات المجلس وتعديل قانون التقاعد وغيرها من الإخفاقات التي سببت ردوداً سلبية لدى الشعب البحريني".
وتابع في ندوة عقدت أواخر يوليو الماضي، قائلاً: "بات الواقع اليوم لماذا ننتخب؟ وهل هناك حاجة فعلية للمجلس؟ وبات مجلس النواب نفسه أداة للاسترزاق والثراء والحصول على الوجاهة الاجتماعية على حساب أولويات المواطن التي لم تعد في قمة الهرم".
برلمان بلا صلاحيات
في أبريل 2021، قلص مجلس النواب البحريني عدد النواب المشاركين في المناقشة العامة إلى 10 أعضاء فقط، على ألا تزيد مدة المناقشة لأي عضو عن خمس دقائق.
إضافة إلى هذه القيود، لا يجوز أن تتضمن المناقشة توجيه النقد أو اللوم أو الاتهام أو أن تتضمن أقوالاً تخالف الدستور أو القانون أو تشكل مساساً بكرامة الأشخاص أو الهيئات أو إضراراً بالمصلحة العليا للبلاد.
وكان المجلس ذاته قد منح أعضاءه وأعضاء مجلس الشورى المعيّنيين عام 2018 الحق في توجيه الأسئلة للوزراء لاستيضاح الأمور الداخلة في اختصاصهم، كما عدّل عام 2014 اللائحة الداخلية بما يقر اشتراط موافقة ثلثي المجلس على جدية استجواب أي وزير، ما جعل آلية الاستجواب شبه مستحيلة في البرلمان بتشريعاته الحالية.
وعلى ضوء ذلك، تشير التقارير الإعلامية والتصريحات المختلفة، إلى أن البرلمان المقبل لن يختلف عن البرلمان السابق، وإن مقاطعة قوى المعارضة الوطنية للاستحقاق مستمر، نتيجة ما تسميه المعارضة "التضييق السياسي".
وأثّر حل الجمعيات السياسية الكبرى في البلاد العام 2016 وما استتبعه من قوانين مثل قانون العزل السياسي، بشكل كبير على المشهد العام في البحرين، ودفع المعارضة بمختلف أطيافها وتلوناتها السياسية والفكرية إلى المقاطعة.
وترافق هذا الحراك مع دعوة رجل الدين الشيعي عيسى قاسم (أغسطس 2022)، الذي طالب بالوقوف في وجه ما وصفه بـ"المخطط الانتخابي في البحرين"، محذراً من مغبة المشاركة في الانتخابات.