الخليج أونلاين-
زيارة تاريخية قام بها سلطان عمان هيثم بن طارق إلى المنامة بدعوة من العاهل البحريني الملك حمد بن عيسى آل خليفة، لتعزيز العلاقات بين البلدين وتوطيد التعاون على الصعد كافة.
وتأتي زيارة السلطان هيثم للمنامة (24 أكتوبر)، ضمن جولاته الخليجية لتوطيد العلاقات مع كل دول مجلس التعاون، كما ترتبط المنامة ومسقط بعلاقات استراتيجية تعود لعقود طويلة.
ووصل السلطان على رأس وفد رفيع المستوى يضم وزراء الخارجية والداخلية والمالية، وعدداً من كبار المسؤولين في البلاط السلطاني.
وخلال الزيارة الأولى له منذ توليه منصبه عام 2020، أبرمت سلسلة اتفاقيات تعاون ومذكرات تفاهم وبرامج تنفيذية، في المجالات الأمنية والنقل البحري والموانئ والدراسات والبحوث.
كما شملت أيضاً تأسيس شركة عمانية - بحرينية للاستثمار، ومنح مسقط حق السيادة على معلومات المشتركين التابعين لها في مراكز الحوسبة السحابية القائمة بالمنامة.
كما منحت البحرين عمان صفة "الشريك المعتمد" في المركز العالمي لخدمات الشحن البحرية والجوية.
وشملت مذكرات التفاهم والبرامج التنفيذية أيضاً -بحسب الوكالة- مجالات تقنية المعلومات والعمل البلدي والتعليم العالي والبحث العلمي والابتكار وحماية المنافسة، ومنع الاحتكار وعلوم وتقنيات الفضاء والملاحة الجوية والتنمية الاجتماعية.
علاقات وطيدة
وترتبط العلاقات بين مسقط والبحرين بالعديد من الروابط القوية في عدة مجالات، تعبر عنها اللجنة العُمانية البحرينية المشتركة.
وعملت اللجنة التي ستجتمع للمرة الثامنة، خلال العام الجاري، في مسقط، على عددٍ من مذكرات التفاهم والبرامج التنفيذية في المجالين الثقافي والسياحي، وبين صندوق تقاعد موظفي الخدمة المدنية العُماني والهيئة العامة للتأمين الاجتماعي البحريني في مجال التقاعد المدني، والمجالات الشبابية والرياضية.
ويرتبط البلدان باستثمارات مشتركة تتوزع على أكثر من 876 شركة في قطاعات التجارة والإنشاءات والنقل والخدمات وغيرها من المجالات الأخرى، وتعمل لتحقيق أهداف "رؤية عمان 2040" و"رؤية البحرين 2030".
وتشير الإحصاءات الصادرة عن المركز الوطني للإحصاء والمعلومات إلى أن حجم التبادل التجاري بين البلدين يشهد نمواً ملحوظاً، خلال العام الماضي 2021، حيث بلغ أكثر من 320 مليون ريال عُماني (831 مليون دولار)، فيما بلغ في النصف الأول من العام الجاري نحو 241 مليون ريال عُماني (625 مليون دولار).
وأهم السلع المصدرة من السلطنة إلى البحرين، المواد الكهربائية والبلاستيكية والألمنيوم والأدوية، فيما تصدرت السّلع المستوردة من المملكة خامات الحديد وسبائك الذهب وأسلاك كهربائية.
وفي يونيو الماضي، جرى إطلاق جمعية الصداقة العُمانية البحرينية في مسقط، والتي تهدف لتعزيز العلاقات بين البلدين في مختلف المجالات الثقافية والمعرفية التنموية.
أهمية الزيارة
ولاقت زيارة سلطان عمان إلى المنامة إشادة واسعة من مختلف الأوساط في البلدين، حيث أعطيت آمالاً كبيرة بأن تكون محطة فارقة في العلاقات تنطلق منها لآفاق أوسع.
واعتبر مراقبون أيضاً أنها تعكس العلاقات الأخوية بين البلدين، وستسهم أيضاً في تعزيز الأوصال الخليجية المشتركة.
الكاتب والمحلل العماني سعيد المحروقي، أكد أن زيارة السلطان هيثم تعد تنسيقية "نظراً لأن السلطان أولى العلاقات الخارجية اهتماماً وفقاً لتبادل المصالح، وتأتي ضمن تقوية العلاقات الاقتصادية مع المنامة".
ويقول المحروقي في حديثه لـ"الخليج أونلاين": "تهدف الزيارة إلى تقوية وإعادة إحياء الاتفاقيات بين السلطنة والبحرين، خاصة أنها قديمة وتاريخية".
ويوضح أن أهداف الزيارة هي تفعيل الاتفاقيات السابقة، خاصة ما جمد بسبب جائحة كورونا، وإتاحة الفرصة لصناديق الاستثمارات في البلدين، خاصة في منطقة الدقم.
ويبين أن عُمان والبحرين لديهم تبادل تجاري كبير، يهدف البلدان إلى الوصول لأكثر من ذلك؛ من خلال منح الشعب البحريني الاستفادة من المواقع العُمانية بفرص الاستثمار المتاحة لأبناء مجلس التعاون.
ويضيف المحروقي: "السلطنة تريد ربط مصالحها الاقتصادية بهذه الدول، وإعادة طريق الحرير، وتفعيل ما لدى السلطنة من إمكانيات سياحية، واقتصادية، خاصة فيما يتعلق باللوجستيات".
ويشير إلى أن البحرين والسعودية وقطر دول مهيئة للارتباط بمنطقة الدقم، خاصة فيما يتعلق بالطاقة والهيدروجين الأخضر.
من جهتها تقول فوزية بنت عبد الله زينل، رئيسة مجلس النواب البحريني: إن "التقارب القائم بين البلدين ينفتح على فرص واعدة من التعاون الاقتصادي والتجاري والسياسي والثقافي، خاصة في ظل تواؤم مسار التحديث ضمن رؤية البحرين 2030، ورؤية عمان 2040".
وأشادت زينل بالاتفاقيات التي وقعت خلال الزيارة، معتبرة أنها "تشارك الرؤى بشأن التنويع الاقتصادي وفتح الفرص للاستثمار في القطاعات الداعمة، لا سيما مع اتساع حجم التبادل التجاري البحريني العماني على نحو ملحوظ خلال العامين الأخيرين"، حسبما نقلت عنها صحيفة "الأيام" المحلية.
وفي المجال الثقافي أكد وزير شؤون الإعلام البحريني رمزان بن عبد الله النعيمي، أن مذكرة تفاهم بين متحف البحرين الوطني والمتحف الوطني العماني "تهدف إلى تعزيز العلاقات الثقافية بين المؤسسات الثقافية الرسمية والأهلية في البلدين، وتأتي كذلك في إطار تشجيع الجانبين على إقامة النشاطات والفعاليات الثقافية المختلفة، بما يسهم في إثراء مسارات التنمية الثقافية وتعزيز هذا القطاع الهام".
كما قال رئيس جمعية الصحفيين العُمانية محمد العريمي: إن "الزيارة خير دليل على رسوخ هذه العلاقة التي بناها القادة المؤسسون، وانطلاقة متجددة لمستقبل سيشهد تعاوناً متميزاً في العديد من المجالات، لا سيما المجال الاقتصادي، الذي أصبح العمود الفقري لأي بناء حقيقي بين الدول مع تشعب المصالح التي غدت معقدة جداً في ضوء التكتلات العالمية".