كمال صالح - الخليج أونلاين-
كان العام 2023 الذي شارف على النهاية مهماً بالنسبة للبحرين، حيث شهد العديد من المحطات المهمة في المجالات السياسية والاقتصادية وحتى العسكرية.
وخلال الأشهر الماضية، حضرت البحرين سياسياً في المشهد الملتهب بالشرق الأوسط، كاحتضانها الدورة الـ19 من مؤتمر "حوار المنامة 2023"، وقمة الأمن الإقليمي، بمشاركة دولية واسعة.
كما حققت أيضاً بعض الأرقام المهمة في مؤشرات الاقتصاد، وأخرى في مجال الابتكار والسياحة، إلى جانب بعض الأحداث المهمة في المجال العسكري، فما أبرز تلك المحطات التي عاشتها مملكة البحرين خلال هذا العام؟
حضور سياسي لافت
ارتبطت البحرين بالأحداث الإقليمية الحالية، لامتلاكها علاقات دبلوماسية مع "إسرائيل"، وانطلاقاً من هذه الخطوة كان موقفها السياسي تحت الأضواء، خصوصاً بعد عملية "طوفان الأقصى" في غزة التي اندلعت يوم 7 أكتوبر الماضي.
ومن أبرز الأحداث السياسية التي شهدتها زيارة وزير خارجية "إسرائيل"، إيلي كوهين، إلى المنامة في 4 سبتمبر الماضي، وافتتاحه المقر الجديد والدائم لسفارة الاحتلال، إضافة إلى إجراء مباحثات لإبرام اتفاقية تجارة حرة بين البلدين.
لكن ومع استمرار العدوان الإسرائيلي على غزة، أعلن مجلس النواب البحريني، مطلع نوفمبر الماضي، مغادرة السفير الإسرائيلي المنامة، وسحب سفير المملكة من تل أبيب، بالإضافة إلى وقف العلاقات الاقتصادية مع الاحتلال، بالرغم من تصريح لولي العهد البحريني، الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، الذي أدان فيه "هجوم حماس يوم 7 أكتوبر على مستوطنات وثكنات الاحتلال بمحيط غزة"، كما أدان العدوان الإسرائيلي على القطاع أيضاً.
قمة الأمن الإقليمي
ولعل من أبرز المحطات التي عاشتها البحرين خلال العام الجاري انعقاد حوار المنامة 2023، الذي عُرف أيضاً بـ"قمة الأمن الإقليمي الـ19"، في 17 نوفمبر الماضي، بمشاركة 450 مسؤولاً بينهم وزراء خارجية ودفاع وأمن قومي، وخبراء وصناع سياسة، من 40 دولة حول العالم.
كما كانت وجهة لعدد من المسؤولين الأمريكيين الذين زاروها، أبرزهم أنتوني بلينكن وزير الخارجية الأمريكي، الذي زار المنامة في 14 أكتوبر الماضي، كما زارها وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن، في 19 ديسمبر الجاري.
كما شاركت المملكة، منذ 7 أكتوبر، في عدد من القمم والمؤتمرات الإقليمية التي ركزت على الأوضاع في غزة، منها قمة القاهرة للسلام التي شارك فيها الملك حمد بن عيسى آل خليفة في 21 أكتوبر الماضي، وشارك أيضاً في القمة الخليجية الـ44 في الدوحة المنعقدة يوم 5 ديسمبر، والقمة العربية الإسلامية المشتركة غير العادية المنعقدة في الرياض يوم 11 نوفمبر الماضي.
أرقام اقتصادية
وفي ميدان الاقتصاد، لا تزال البحرين تعاني من وطأة الاعتماد المفرط على النفط مصدراً رئيساً لإيرادات المملكة، بالرغم من مساعيها لإنعاش خطط التحول نحو موارد غير نفطية، والتي حققت بعض المؤشرات الإيجابية هذا العام.
ومطلع يونيو الماضي أقرت البحرين ميزانية العامين 2023-2024، بإجمالي إيرادات 17.44 مليار دولار، منها 8.23 مليارات دولار للسنة الجارية 2023، في حين بلغ إجمالي المصروفات وفقاً للميزانية المعتمدة 19.25 مليار دولار، حصّة العام 2023 منها بلغت 9.61 مليارات دولار.
ووفقاً للتقرير الاقتصادي الفصلي لمملكة البحرين للربع الثاني من العام الجاري، فقد حقق الناتج المحلي نمواً خلال هذا الفصل بنسبة 2.0٪، بمعدل نمو للقطاع غير النفطي بلغ أيضاً 2.0٪.
ويظل القطاع غير النفطي هو المحرك الرئيسي للنمو في البحرين، وفقاً لبيان البنك الدولي الصادر في 22 نوفمبر الماضي، والذي أشار إلى أن معدل النمو في المملكة سيتراجع إلى 2.8٪ في 2023، في ظل ضعف أداء القطاع النفطي، متوقعاً وصول النمو إلى 3.3٪ خلال العام 2024، بينما توقع صندوق النقد الدولي أن يحقق اقتصادها نمواً بنسبة 2.9٪ خلال 2023.
كما بلغ عجز الميزانية الفعلي خلال النصف الأول من العام الجاري 1.01 مليار دولار، في الوقت الذي قالت وزارة المالية البحرينية في يوليو الماضي إن الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي نما بنسبة 11.2٪، بدعم من القطاعات غير النفطية.
وفي منتصف مايو الماضي، احتضنت المنامة اجتماع "مجلس التنسيق السعودي البحريني الثالث"، وفيه أعلن وزير الاستثمار السعودي، خالد الفالح، أن بلاده خصصت صندوقاً استثمارياً في قطاعات حيوية داخل البحرين، بقيمة إجمالية 5 مليارات دولار.
مؤشرات
وكانعكاس للانتعاش الاقتصادي الجيد، حققت البحرين مراكز متقدمة في المؤشرات العالمية، فوفقاً لتقرير الحرية الاقتصادية في العام 2023، حافظت البحرين على صدارتها كأكثر اقتصاد حر في العالم العربي، في حين حلت في المرتبة الـ45 عالمياً من بين 165 دولة شملها التقرير.
وفي منتصف أغسطس الماضي، قال بنك "إتش.إس.بي.سي" البريطاني إن أصول مصرف البحرين المركزي بالعملات الأجنبية ارتفعت بنحو 800 مليون دولار في يونيو الماضي، في حين أشار مصرف البحرين المركزي، مطلع ديسمبر الجاري، إلى ارتفاع معدلات السيولة، ليصل عرض النقد إلى 41.65 مليار دولار بنهاية شهر أكتوبر 2023 بارتفاع بنسبة 3.7% مقارنة بنهاية شهر أكتوبر 2022.
كما صنفت وكالة "فيتش" للتصنيف الائتماني، في أغسطس الماضي، البحرين عند "B+" مع نظرة مستقبلية مستقرة، كما جاءت في قائمة أقل الدول العربية تضخماً بمعدل 1.1%، وفق تقرير "مرصد اقتصاد الأوسط 2023".
الاستثمار الأجنبي هو الآخر كان له نصيب من النمو في البحرين، فوفقاً لتقرير هيئة المعلومات البحرينية، الصادر مطلع أكتوبر الماضي، فإن نمو حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة بلغ 13.9% على أساس سنوي؛ بنسبة 40 مليار دولار، وهي الأعلى في تاريخ المملكة.
مقتل جنود وشراكة في القوة البحرية
بالرغم من بُعد البحرين عن بؤر الصراع التي تشهدها المنطقة، وخصوصاً اليمن وغزة، فقد كان لها حضور لافت، فالبحرين هي الدولة الخليجية والعربية الوحيدة التي أعلنت الولايات المتحدة على لسان وزير دفاعها، لويد أوستن، في 19 ديسمبر الجاري، مشاركتها ضمن القوة البحرية متعددة الجنسيات لحماية الملاحة الدولية من هجمات الحوثيين في البحر الأحمر.
ولعل من أبرز الأحداث العسكرية التي عاشتها البحرين خلال 2023، هو مقتل خمسة أفراد من قواتها، بهجوم نفذه الحوثيون في 25 سبتمبر الماضي، على ثكنتهم في الحدود بين السعودية واليمن.
ولتعزيز قدراتها العسكرية، شاركت البحرين في عدد من التمارين العسكرية، آخرها كان التمرين المشترك "تكامل 1"، بمشاركة قوات من دول مجلس التعاون، والذي انطلق في الكويت نهاية شهر نوفمبر، واستمر حتى الـ7 من ديسمبر الجاري.
كما شاركت القوات المسلحة البحرينية في التمرين المشترك "ضربة الصقر 2"، إلى جانب قوات عسكرية من الإمارات وأمريكا وبريطانيا وسلطنة عُمان.
وفي مارس الماضي، نفذت تمرين القيادات "حصن الوطن 2023"، بمشاركة الحرس الوطني ووزارة الداخلية في مختلف محافظات المملكة.
الابتكار والسياحة
كان للبحرين أيضاً حضور في ميدان الابتكار والتكنولوجيا، وهذا جعلها تحتل المرتبة الـ5 عربياً، والـ9 على مستوى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، والـ67 عالمياً في مؤشر الابتكار العالمي 2023، الصادر عن المعهد الأوروبي لإدارة الأعمال "إنسياد"، والمنظمة العالمية للملكية الفكرية "وايبو".
كما تقدمت البحرين 8 مراكز، محققةً المركز الـ27 عالمياً في تصنيف تنافسية المواهب العالمي 2023، في الوقت الذي احتضنت المنامة، منتصف نوفمبر الماضي، معرض "سيتي سكايب البحرين 2023" تحت شعار "الاستدامة والتحول الرقمي".
وفي مايو الماضي، قال أمين عام منظمة السياحة العالمية التابعة للأمم المتحدة، زوراب بولولاكشفيلي: إن "البحرين واحدة من ثلاث دول رائدة في مجال تميزها بالابتكار السياحي والتكنولوجيا السياحية".
كما سجل قطاع الفنادق والمطاعم في المملكة نمواً بلغ 9.6٪، وفقاً للتقرير الاقتصادي الفصلي للربع الثاني من العام الجاري 2023 الصادر عن وزارة المالية والاقتصاد الوطني.