هاني الفردان- الوسط البحرينية-
الحديث عن وجود «خلايا نائمة» تابعة لتنظيم «القاعدة» في أي بلد عربي أو حتى أجنبي، أمر منذ سنوات وليس جديداً، الحديث عن «داعش» وتواجده بقواعده، أيضاً ليس غريباً ولا مستغرباً، بل هو واقع موجود، تلمسناه حتى لدينا في البحرين عندما أعلن مؤخراً (21 أكتوبر/ تشرين الأول 2015) عن انتهاء النيابة العامة من التحقيق في واقعة تشكيل فرع لجماعة إرهابية على خلاف أحكام القانون (ما يسمي بـ «تنظيم داعش»)، وإحالة أربعة وعشرين متهماً إلى المحكمة المختصة منهم ثمانية متهمين محبوسين وستة عشر هاربين، واتهامهم بإنشاء فرع لجماعة إرهابية خططت للإعداد لعمليات انتحارية داخل دور العبادة في البحرين.
«التفجير الانتحاري أو ما عرف بعد ذلك بـ«الإنغماسي» وهو الأسلوب الأكثر اتباعاً لدى تنظيم «داعش» يقوم على أساس انغماس أفراد التنظيم في مجتمع ما، ومن ثم تفجير نفسه في أكبر حشد من الناس لقتل أكبر عدد ممكن منهم.
مشهد «الانغماسي» شوهد كثيراً في السعودية والكويت ومؤخراً في لبنان وكذلك وصل إلى فرنسا التي استخدمت فيها لأول مرة «الأحزمة الناسفة».
باريس أمضت الجمعة (13 نوفمبر/ تشرين الثاني 2015) ليلة دموية مع تنظيم «داعش» الذي نسق 6 عمليات منها عمليتان انتحاريتان بحزام ناسف وأربع عمليات إطلاق نار تم فيها استخدام سلاح الكلاشينكوف وبنادق حربية ثقيلة، تلك الأحداث أودت بحياة 128 شخصاً وجرحت العشرات.
ذلك هو وجه «داعش» العلني والظاهري والدموي، ولكن له أوجه كثيرة أخرى، متسترة تعيش بيننا في مجتمعاتنا، ويبررون لأعمال تلك الجماعة «التكفيرية»، وهم ينشطون بأساليب مختلفة.
الوجه العلني معروف خطره، ولكن الوجه المتخفي هو أخطر بكثير، كونه يعمل على تشكيل حواضن مستقبلية، ومغذية فكرياً لذلك التطرف والإرهاب الذي يبيح قتل الأبرياء بشتى الطرق.
مازالت ذاكرتنا تحتفظ بكتابات تطالب بعدم الوقوع في «الفخ» محذِّرةً من عدم «الانسياق والانجرار إلى الحديث عن ما لا وجود له في البحرين»، ويقصد بذلك «القاعدة» وأخواتها مثل «داعش» وغيرها، متجاهلين أو متغافلين أنهم هم أنفسهم من هددوا قبل، باللجوء إلى القاعدة وأخواتها وخلاياها النائمة، وعبر دعوات صريحة لتشكيل تلك التنظيمات.
بعد تفجير برج البراجنة في بيروت وصف كاتب كويتي انتحاريي وإنغماسيي «داعش» بـ «جنود الحق من المؤمنين الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه» بتنفيذهم تفجيرين في الضاحية الجنوبية ببيروت.
بعد تفجيرات باريس، وما حدث فيها من مجزرة، غرد رئيس حركة سياسية مستغرباً من الذين «سيتعاطفون مع أحداث باريس وسيعزون وقد يذهبون لمواساتهم»، مطالباً إياهم أن لا ينسوا القتلى يومياً وبالمئات في سورية والعراق»، داعياً إياهم بـ«القليل من الإنصاف».
وجه «داعش» الحقيقي أصبح وجوده مسلّماً به، قد تنشط خلاياه في بلد ما وقد تنام في مكان آخر في انتظار لحظة التنفيذ، كما أن وجود الوجه «الداعشي» الآخر، لا يمكن نكرانه، في ظل ما نشهده من مواقف للكثيرين عبر مواقع التواصل الاجتماعي، بعضهم مؤيد، والآخر مبرر، كما بينهم من مازال «خجلاً» من التغريد باسمه فيقوم بإعادة نشر تغريدات غيره!
في البحرين مثلاً بات وجود «داعش» حقيقة مثبتة رسمية، وتشجيعهم على القتال هناك».
الوجه الآخر لـ «داعش» هو الذي ينشط إعلامياً وطائفياً، لحرف البوصلة فكرياً، وخلق مساحات واسعة، وبيئات قابلة مستقبلاً لذلك التمدد الذي أعلن عنه قائد ذلك التنظيم أبوبكر البغدادي قبل عام كامل (13 نوفمبر/ 2014).