هاني الفردان- الوسط البحرينية-
بات واضحاً أن الخطاب الأميركي المتعلق بالشأن البحريني ثابتاً منذ فترة طويلة سواء كان ذلك في تشخيصه للأزمة ما بين كونها «سياسية» أم «طائفية» أو حتى من خلال طرح الحلول لها في ظل دعواته المتكررة للمصالحة بين المعارضة والسلطة.
وزير الخارجية الأميركي جون كيري دعا خلال استقباله نظيره البحريني الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة في واشنطن، الخميس (19 نوفمبر/ تشرين الثاني 2015) إلى المصالحة في البحرين بين المعارضة والسلطة، قائلاً «إنه ينوي قريباً زيارة البحرين التي تشهد اضطرابات منذ 2011». وذلك بحسب ما نقلته وكالة الأنباء الفرنسية.
فحوى حديث كيري كان قد أشار إليه الرئيس الأميركي باراك أوباما من قبل أيضاً في خطابه (أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك 24 سبتمبر/ أيلول 2013)، والذي تطرق فيه إلى الأزمة البحرينية، عندما تحدث عن وجود «التوترات الطائفية في العراق والبحرين وسورية».
في العام 2013 وصفت الدبلوماسية البحرينية خطاب الرئيس الأميركي في الشأن البحريني بـ «لغة جديدة»، و»شيء صعب وجديد ولا يمكن تقبله»، إذ كانت الصعوبة فيه هو «ربط» السياسة الأميركية للحالة البحرينية بالوضع الإقليمي، وإقحام الأزمة البحرينية في دائرة المتغيرات الإقليمية، وهو ما أحدث إرباكاً سياسياً داخلياً، بشأن التشخيص الرسمي لما يحدث في البحرين، حيث كان ما قبل 2013 «طائفياً» فيما تغير بعد ذلك التاريخ (24 سبتمبر 2013) لسياسي ومن ثم أمني حتى بات يوصف حالياً بـ «الإرهابي».
لماذا الأميركان لازالوا متمسكين بتشخيص الحالة البحرينية على أنها حالة «طائفية»، وهل ذلك التشخيص جاء من عبث واستنتاجات غير منطقية، أم أنهم استندوا لمعلومات مغلوطة أو استمدوا مواقفهم من مواقف «جهات مشبوهة ومغرضة»، أم هم قادرون على ذلك من خلال شبكة واسعة جداً من المستشارين والمؤسسات والشبكات للوصول إلى المقاربة الصحيحة لأي وضع في أي مكان، أم أنهم استمدوا توصيفهم للأزمة البحرينية من بيانات بحرينية رسمية، وتصريحات مسئوليها ومواليها، أخبارها، مواقفها، أعمالها، وما كانت تروج له، فتلك الدبلوماسية في يوم من الأيام كانت تقول بأن «المشكلة في البحرين هي عبارة عن «مسألة طائفية» بين السنة والشيعة»!.
مع استيعاب الجانب الرسمي لحالة «الإرباك»، ومن ثم تعديل الخطاب نحو «الحفاظ على النسيج الوطني الجامع، ورأب الصدع، والعمل على توحيد الصفوف، رغم الاختلافات السياسية والآراء بشأنه، خرجت قيادات لجمعيات سياسية بخطاب أقرب إلى خطاب «كراهية» علني ومدعوم أيضاً.
الحديث عن الإرباكات السياسية الرسمية بشأن «خطاب الكراهية» و «التوتر الطائفي»، قد يوصف على أنه نتيجة أخطاء استراتيجية في قراءة تداعيات توصيف المشهد البحريني سواء كان «طائفياً» أم «سياسياً» أو حتى «إرهابياً».
هل يلام المسئولون الغربيون عندما يتحدثون عن حالة «طائفية» في البحرين، عندما ترسل لهم وفود بحرينية محملة بخطابات «الكراهية» و «الطائفية»؟
عندما يجد العالم خطاباً كخطاب رئيس إحدى الجمعيات السياسية الذي ألقاه أمام الدائرة المستديرة التي أقامتها جمعية الصداقة الفنلندية البحرينية (16 سبتمبر/ أيلول 2014) في العاصمة الفنلندية (هلسنكي)، وبحضور شخصيات رسمية من السفارة البحرينية هناك، فهل سيلام ذلك العالم على تشخيص الحالة البحرينية على أنها حالة «طائفية». التلخيص كان بمثابة خطاب «طائفي» واضح وصريح، وقد جاء فيه بالحرف الواحد: «ظهرت روح الكراهية الطائفية الشيعية التي كانت مستترة من أتباع التيارين في كثير من القطاعات العامة والخاصة عندما ظنوا أن مخططهم قد أصبح قاب قوسين أو أدنى من التحقيق، وأن النظام سوف ينهار كما انهار النظام التونسي والمصري».
الحديث علناً وصراحةً، عن «انقسام سني شيعي في البحرين»، في تصريح لوكالة الأنباء الفرنسية في 27 مايو/ أيار 2012، وبالحرف الواحد: «الآن انتهت الثقة بين الطائفتين السنية والشيعية».
ذلك الخطاب وغيره، ورغم محاولات بعض الأطراف تجاوزه، إلا أنه لازال «مستمراً» ولو بوتيرة أقل حدة مما كانت عليه طوال الفترة الماضية، بعد استيعاب الجهات الرسمية خطورته، وما آلت إليه تداعياته من خلق صورة ذهنية لدى العالم من أن الأزمة في البحرين «طائفية».
الأزمة في البحرين «سياسية»، وليست طائفية، وهي حقيقة حتى وإن حاول البعض من قبل إعطاءها الصبغة «الطائفية» لتحقيق أجندات مرحلية دون استيعاب مخاطر ذلك التوصيف مستقبلاً.