متابعات-
تربط البحرين بالولايات المتحدة علاقة تاريخية قوية، خاصة في مجال بيع الأسلحة لها، وعززت مؤخراً من علاقتها العسكرية مع المنامة، خصوصاً بعد التطبيع البحريني الإسرائيلي.
وغالباً ما تكون مبيعات الأسلحة حاضرة في تعامل الرؤساء الأمريكيين مع البحرين، كان آخرها تعهد واشنطن، في فبراير 2023، بمنح المنامة مقاتلات "إف 16 بلوك 70" المتطورة قبل القوات الجوية للولايات المتحدة.
ولعل وجود البحرين في الضفة المقابلة لإيران، مع تصاعد الأزمة السياسية بينهما خلال السنوات الماضية، جعل واشنطن تجد في المنامة حليفاً يمكن دعمه في مقابل عدوتها طهران.
ومع ذلك تثار تساؤلات عن سر اهتمام واشنطن بتزويد البحرين بأحدث المقاتلات المتطورة.
تعهد أمريكي
تبدي الولايات المتحدة تركيزاً لافتاً على تعزيز قدرات البحرين الدفاعية، في المقابل تتجنب إدارة جو بايدن إثارة أي قضايا خلافية مع المنامة، على عكس الإدارات الديمقراطية السابقة التي كانت لا تخفي تحفظاتها على الوضعين السياسي والحقوقي داخل المملكة
في تصريح أمريكي لافت، أكد سفير واشنطن في المنامة ستيفن بوندي، أن المنامة ستحصل على مقاتلات "إف 16 بلوك 70" المتطورة، أوائل شهر مارس المقبل، حتى قبل حصول القوات الجوية الأمريكية عليها، وسيتم تدريب الطيارين البحرينيين على قيادة هذه الطائرات في الولايات المتحدة، ثم في البحرين.
وأوضح بوندي، في تصريح لصحيفة "البلاد" المحلية (12 فبراير 2023)، أن الشراكة العسكرية بين البلدين وثيقة، وتتمثل بوجود أكثر من 8 آلاف عسكري أمريكي في البحرين.
وأضاف أن بلاده "تعي تماماً أن إيران تتدخل في الشؤون الداخلية لمملكة البحرين"، مضيفاً: "نبذل جهوداً حثيثة للتأكد من عدم وقوع أي أذى من قبل إيران على حلفائنا في المنطقة".
كما أشار إلى أن "الولايات المتحدة ستسلم البحرين مروحيات هجومية، وستشارك بعض المعدات في مجال الصواريخ والدفاع الجوي".
وتابع في هذا الصدد: "سلمنا عدة سفن للبحرين، وهي الآن ضمن البحرية بهدف توسيع نطاق تعاوننا العسكري".
وبيّن أن "هذه الصفقة تعكس مستوى التعاون الرفيع بين البلدين"، مشدداً على "التزام الولايات المتحدة بإتمام صفقة بيع هذه الطائرات التي تعد أكثر جيل متطور متوفر من الطائرات".
حجر أساس
تعتبر إدارة بايدن البحرين حجر أساس في استراتيجيتها الدفاعية الجديدة في المنطقة، ولا سيما أن المنامة تحتضن الأسطول الخامس الأمريكي.
وتعمل إدارة بايدن على تبني سياسة قائمة على رفع مستوى التنسيق العملياتي بين حلفائها في منطقة الشرق الأوسط، وخاصة المنخرطين في مسار اتفاقيات أبراهام، في مواجهة التحديات الإقليمية، وخصوصاً ما له علاقة بالتهديدات الإيرانية، ومن ثم فإن رفع جاهزية القوات البحرينية أمر مهم بالنسبة إليها.
ومؤخراً كشفت وسائل إعلام عبرية عن زيارة سرية قام بها مؤخراً رئيس هيئة الأركان العامة في جيش الدفاع الإسرائيلي، الجنرال هرتسي هليفي، إلى البحرين (مطلع فبراير).
ونشرت وسائل إعلام بحرينية صوراً لاجتماع عقد بين رئيس الوزراء الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، وقائد القيادة الوسطى الأمريكية الجنرال مايكل كوريلا، بحضور هليفي.
ووقعت البحرين و"إسرائيل" اتفاقية التطبيع، في سبتمبر 2020، إلى جانب الإمارات، ومن ذلك الحين كثفت إيران تصريحاتها المهاجمة للمنامة، وهددت بالرد على أي خطوة يكون مصدرها البحرين.
لا هدف سياسي
وعلى الرغم من ذلك فإن المحلل العسكري إسماعيل أيوب، يستبعد أن يكون وراء إعلان واشنطن تزويد البحرين بهذه الطائرات، من أجل حدث سياسي أو عسكري.
ويقول لـ"الخليج أونلاين": إنه "من الطبيعي أن تزود أمريكا البحرين بسرب أو سربين من الطائرات الحديثة (إف 16 بلوك 70)، لكون البحرين لا تمتلك سلاح جو متطوراً مثل بقية دول الخليج كقطر والإمارات والسعودية والكويت".
ويشير إلى أنه لا مؤشرات على أن التسليح المرتقب من الطائرات المعلنة هدفه أمر آخر، "بل من أجل تقوية أسطولها الجوي الضعيف".
وتابع: "كما أن هذه الخطوة تأتي ضمن محاولة واشنطن تزويد حليف بسرب أو سربين كما تقوم به مع كثير من الدول".
كما لفت إلى أن البحرين كانت الأقل تسليحاً بين دول الخليج، موضحاً: "كان هناك سباق بين الدول الخليجية لامتلاك الأسلحة؛ كقطر التي امتلكت أسلحة قوية جداً، إضافة إلى السلاح الجوي الإماراتي والعُماني وغيره، لكن البحرين بقيت كما هي".
وأضاف: "سلاح الجو البحريني ضعيف، لا يوجد فيه أسلحة متطورة؛ بسبب صغر البلد وقلة السكان، لذلك كل بلد يحاول أن يمتلك قوة جيش لحماية البلد"، مؤكداً ضرورة أن تكون حماية أي بلد خليجي تتم من جميع بلدان الخليج.
الحضور الأمريكي
توجد الولايات المتحدة في البحرين عبر الأسطول الأمريكي الخامس التابع لسلاح البحرية، ويتخذ من المياه الإقليمية المقابلة للمملكة قاعدة له، وتستضيفه منذ يونيو عام 1995.
وتعتبر البحرين واحدة من أقدم الدول العربية التي أقامت تعاوناً عسكرياً مع الولايات المتحدة، حيث وقعت المنامة وواشنطن اتفاق "التعاون الدفاعي"، في 27 أكتوبر عام 1991، عقب حرب الخليج الثانية.
ويقدر عدد السفن التابعة لسلاح البحرية الأمريكي بالبحرين بـ 17 سفينة، ويضم عدداً من حاملات الطائرات والغواصات والمقاتلات والقاذفات، وطائرات التزويد بالوقود، وتتلخص مهمته الأساسية في تأمين إمدادات النفط من الخليج إلى الأسواق العالمية.
كما يراقب إيران عن قرب، ويشرف على عمليات في الخليج العربي وخليج عمان والبحر الأحمر، وأجزاء من المحيط الهندي، وشارك بشكل مباشر في العمليات العسكرية بكل من العراق وأفغانستان، ومكافحة بالإرهاب والقرصنة في المياه الدولية.
ووفقاً لتقرير نشرته الـ "CNN" الأمريكية عام 2013، فالأسطول الأمريكي الخامس في البحرين لا يقتصر وجوده على أدوار سياسية أو أمنية، بل يمتد لكثير من المكاسب المالية والاقتصادية، منها ما هو مباشر عن طريق المبالغ التي يدفعها الأسطول لقاء الخدمات في المرافئ واستئجار العقارات، ومنها ما هو غير مباشر.