طه العاني - الخليج أونلاين-
شهدت منطقة الخليج العربي قبل عامين هبوط أول طائرة إسرائيلية بشكل علني، في مطار العاصمة الإماراتية أبوظبي، وذلك في 31 أغسطس 2020، عقب نحو 3 أسابيع على إقامة علاقات رسمية بين البلدين، لتكون بداية لتبادل الرحلات بين "إسرائيل" والإمارات والبحرين.
وعقب الرحلة الإسرائيلية دشنت شركة الطيران الإماراتية "فلاي دبي" رحلات مباشرة أيضاً إلى تل أبيب من دبي، لتلتحق بها شركة "طيران الإمارات" في دبي وشركة "الاتحاد للطيران" في أبوظبي، و"طيران الخليج" البحرينية في وقت لاحق.
وكانت الإمارات و"إسرائيل" أعلنتا، في 13 من الشهر ذاته، عن اتفاق بوساطة أمريكية لتطبيع العلاقات، ثم انضمت البحرين إلى اتفاقية التطبيع التي جرى توقيعها بالعاصمة الأمريكية في سبتمبر 2020.
اهتمام إسرائيلي
وتعد الرحلة التجارية الإسرائيلية التي أطلق عليها "رحلة السلام"، تتويجاً لإعلان تطبيع العلاقات الإماراتية الإسرائيلية، حيث أقلعت طائرة "إلعال" لأول مرة من مطار بن غوريون الدولي قرب تل أبيب، ثم هبطت بعد نحو ثلاث ساعات في أبوظبي.
وكان على متن الرحلة الأولى وفد أمريكي - إسرائيلي رفيع برئاسة كبير مستشاري البيت الأبيض، جاريد كوشنر، ومستشار الأمن القومي الأمريكي، روبرت أوبراين، والمبعوث الأمريكي الخاص لإيران، برايان هوك، وعدد من كبار شخصيات إدارة الرئيس دونالد ترامب، وفق قناة الحرة الأمريكية.
أما الجانب الإسرائيلي في الوفد فيرأسه مستشار الأمن القومي، مائير بن شبات، ويضم حوالي 20 مسؤولاً من المقربين من رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو.
وقال متحدث إسرائيلي آنذاك إن الطائرة مزودة بنظام مضاد للصواريخ كما هو الحال في جميع طائرات شركة إلعال من هذا الطراز، وهي تقل أفراد أمن من جهاز الخدمة السرية الأمريكي، وجهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي (شين بيت) لحماية الوفدين.
من جانبه قال نتنياهو إنه يشاهد "بكثير من التأثر طائرة إسرائيلية في أبوظبي في وضح النهار"، واصفاً ما جرى بأنه "يوم تاريخي حقاً، عملت من أجله سنوات كثيرة من منطلق إيماني بأن السلام مقابل السلام سيؤدي إلى تحول كبير في المنطقة".
اتفاقية النقل الجوي
وبعد مرور نحو شهرين على الرحلة الإسرائيلية سيرت "الاتحاد للطيران" التابعة لحكومة أبوظبي، في 19 أكتوبر 2020، أول رحلة ركاب إماراتية إلى تل أبيب.
وفي 8 نوفمبر هبطت أول طائرة تابعة لشركة "فلاي دبي" الإماراتية في مطار بن غوريون الدولي، بمدينة تل أبيب، كما انطلقت أول رحلة تجارية بين مطاري دبي وتل أبيب، كما أعلنت شركة "طيران الإمارات"، في 23 يونيو 2022، تسيير أول رحلة إلى تل أبيب.
وأعلنت الإمارات، في 20 أكتوبر 2020، إبرام اتفاقية خدمات النقل الجوي مع "إسرائيل"، وأفادت وكالة الأنباء الإماراتية الرسمية "وام" حينها، بأن الاتفاقية التي أبرمت بين الهيئة العامة للطيران المدني في الإمارات وسلطة الطيران المدني في "إسرائيل" تتيح لشركات الطيران الإماراتية تشغيل 28 رحلة ركاب أسبوعياً إلى تل أبيب وعدد غير محدود من الرحلات إلى مدينة إيلات، بالإضافة إلى رحلات الشحن.
خلافات أمنية
وفي تطور لافت أعلنت "إسرائيل"، في 6 فبراير 2022، أنها تدرس إيقاف رحلات شركات طيران إسرائيلية إلى دبي بسبب خلاف حول ترتيبات أمنية.
وتخضع شركات الطيران الإسرائيلية لسلطة جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي (شين بيت) الذي قال إنه واجه خلافات مع نظرائه في دبي قد توقف الرحلات الجوية، لكنه لم يوضح ماهية تلك الخلافات.
ولم يمر سوى شهر على التهديدات الإسرائيلية بإيقاف الرحلات حتى أعلن جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي (شين بيت)، في 4 مارس 2022، أن "إسرائيل" والإمارات اتفقتا على ترتيب أمني يتيح لشركات الطيران الإسرائيلية استئناف جدول رحلاتها الكامل إلى دبي.
وأعلن الـ"شين بيت" التوصل إلى اتفاق مع النظراء الإماراتيين، وقال: "تم الاتفاق على مبادئ عمل وترتيبات أمنية مشتركة ستتيح لشركات الطيران الإسرائيلية معاودة الطيران إلى دبي بانتظام".
انخراط البحرين
وعلى خطا جارتها الإمارات، أعلنت البحرين من خلال ناقلها الوطني شركة "طيران الخليج"، إطلاق رحلات جوية مباشرة، للمرة الأولى، إلى "تل أبيب"، في 30 سبتمبر 2021.
وكانت الخارجية الإسرائيلية قد أعلنت، في 22 أكتوبر 2020، "اتفاقية طيران تاريخية بين "إسرائيل" والبحرين تسمح لكل منهما بتشغيل ما يصل إلى 14 رحلة تجارية أسبوعية بين البحرين ومطار بن غوريون".
كما تقرر تحريك "رحلات غير محدودة" بين البحرين ومدينة إيلات المطلة على خليج العقبة، إضافة إلى تشغيل 5 رحلات شحن أسبوعياً بين البلدين.
من جانبه، أكد مسؤول بحريني في شؤون الطيران المدني بوزارة المواصلات والاتصالات، لـCNN بالعربية، وقتها، استمرار التنسيق مع السلطات المعنية في "إسرائيل" بشأن التعاون في مجال النقل الجوي.
وأوضح المسؤول البحريني أن ذلك يأتي استكمالاً للجهود المبذولة بين البلدين في تعزيز التعاون المشترك، في ضوء زيارة الوفد الإسرائيلي للمملكة وتوقيع عدد من مذكرات التفاهم في مجالات مختلفة.
خطر قادم
ويؤكد رئيس رابطة شباب لأجل القدس العالمية، طارق الشايع، أن "الرحلات التطبيعية مرفوضة أياً كان شكلها ووظيفتها، فهي لا تهدف إلا لإضعاف أمتنا الإسلامية واختراقنا لأجل تحقيق أهداف الاحتلال الإسرائيلي، وليس هناك أي فوائد تعود على الإمارات أو غيرها من الدول المطبعة، ولو كانت هناك فوائد من التطبيع لاستفادت منها مصر والأردن".
ويبين، في حديثه لـ"الخليج أونلاين"، أن "هذا الانضمام هو خيانة لقيم ودين أمتنا؛ وأي تفاصيل تذكر في هذا الشأن يجب عدم الالتفات لها حتى لا ننحرف عن أصل الموضوع، فأصل الموضوع هو التطبيع مع العدو الإسرائيلي أياً كان شكله ووسيلته؛ هو مرفوض رفضاً قاطعاً".
ويرى الشايع أنه "ومنذ الإعلان عن الاتفاقات التطبيعية؛ ظلت الوتيرة في توسع دائم، فمن مجالات التمويل والاستثمار والتجارة والاقتصاد إلى مجالات الشحن البحري والجوي مع النقل السياحي، وليست هناك تقارير واضحة وصريحة بهذا الحجم".
وأوضح قائلاً: "لكن ما يعنينا اليوم التركيز على خطورة هذا التعاون وأثره على هذه الدول وعلى أمنها بشكل استراتيجي، فكل ما يهم الكيان الصهيوني هو استفادته القصوى من هذه الاتفاقات لا العكس".