طه العاني \ الخليج أونلاين
تشهد العلاقات بين دولة الكويت ومملكة البحرين تطوراً ملحوظاً في الفترة الأخيرة، حيث تأتي الاجتماعات الثنائية بين البلدين لتكون نقطة انطلاق جديدة نحو تعزيز أواصر التعاون المشترك.
جاء اجتماع اللجنة العليا بين الكويت والبحرين ضمن سلسلة من الخطوات لتعزيز الشراكة الاستراتيجية في مختلف المجالات، ما يعكس الروابط المتينة التي تجمع الدولتين على مدار عقود.
الاجتماع الـ11
عُقد الاجتماع الـ11 للجنة العليا المشتركة بين البحرين والكويت، في 20 أكتوبر الجاري، وذلك برئاسة وزير الخارجية البحريني عبد اللطيف بن راشد الزياني، ونظيره الكويتي عبد الله علي اليحيا.
وفي مستهل الاجتماع رحب عبد الله اليحيا بانعقاد هذه اللجنة، مشيداً بالعلاقات الأخوية العميقة التي تجمع البلدين والشعبين الشقيقين، واصفاً إياها بـ"نموذج متميز للتعاون المثمر والتضامن المستمر".
كما أشار إلى أن هذه العلاقة ترتكز على أسس مشتركة تتعمق يوماً بعد يوم، سواء على المستوى الثنائي أو الإقليمي والدولي، مؤكداً أن الشراكة بين الكويت والبحرين لا تقتصر على التعاون بين دولتين فحسب، بل تمتد لتكون رؤية استراتيجية مبنية على تاريخ طويل من الوحدة والتكاتف من أجل مستقبل أفضل للمنطقة وشعوبها.
وأوضح أن التحديات السياسية والاقتصادية والبيئية التي تواجه المنطقة اليوم تستدعي تعزيز التكامل الاستراتيجي والتعاون لمواجهتها.
من جانبه أعرب الزياني عن فخره بالعلاقات القوية التي تربط البحرين والكويت، مشيراً إلى حرص القيادتين في البلدين على تطوير هذه العلاقات في مختلف المجالات.
وتعكس الاجتماعات الأخيرة بين القيادة الكويتية والبحرينية توجهاً مشتركاً نحو تعزيز العلاقات الاقتصادية والسياسية.
وعلى الرغم من أن العلاقات بين البلدين قديمة ومبنية على أسس تاريخية متينة، فإن ما يميز التقارب الحالي هو التركيز على التعاون الاقتصادي والتجاري بصورة أكثر فعالية، إلى جانب السعي لتنفيذ مشاريع استراتيجية تعود بالنفع على شعبي الدولتين.
علاقات متجذرة
ويقول المحلل السياسي جابر باقر إن اللجنة العليا بين الكويت والبحرين هي لجنة مشكلة من خلال وزراء الخارجية، وتهتم بالدرجة الأولى بالعلاقات الدبلوماسية والتجارية بين البلدين.
ويلفت في حديثه مع "الخليج أونلاين" إلى أن العلاقات بين الجانبين واسعة جداً، "حيث إن حكام البحرين والكويت (آل الصباح وآل خليفة) هم أبناء عمومة، وقد يكون الشعبان البحريني والكويتي من أكثر الشعوب تقارباً في المنطقة".
وحول تأثير التحولات الإقليمية والدولية على التعاون بين البلدين يبين باقر أن الكويت بلد محايد، إذ يتمتع بعلاقات جيدة مع كافة الدول، لافتاً إلى تقارير المنظمات الدولية التي تصنفها بأنها ضمن أوائل الدول في مستويات الأمن والأمان.
ويعتقد باقر أن "العلاقات تستمر في تطورها، ومنذ مئات السنين نرى أن هناك عوامل مشتركة كثيرة ما بين البلدين، ليس فقط تقارباً سياسياً واقتصادياً، بل هناك تقارب اجتماعي كبير ما بين الشعب الكويتي والشعب البحريني".
نتائج الاجتماع
اختتمت أعمال اللجنة العليا المشتركة بتوقيع 4 اتفاقيات ومذكرات تفاهم تهدف إلى تعزيز التعاون الوثيق بين البلدين الشقيقين وفتح آفاق جديدة للشراكة الاستراتيجية.
وتأتي هذه الاتفاقيات كدليل على العزم المشترك لتطوير العلاقات الراسخة في مختلف المجالات الحيوية.
وشملت توقيع اتفاقية تعاون في مجال الموانئ والملاحة البحرية بين حكومتي البحرين والكويت، إضافة إلى مذكرة تفاهم بين قطاع التطوير الإداري بديوان الخدمة المدنية في الكويت ومعهد الإدارة العامة في البحرين.
كما تم توقيع مذكرة تفاهم بين معهد الشيخ سعود الناصر الصباح الدبلوماسي الكويتي وأكاديمية محمد بن مبارك آل خليفة للدراسات الدبلوماسية البحرينية، وذلك لتعزيز التعاون في مجالات البحوث والدراسات الدبلوماسية والتدريب.
إلى جانب ذلك وقع الطرفان برنامجاً تنفيذياً للتعاون في مجال التربية والتعليم بين وزارتي التربية في كلا البلدين، للفترة الممتدة بين الأعوام 2024 و2027.
وشهد الاجتماع مناقشة سبل تعزيز التعاون في مختلف المجالات، ومن ذلك الاقتصاد، والاستثمار، والصحة، والتعليم، والبيئة، والثقافة، والإعلام، والمواصلات، والقضاء، كما تم بحث آفاق التعاون في مجالات التنمية الاجتماعية والمستدامة، وتمكين المرأة، وفق ما ذكرته وكالة الأنباء البحرينية (بنا).
وشارك في الاجتماع وفد رفيع المستوى من البحرين، ضم عدداً من المسؤولين الحكوميين ورجال الأعمال، من بينهم رئيس غرفة التجارة والصناعة سمير عبد الله ناس، ومدير عام معهد الإدارة العامة الشيخة رنا بنت عيسى آل خليفة، وعدد من المسؤولين من مختلف الوزارات المعنية.
تقارب استراتيجي
تعكس العلاقات الكويتية البحرينية تقارباً استراتيجياً يتجاوز الروابط التاريخية التقليدية ليشمل التعاون في مجالات متعددة مثل الاقتصاد، والطاقة، والتكنولوجيا، والأمن.
وبات واضحاً أن الكويت والبحرين تسعيان إلى تعميق علاقاتهما من خلال التركيز على التنمية المستدامة والتكامل الاقتصادي، ما يفتح الباب أمام مستقبل مشرق للعلاقات الثنائية بينهما.
كما تعكس الزيارات المتبادلة بين قيادتي البلدين عمق العلاقات الثنائية وقوتها، حيث تشير إلى التزام الجانبين بتعزيز التعاون المشترك والارتقاء به نحو آفاق أوسع، بما يسهم في تحقيق مزيد من الخير والفائدة للشعبين الشقيقين.
وشهدت العلاقات بين البحرين والكويت تطوراً ملحوظاً عبر العقود الماضية على مختلف المستويات، خاصة بعد تأسيس اللجنة العليا المشتركة للتعاون بين حكومتي البلدين في عام 2001.
وامتدت هذه الشراكة إلى عقد الدورة العاشرة للجنة في المنامة عام 2019، حيث تم توقيع 8 اتفاقيات شملت مجالات التعاون الدبلوماسي والقنصلي والسياحي والجوي والثقافي والتعليمي والإعلامي، إلى جانب مذكرات التفاهم والبرامج التنفيذية التي عززت التعاون في العديد من المجالات.
وفي عام 2013، تم توقيع اتفاقيات لتمويل مشاريع تنموية في البحرين بين حكومتها والصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية، ضمن إطار برنامج التنمية الخليجي.
وشهد التعاون الاقتصادي بين البلدين تقدماً ملحوظاً مدفوعاً بتوافق الرؤى حول القضايا المشتركة، حيث بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين 113 مليون دولار في الربع الثالث من عام 2023، بزيادة 10% مقارنة بنفس الفترة من عام 2022، إضافة إلى نمو الاستثمارات الكويتية المباشرة في البحرين لتصل إلى نحو 2.5 مليار دولار، وفقاً لما نقلته وكالة الأنباء الكويتية (كونا).
وأفاد تقرير صادر عن غرفة تجارة وصناعة البحرين للربع الثاني من العام الحالي، نشر في 20 أكتوبر الجاري، بارتفاع حجم التبادل التجاري مع الكويت بنسبة 12% ليصل إلى 96 مليون دولار.
وفي فبراير الماضي، قال سفير الكويت لدى البحرين ثامر جابر الأحمد الصباح، خلال حديثه لصحيفة "الأيام" البحرينية، إن حجم التبادل التجاري بين البلدين وصل لأكثر من 500 مليون دولار.