طه العاني - الخليج أونلاين-
بعد قطيعة دامت 8 سنوات استؤنفت العلاقات بين البحرين وإيران، في خطوة نحو تحقيق الاستقرار الإقليمي والتنمية الاقتصادية في المنطقة.
وشهدت السنوات الأخيرة توتراً كبيراً في العلاقات بين البلدين، والتي تعود في جزء كبير منها إلى الاختلافات الأيديولوجية السياسية بينهما.
خطوة نحو التطبيع
واتفق وزيرا الخارجية الإيراني علي باقري كني ونظيره البحريني عبد اللطيف الزياني، خلال اجتماعهما في طهران (23 يونيو الجاري)، على إنشاء الآليات اللازمة لبدء محادثات تهدف إلى استئناف العلاقات بين البلدين.
ووصفت وكالة الأنباء البحرينية اللقاء بأنه جاء في "إطار العلاقات الأخوية التاريخية التي تجمع بين مملكة البحرين والجمهورية الإسلامية الإيرانية، وما يربط بينهما من روابط الدين والجوار والتاريخ المشترك والمصالح المتبادلة".
كما ذكرت وكالة "مونت كارلو" الدولية، في 25 يونيو الجاري، أن ملك البحرين، الشيخ حمد بن عيسى آل خليفة، طلب وساطة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لعودة العلاقات مع إيران، خلال لقائهما في مايو الماضي.
وتأثرت العلاقات بشكل كبير بين البلدين، إثر التدخل الإيراني في الشؤون الداخلية للبحرين، مما أدى إلى قطع العلاقات الدبلوماسية عدة مرات.
ففي العام 2011 اتهمت البحرين إيران بدعم احتجاجات المعارضة في المملكة، قبل أن تقطع العلاقات في 2016 بعد الاعتداء على السفارة السعودية في طهران.
كما زاد من تعقيد الوضع ظهور جماعات مسلحة معارضة في البحرين، صُنفت كمجموعات "إرهابية"، مثل "سرايا الأشتر"، التي قالت المنامة إنها مدعومة مالياً ولوجيستياً من الحرس الثوري الإيراني.
وتبنت "سرايا الأشتر" خطاباً يدعو إلى "إسقاط النظام" باستخدام العنف والأسلحة، وقبض على بعض العناصر البحرينية المنتمية إلى هذه الجماعة، لتورطهم في تهريب الأسلحة والمواد المتفجرة.
مصالح مشتركة
ويشكل استئناف العلاقات بين البحرين وإيران خطوة مهمة نحو تعزيز الاستقرار في منطقة الخليج، إذ إن للتوترات بين البلدين دوراً كبيراً في زعزعة الأوضاع الأمنية.
كما يمكن أن يسهم استئناف العلاقات في تعزيز التعاون الاقتصادي بين البلدين، خاصة في مجالات الطاقة والتجارة، حيث إن البحرين، بوصفها دولة ذات اقتصاد صغير نسبياً، قد تستفيد من تحسين العلاقات التجارية مع إيران التي تمتلك موارد طبيعية هائلة.
يقول أستاذ العلوم السياسية في جامعة "سكاريا" التركية، محمد سليمان الزواوي، لـ"الخليج أونلاين":
استئناف أي علاقات دبلوماسية بين الدول أمر إيجابي، لأن الدبلوماسية دائماً تبقى قناة اتصال بين الأطراف، وهي بديلة عن التوترات التي يمكن أن تحدث في العلاقات الدولية.
البحرين باعتبارها دولة صغيرة من حيث السكان والمساحة والاقتصاد والموارد، من المهم أن تعزز علاقاتها وتعاونها مع الدول الكبرى الإقليمية ، مثل إيران التي تمتلك قدرات تجارية واقتصادية كبرى في المنطقة.
استئناف العلاقات سوف يفتح باب التعاون والاستثمار ويكسب رجال الأعمال الإيرانيين مرة أخرى، مما سيسهم في تنشيط الاقتصاد البحريني من خلال ضخ الأموال في البنوك البحرينية.
من ضمن الفوائد الأخرى دفع شبح التوتر والتصعيد، وليس من مصلحة البحرين أن يكون هناك توتر مع إيران أو دول قوية أخرى في المنطقة، وهذا المناخ السلمي وإعادة العلاقات يفتح أبواب الاستثمار والاستقرار، ويزيل المخاوف بين الطرفين.
لن يكون هناك تحديات رئيسية تقف أمام استئناف العلاقات البحرينية الإيرانية، لأن أي تحديات تطرأ على العلاقات وتتحول لتوتر أو تصعيد سينعكس سلباً على المصالح البحرينية والعكس صحيح.
فوائد سياسية واقتصادية
بدوره يؤكد عبد الرزاق خلف محمد، رئيس قسم السياسات العامة في مركز الدراسات الإقليمية بجامعة الموصل، أن أهمية عودة العلاقات الدبلوماسية البحرينية الإيرانية، تنبع من أهمية طهران في المنطقة، لكونها فاعلاً رئيسياً وموثراً، من خلال ما تملكه من أدوات وأذرع مرتبطة بها، ولها تأثيرها في المنطقة العربية.
ويقول في هذا الصدد لـ "الخليج أونلاين":
البحرين جزء من محور السعودية والإمارات في مجلس التعاون الخليجي، وعودة العلاقات الدبلوماسية البحرينية الإيرانية هو استكمال لعودة واستئناف العلاقات السعودية الإيرانية والإيرانية الإماراتية.
هناك فوائد عديدة للبلدين من خلال عودة العلاقات الدبلوماسية بينهما، حيث يمكن أن ينعكس ذلك على تطور العلاقات في الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية، والأهم من ذلك العلاقات الأمنية؛ من خلال ضغط إيران على المعارضة البحرينية.
ستستفيد إيران من هذه الخطوة في تحسين علاقاتها مع أعضاء مجلس التعاون الخليجي ضمن استراتيجيتها لتحسين علاقاتها مع دول الجوار ككل لتقليل عزلتها الإقليمية، كوسيلة لمواجهة تأثير العقوبات الغربية.
التحديات التي تواجه البحرين في هذا الجانب تتمثل في عدم توقف وسائل الإعلام الإيرانية عن انتقادها بسبب علاقتها مع "إسرائيل"، وتواجد الأسطول الأمريكي الخامس فيها.
التحدي الآخر للمنامة، هو عدم قطع طهران علاقاتها مع الفصائل البحرينية المعارضة.
يمكن للبحرين أن تتخذ خطوات للإشارة إلى التزامها بعلاقات أفضل مع طهران، من خلال ضمان عدم استخدام الأراضي البحرينية من قبل أي قوة أجنبية لأغراض العمل العسكري ضد إيران أو حلفائها الإقليميين.