معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي - ترجمة الخليج الجديد-
سلّط تحليل نشره معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي، الضوء على ما وصفها بالتحديات التي تواجه اتفاقيات التطبيع في العلاقات بين إسرائيل وعدد من الدول العربية وفي مقدمتها الإمارات؛ بسبب سياسات الحكومة الإسرائيلية وتصاعد العنف في الساحة الفلسطينية.
وذكر التحليل أن الدول التي وقعت التطبيع مع إسرائيل لها بالفعل مصلحة في التمسك باستمرار تلك الاتفاقيات، لكن التصعيد المستمر من جانب المتطرفين الإسرائيليين دفعها جزئيًا إلى إيلاء اهتمام أكبر للسياسة الإسرائيلية تجاه الفلسطينيين، لا سيما عندما يتعلق الأمر بالتوترات التي تجري فى شهر رمضان.
وأشار إلى أن عودة القضية الفلسطينية إلى مركز الصدارة الإقليمية والدولية يمثل تحد لاتفاقيات التطبيع القائمة وقدرة تل أبيب على إشراك عواصم عربية مهمة أخرى في عملية التطبيع - وهذا الأمر يتطلب أن توليه إسرائيل اهتماما كبيرا.
وعقّب التحليل أن التقدير بأن التطبيع بين إسرائيل والدول العربية منفصل عن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني غير صحيح.
وأضاف أنه بعد مرور أكثر من عامين على توقيع التطبيع، من الواضح أن القضية الفلسطينية استعادت مكانة مركزية على أجندة العالم العربي.
واعتبر أن زيادة وتيرة هجمات المسلحين الفلسطينيين وأعمال العنف من قبل الجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية لم يغب عن اهتمام دول الخليج العربي وعلى رأسها الإمارات والسعودية.
وأوضح أن هذه الأحداث، بالإضافة إلى السياسة الإسرائيلية الناشئة بشأن القضية الفلسطينية، تتحدى قدرة هذه الدول الخليجية على الحفاظ على التوازن بين الاهتمام الظاهري بالفلسطينيين وفي الوقت نفسه تعزيز اتصالاتها الاقتصادية والأمنية مع إسرائيل.
بداية خاطئة
التحليل لفت إلى أن حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بدأت بداية خاطئة في يناير/ كانون الثاني، مستشهدا بإلغاء الإمارات الزيارة التي كان من المقرر أن يقوم بها رئيس الوزراء إلى أبوظبي، والتي كان ينبغي أن تكون بداية احتفالية لولايته الجديدة في منصبه (وهي زيارة لم تتم حتى الآن).
تم الإعلان عن إلغاء زيارة نتنياهو للإمارات فورًا بعد اقتحام وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير إلى الحرم القدسي الشريف.
وفي حين كانت الإمارات غير راغبة فى استضافة نتنياهو، كان العالم الإسلامي يخشى حدوث تغيير في السياسة الإسرائيلية تجاه الحرم القدسي (بما في ذلك فرض قيود على زيارة المسلمين للصلاة في الحرم القدسي الشريف، والسماح لليهود بالصلاة هناك".
بغضون ذلك، اقترحت الإمارات إدانة إسرائيل في مجلس الأمن الدولي، وفي خطوة غير عادية إلى حد ما، انضمت الإمارات إلى الوفد الفلسطيني في الأمم المتحدة ثلاث مرات على الأقل منذ يناير/ كانون الثاني لإصدار إدانة لإسرائيل، مستخدمة وضعها كعضو مؤقت في مجلس الأمن.
وتجدر الإشارة بشكل خاص إلى البيان الإماراتي شديد اللهجة التي أصدرته في فبراير/شباط بالتنسيق مع المندوبين الفلسطينيين، والذي دعا إسرائيل إلى الوقف الفوري لجميع الأنشطة الاستيطانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
استثمار الفرصة
بالنظر إلى الدفء الخليجي التدريجي تجاه القضية الفلسطينية، يبدو أن السلطة قد أدركت مؤخرًا الفوائد المحتملة التي يمكن جنيها، مثل المشاركة في المشاريع الإقليمية واستخدام دول اتفاق التطبيع لثني الحكومة الإسرائيلية عن اتخاذ إجراءات متطرفة تجاه الفلسطينيين.
يمكن لتوثيق العلاقات بين السلطة الفلسطينية والإمارات، على سبيل المثال، تمكين السلطة الفلسطينية من المشاركة في مشاريع البنية التحتية والمبادرات الإقليمية في مجالات الاقتصاد والطاقة، بناءً على اتفاقيات إبراهيم، والتي تخدم المصالح الإسرائيلية والفلسطينية.
وإضافة لذلك، يجعل القلق بشأن التغييرات في وضع المسجد الأقصى وترتيباته والمخاوف من العنف في القدس، من الصعب تنفيذ الاتفاقات، على الأقل الجانب الاحتفالي منها.
وفي غضون ذلك، تم تأجيل الاجتماع الثاني لقمة النقب - المنتدى الذي أقيم العام الماضي مع إسرائيل والولايات المتحدة والإمارات والبحرين والمغرب ومصر - والذي كان من المقرر عقده في المغرب في مارس/ آذار.
أكد دبلوماسيون غربيون أن الدول العربية الأعضاء في المنتدى كانت قلقة من عقد مثل هذا الحدث الذي حظي بتغطية إعلامية واسعة قرب شهر رمضان - والذي بدأ في 22 مارس/أذار - لأنه في السنوات الأخيرة تميزت هذه الفترة بالتصعيد الأمني في القدس وعلى الساحة الإسرائيلية الفلسطينية.
وأوضح التحليل أنه في أعقاب الأحداث التي وقعت في قرية حوارة، بالقرب من نابلس، والأضرار التي ألحقها المستوطنون بممتلكات السكان الفلسطينيين، ودعوة وزير المالية بتسلئيل سموتريتش لـ "محو البلدة" (رغم أنه تراجع عن البيان فيما بعد واعتذر)، قررت الإمارات تعليق صفقات لشراء منظومات أمنية كانت على وشك التوقيع مع إسرائيل.
على الرغم من نفي الحكومة الإسرائيلية إلغاء الصفقة وتوتر العلاقات بين أبوظبي وتل أبيب، كان هناك قلق متزايد بشكل واضح في الإمارات بشأن سلوك إسرائيل وانعدام الثقة في رسائل التهدئة الصادرة عن رئيس الوزراء نتنياهو، الذي يُنظر إليه على أنه يخضع لسيطرة عناصر متطرفة في حكومته.
تهديد محتمل
وخلص التحليل إلى أن التطورات الأخيرة لا تهدد حتى الآن وجود اتفاقيات التطبيع ولم تمح إمكانية انضمام دول أخرى إليها.
ومع ذلك، إذا استمر التوتر في الساحة الإسرائيلية الفلسطينية، وخاصة إذا كان هناك تصعيد أو تغيير في الوضع الراهن في الحرم القدسي الشريف، فقد يكون هناك تجميد في تقدم العلاقات بين القدس والرياض، وحتى انسحاب من "شهر العسل" العام بين إسرائيل والإمارات، أي وقف التطبيع.
تظهر استطلاعات الرأي العام العربي التي أجريت منذ توقيع اتفاق إبراهيم أن جوانب مختلفة من المشكلة الفلسطينية لا تزال حجر عثرة رئيسي أمام قدرة الدول العربية على الاعتراف بإسرائيل وإقامة علاقات معها.
إن الدول الموقعة على اتفاقيات إبراهيم، ولا سيما الإمارات، لها بالفعل مصلحة في استمرار العلاقات مع إسرائيل، بغض النظر عن القضية الفلسطينية، ومع ذلك، ستستمر القضية الفلسطينية في التأثير على العلاقات، وبالتأكيد على الجانب العام للتطبيع.
وذكر أن سلوك الحكومة الإسرائيلية، الذي ساهم في عودة الساحة الفلسطينية إلى بؤرة الاهتمام في المنطقة، يضر بالقدرة على تشكيل تحالف ضد إيران، التي بدلاً من أن تكون معزولة، تبحث عن سبل لتحسين علاقاتها مع دول الخليج العربي؛ الأمر الذي قد يضغط على تطبيع تلك الدول مع إسرائيل.