دول » البحرين

هل اقترب التطبيع السعودي بعد مطالبة قمّة المنامة بمؤتمر دولي للسلام؟

في 2024/05/19

(أحمد شوقي \ راصد الخليج)

بالرغم من محاولات النفي السعودي للتطبيع مع "إسرائيل" من حيث التوقيت لا من حيث المبدأ، إلا أن تواتر التقارير والتصريحات والشواهد يوحي بأن التطبيع السعودي - الإسرائيلي قد يحدث بشكل مفاجئ، وقد يتحوّل من نطاق المكافأة للعدو على دخوله في عملية للسلام ولو شكليًا، إلى نطاق خطوة استباقية وتشجيعية للعدو كي ينصاع للضغوط وينخرط في محادثات للسلام، ولو باعطاء فتات للفلسطينيين على شكل دولة.

ما يدفعنا لقول ذلك هو عدة شواهد وتصريحات، ومؤخرًا، بيان قمة المنامة، والذي تضمّن بنودًا تتطابق مع  خارطة طريق أمريكية لإنهاء الحرب سريعًا ووفقُا للمصالح الإسرائيلية.

من هذه الشواهد والتصريحات:

1- حوار قناة العربية مع سيء السمعة السيناتور الأميركي ليندسي غراهام، والذي نُقل عنه أن حماس لا بدّ أن تُباد قبل الحديث عن حلول لمستقبل غزة أو "اليوم التالي" للحرب. وهذا الحوار كان مخصصًا للحديث عن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، حين أشاد غراهام به، وقال إن لديه رؤية واضحة ستغير وجه الشرق الأوسط، مضيفًا أنّ ولي العهد السعودي يريد إبرام اتفاقية دفاعية مع أميركا، و"أنا أدعمه"، مشيرًا إلى أن ولي العهد السعودي يريد ضمانات أمنية لإبرام اتفاق وحلَ الدولتين، وأوضح أن الاتفاق الدفاعي مع أميركا أفضل ضمان للسعودية بشأن طلباتها كلها. كما رأى غراهام، في حواره مع العربية، أن قادة السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية "فاسدون"، مشيرًا إلى ضرورة بناء مستقبل أفضل للفلسطينيين في غزة.

2- تواتر التقارير حول قمع قطاعات من الشعب السعودي من المؤيدين للقضية الفلسطينية. فقد كشف دبلوماسيون ونشطاء، في منظمات حقوقية، أن السلطات السعودية صعّدت من وتيرة اعتقالاتها بسبب منشورات على وسائل التواصل الاجتماعي تتضمّن انتقادات لـــــ"إسرائيل" على خلفية حربها على قطاع غزة. وقالت وكالة بلومبيرغ إن السلطات السعودية اعتقلت مواطنين سعوديين، بشكل متزايد، بسبب مشاركتهم مشاعر معادية لــــ"إسرائيل" على وسائل التواصل الاجتماعي في الأشهر الأخيرة. وذكرت الوكالة أن من بين المعتقلين مؤخرًا مسؤول تنفيذي في شركة تشارك في خطة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان لتعزيز الاقتصاد.

3-  تكثيف التقارير في وسائل الإعلام الإسرائيلية حول القضية، فقد أكد هذا الإعلام أن السعودية قررت التطبيع العلني مع "إسرائيل"، يتبقى تحديد الموعد فقط تكريسًا لسياسات ولي العهد محمد بن سلمان بالتحالف مع "تل أبيب". وأوردت صحيفة "هآرتس"، نقلاً عن دبلوماسي أجنبي، أنه من المتوقع مطالبة المملكة بضمانات لضمان إحراز تقدم في قضية الدولة الفلسطينية في المقابل. "السؤال هو متى، وينبغي اتخاذ القرار بشأن التوقيت في غضون أيام". وقد قال دبلوماسي أجنبي، هو على دراية بالتفاصيل، إن المملكة العربية السعودية قررت تطبيع العلاقات مع "إسرائيل"، ولكنها تناقش ما إذا كانت ستنفذ هذه الخطوة في الأسابيع المقبلة أو بعد الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة في نوفمبر/ تشرين الثاني.

4- تصريحات وزير الخارجية الأمريكي العلنية، إذ قال أنتوني بلينكن في اجتماع خاص للمنتدى الاقتصادي العالمي عُقد في الرياض، إن العمل الثنائي السعودي الأمريكي المرتبط بالتطبيع على وشك الانتهاء. وقال، خلال محادثة مع رئيس المنتدى الاقتصادي العالمي بورج بريند: "عندما يتعلق الأمر بالتطبيع، لن أتحدث نيابة عن مضيفينا هنا، إلا أن أقول إننا قمنا بعمل مكثف معًا في الأشهر الماضية". وتابع: "من أجل المضي قدمًا في التطبيع، سيكون هناك حاجة إلى أمرين: الهدوء في غزة ومسار موثوق به إلى دولة فلسطينية. لذلك إلى الحد الذي ننتهي فيه من عملنا بيننا، أعتقد أن ما كان سؤالًا افتراضيًا أو نظريًا يصبح فجأة حقيقيًا". وأضاف أنه "سيتعيّن على الناس اتخاذ قرارات".

5- مطالبة القمة العربية المنعقدة في المنامة بمؤتمر عالمي للسلام وقوات حفظ سلام دولية وانخراط الفصائل تحت سلطة مننظمة التحرير، وضمنيًا تحت زعامة "أبو مازن" الذي انتقد المقاومة علنًا واتهمها بتوفير الذرائع للعدو الاسرائيلي، وهو جزء من مجموعة تدابير أمريكية يدور الحديث عنها في الأروقة الدبلوماسية، جاءت تلك المطالبة مع قرارات القمة خدمةً للتصور الأمريكي وتنفيذه.

ما سبق؛ يؤكد وجاهة ما نشرته صحيفة هآرتس، إذ قالت إن محاولات التطبيع مع "إسرائيل" خطوة رئيسة للمملكة لتأمين ما تراه الرياض الجائزة الحقيقية لميثاق دفاع أمريكي في المقابل، في ما سيكون تأمين صفقة التطبيع مع المملكة "الجائزة الكبرى" لــــ"إسرائيل" بعد أن أقامت علاقات دبلوماسية مع الإمارات العربية المتحدة والبحرين والمغرب.

لكن السؤال هنا عن التوقيت، هل يكون استباقيًا لدعم حملة الرئيس جو بايدن؟ وتاليًا تشجيعيًا للعدو وتخليًا تامًا عن غزة، أم مؤجلاً لاستقبال الرئيس الجديد، بايدن أو ترامب، وربما بعد حدوث تغيرات ما في المنطقة ومؤتمرات تحمل اسم السلام لتسويغ الخطوة السعودية.. 

الإجابة تتوقف عند حجم الضغوط والإغراءات وأيضًا، عند الوضع الميداني للحرب في غزة والمنطقة.