ألكسندر لانجلو وجورجيو كافيرو | ريسبونسبل ستيتكرافت - ترجمة الخليج الجديد-
اعتبر تحليل نشره موقع "ريسبونسبل ستيتكرافت" الأمريكي أن إعلان البحرين وقطر استعادة العلاقات، وانضمام المنامة إلى المصالحة الخليجية مع الدوحة، بجوار الرياض وأبوظبي يفتح الباب أمام دول مجلس التعاون الخليجي الست لتنسيق أفضل بشأن مجموعة من القضايا متعددة الأطراف، لكنه حذر من أن العلاقات القطرية البحرينية لا تزال هشة.
وينقل التحليل، الذي كتبه الكسندر لانجلو، وجورجيو كافيرو، عن ستيفن رايت، أستاذ العلاقات الدولية في جامعة حمد بن خليفة: "يمثل التقارب البحريني القطري بداية فصل جديد في علاقتهما التاريخية المعقدة، قائم على التعاون البراجماتي، لكنه لا يزال يتسم بالتنافس وانعدام الثقة"، وفقا لما ترجمه "الخليج الجديد".
التعاون ووقف التصعيد
وأوضح الكاتب أنه يجب فهم المصالحة بين قطر والبحرين في سياق جيوسياسي أوسع، وهو السياق الذي شهد اعتماد الدول العربية وتركيا وإيران نهجًا أكثر براجماتية ودبلوماسية مع خصومهم الإقليميين.
وقد دفعت مجموعة متنوعة من العوامل دول المنطقة نحو هذا التوجه، بداية من جائحة "كوفيد-19" إلى نهاية رئاسة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب وإدراك حدود ما حققته السياسات الخارجية المتشددة للجهات الفاعلة الإقليمية.
ويضيف أن تلك العوامل دفعت دول الشرق الأوسط نحو المزيد من الدبلوماسية والسلوك الأقل عدوانية، حيث تركز دول المنطقة على التكامل الاقتصادي والصفقات الاستثمارية والتجارة بين بعضها البعض أكثر مما كانت عليه، لا سيما في أعقاب انتفاضات الربيع العربي عام 2011.
يعتبر التقارب البحريني القطري مهمًا نظرًا للجهود المستمرة لتعزيز الوحدة العربية الخليجية في أعقاب قمة العلا التاريخية في يناير/كانون الثاني 2021، بحسب التحليل.
تاريخ معقد
ويتطرق الكاتب إلى التاريخ المعقد بين البحرين وقطر، منذ الخلاقفات بينما حول جزيرتي حوار وجنان ، ومدينة الزبارة في شبه الجزيرة القطرية، قبل استقلالهما عام 1971، مرورا بما يشبه الحرب التي خاضتها الدولتان في الثمانينات على جزيرة اصطناعية بنتها البحرين بالقرب من قطر قبل أن يتفق البلدان على تدميرها، والوساطات السعودية التي منعت تفجر النزاع المسلح بينهما عدة مرات.
في عام 2015، احتدمت التوترات الثنائية بشأن قضايا تتعلق بالمواطنة، واتهام البحرين لقطر بمحاولة إغراء مواطنيها للتخل ي عن جنسياتهم، وليس انتهاء باستياء المنامة مما اعتبرته حملات إعلامية لتشويهها من قبل قناة "الجزيرة" القطرية، وليس انتهاء بعلاقات قطر الجيدة مع إيران، والتي شكلت هاجسا لعائلة "آل خليفة" السنية التي تحكم أغلبية شيعية في البحرين.
وبعد قمة العلا في 2021، تفاقم الخلاف بين البلدين عندما استولت السلطات البحرينية على عقارات مملوكة لقطر في البحرين، وانتقد مسؤولون في المنامة قناة "الجزيرة"، واحتجزت الدوحة سفن صيد بحرينية وطواقمها بعد دخولها المياه الإقليمية القطرية دون إذن.
مشاركة تحت قيادة السعودية
ويرى ستيفن رايت أن استعادة العلاقات بين قطر والبحرين من المتوقع أن تحفز التعاون الثنائي وإجراءات بناء الثقة، بما في ذلك زيادة التجارة والاستثمار والجهود المشتركة لمعالجة نزاعات الحدود البحرية، بالإضافة إلى ذلك، فإنها تمهد الطريق لمشاركة أكبر في المبادرات التعاونية متعددة الأطراف تحت قيادة السعودية.
ولذلك، يرى الكاتب أن البحرين تعرضت لضغوط كبيرة من دول مجلس التعاون الخليجي لاستعادة العلاقات مع قطر، مضيفا أن السعودية هي من قادت تلك الضغوط فبالنسبة للرياض، فإن العلاقات المستقرة بين أعضاء مجلس التعاون الخليجي تبشر بالخير بالنسبة للتكامل الاقتصادي للمنطقة، وهو أمر بالغ الأهمية لتحقيق أجندة رؤية المملكة 2030.
ويقول إنه مع التحديات الاقتصادية الخاصة بها، ستستفيد البحرين من علاقات الطاقة والاستثمار والتجارة والسياحة مع قطر، وهي دولة أكثر ثراءً.
من جانبهم، سيشعر القطريون بالارتياح لوضع حصار 2017-2021 خلفهم، حتى لو لم يتم حل التوترات الكامنة بشكل كامل.
التحديات المقبلة
ويرى التحليل أنه على الرغم من وجود الكثير من التفاؤل بين المسؤولين الخليجيين بشأن مستقبل العلاقات البحرينية القطرية، ووحدة دول مجلس التعاون الخليجي على نطاق أوسع، فإن ماضي المنامة والدوحة المتقلب لا يزال بحاجة إلى عمل جاد للتغلب عليه.
فبالإضافة إلى القضايا الثنائية الإقليمية وغيرها من القضايا التي لا تزال دون حل، تواصل الدوحة علاقات جيدة مع طهران، بينما تعتبر المنامة أن الجمهورية الإسلامية أكبر تهديد خارجي لها.
وبالمثل، تتبنى الدولتان مواقف مختلفة جدًا بشأن التطبيع مع كل من دولة الاحتلال إسرائيل والنظام السوري، حيث تواصل البحرين إعادة العلاقات مع دمشق وتقترب أكثر من تل أبيب.
ومع حصول كلتا دولتي الخليج على مكانة الحلفاء الرئيسيين من خارج الناتو، ترحب واشنطن بعلاقات أفضل بين جميع حلفائها وشركائها في المنطقة، لا سيما بالنظر إلى حقيقة أن مقر الأسطول الخامس الأمريكي يقع في البحرين، بينما يقع مقر القيادة المركزية الأمريكية في قطر.
وكانت أزمة دول مجلس التعاون الخليجي في الفترة من 2017 إلى 21 بمثابة صداع كبير لواضعي السياسات في الولايات المتحدة الذين رأوا أن الأزمة في الغالب ملفقة وذات نتائج عكسية وضارة بالمصالح الوطنية للولايات المتحدة.