جميل المحاري- الوسط البحرينية-
يوم الأحد الماضي وافق مجلس الشورى على اقتراح بقانون يحظر بموجبه رجال الدين المنتمين لجمعيات سياسية من الخطابة، من خلال تعديل المادة الخامسة من قانون الجمعيات السياسية والتي تضم في صيغتها الحالية خمسة شروط يجب أن تتوافر في العضو الذي ينضم إلى جمعية سياسية، ليضاف شرط جديد وهو ألا يجمع العضو بين الانتماء للجمعية واعتلاء المنبر الديني أو الاشتغال بالوعظ والإرشاد ولو بدون أجر.
وعلى رغم وجود شبهة دستورية على أساس «أن جميع المواطنين متساوون في الحقوق والواجبات» إلا أن المغزى من هذا المقترح غير واضح تماماً، فهل يهدف هذا الاقتراح لمنع رجال الدين من الانتماء للجمعيات السياسية وبذلك يتحقق الخرق الدستوري من منع فئة من المواطنين من العمل في المجال السياسي، أم العكس أي منع الخطابة الدينية عن رجال الدين «المسيسين»؟
إحدى الجرائد المحلية عنونت هذا الخبر بـ «الشورى ينحاز إلى مبدأ الفصل بين الدين والسياسة»، فيما علق أحد القراء على هذا العنوان بالكتابة «ظهور واضح للعلمانية... ابشروا بغضب الله»، من جهته اعتبر النائب الثاني لمجلس الشورى الشيخ عادل المعاودة أن «الحجر على شريحة من المواطنين من ممارسة حقها السياسي كباقي المواطنين لا يتفق مع الديمقراطية، وإذا كانت هناك شريحة من رجال الدين أخطأت فلا ينبغي التعميم، كما أن الحل يكون بتطبيق القانون الحالي بشأن ضوابط المنبر الديني».
تصوير منع رجال الدين من الانضمام للجمعيات السياسة وكأنه انحياز إلى مبدأ الفصل بين الدين والسياسة وتطبيق للتعاليم العلمانية في البحرين، يبدو أنه بعيد جداً عن الواقعية والصحة، فالعلمانية بوصفها نظام حكم تعني فصل المؤسسات الدينية عن السلطة السياسية، وهي طريقة للحكم ترفض وضع الدين كمرجع رئيس للحياة السياسية والقانونية، وبذلك فإن الأولى في الحالة البحرينية إن صنفت هذه الخطوة بأنها انحياز للفصل بين الدين والسياسة، هي منع رجال الدين من العمل السياسي بما في ذلك عضوية المجالس التشريعية «كمجلسي الشورى والنواب»، اللذين يعتبران المؤسستين الرئيسيتين للتشريع والرقابة. في حين أن الواقع هو العكس من ذلك تماماً، فهناك عدد لابأس به من رجال الدين في هاتين المؤسستين.
لا يوجد ما يمنع اشتغال رجال الدين بالسياسة، سواء كان ذلك من منظور حقوقي أو أخلاقي، وإنما الممنوع هنا هو استغلال الدين للحصول على مكاسب سياسية أو فرض رؤى وأفكار على الآخرين.
حتى في أكثر الدول علمانية لم يتم منع رجال الدين من العمل السياسي، فيكفي أن نذكر هنا داعية الحقوق الإنسانية القس مارتن لوثر كينج ونضاله من أجل الحرية والمساواة وإنهاء التمييز العنصري ضد السود في الولايات المتحدة الأميركية في أواسط الستينات من القرن الماضي، القس مارتن لوثر كينج منح جائزة نوبل للسلام في العام 1964 لنضاله ومواقفه الإنسانية، ولم يؤخذ عليه من أي كان كونه رجل دين أو قساً كهنوتياً رغم حصوله على درجة الدكتوراه في اللاهوت.