مريم الشروقي- الوسط البحرينية-
ما الغريب من وجود كنيسة في منطقة الرفاع؟! هل هي أوّل كنيسة في البحرين؟! لماذا الجميع مستنكر على بحريني استقبال وفود يوم الجمعة في مبناه الذي اشتراه؟! ومن هم هؤلاء «المخلصين» الذين استطاعوا كشف الكنيسة السرّية؟! ولماذا يقوم هذا الشخص أو ذاك بإنشاء كنيسة سرّية والبحرين هي أرض جميع الأديان، وتمارس الحقوق الدينية في العلن؟! البحرين هي أرض السني والشيعي واليهودي والمسيحي والدرزي والبهائي والبوذي والسيخ! ما المشكلة في ذلك؟!
ليست هناك مشكلة، ولكن المشكلة هم من يخلقون المشكلة، ويؤمنون بنظرية المؤامرة، إذ ليس هناك مشكلة في إنشاء كنيسة، ولا نعلم إن كان اجتماع أشخاص في ذلك المبنى بسبب طقوس يقدّمونها لدينهم، أم إنّه اجتماع عادي لمجموعة من الأشخاص.
وما شاء الله على المصوّرين، صوّروا الحدث بحذافيره، سيّارات تدخل، وسيّارات تخرج من ذلك المبنى، ولم يضعوا نصب أعينهم حسن الظن، فقد يكون صاحب المبنى يتصدّق على ناس يوم في الأسبوع، ومن يعلم يخبر من لا يعلم حتى يستفيد من الصدقة، أليست الصدقة واجبة على كل الأديان، فلقد ذهبنا للبوذية في جبال الهملايا ووجدناهم يتصدّقون أكثر من المسلمين، وعاشرنا النصارى وكانوا أكثر منّا في تصدّقهم على الفقراء، ونعلم بأنّ اليهود لا يقلّون عنّا في الصدقة، فهي جزء من دين أهل الكتاب.
إن كنا نؤمن بأنّ أهل الكتاب لهم حق في مبانيهم الخاصة، فلا يحقّ لأيٍّ منّا المساس بهذه الخصوصية، ولا نعلم سبب الزوبعة التي حدثت من بعض الأقاويل والتصوير الذي لا يدع للناس خصوصيتهم! فبيوتنا هي شأننا، وإن كنّا نريد التصدّق أو الاجتماع، فهل لنا إلاّ ما نملكه حتى يقدم الناس لنا، ونعطيهم من الخير؟!
نملة علّمت سيدنا سليمان عليه السلام حسن الظن، ففي قوله تعالى: «حتّى إذا أتوا على وادي النمل قالت نملة يا أيّها النمل ادخلوا مساكنكم لا يحطمنّكم سليمان وجنوده وهم لا يشعرون» (سورة النمل، آية 18).
نملة أحسنت الظن في سليمان الحكيم، وأعطته عذراً، ونصحت النمل بالدخول إلى بيوتها، فقد يحطّمهم سليمان وجنوده وهم لا يشعرون، ماذا قالت؟! لا يشعرون! عذر وحسن ظن وما أعظمها من نملة تُعلِّم البشر حسن الظن!
أليس في سيرة محمّد (ص) عن حسن الظن؟! أليس محمّد (ص) قدوتنا في حسن الظن؟! ألم يعلم بأنّ هناك منافقين، وأليس أقدر منّا على كشفهم والتشهير بهم؟! لماذا لم يقم بهذا العمل؟! لأنّ الدين هو الأخلاق، لا نتجسّس على الآخرين، فهذا ليس عملنا، ولا نسيء الظن لأنّ الله كفيل بعباده، فالله من فوق سابع سماء يحفظنا إن كان هناك من يريد الشر لنا، فلماذا نسيء الظن في الآخرين؟!
نصيحة الى الجميع أحسنوا الظن ولا تتدخّلوا فيما لا يعنيكم، وإن كان هناك شك أو ريبة من أمر ما أو مجموعة ما أو بيت ما، فهناك أجهزة أمنية تعمل ليلاً نهاراً من أجلنا جميعاً، فتوجّهوا لها، وهي الأعلم بما يجب أن تقوم به، ولكن لا تخلطوا الحابل بالنّابل، ولا تؤدّوا عمل وزارة الداخلية، وأحسنوا الظن دوماً، نصيحة لا تنسوها أبداً!