سلمان سالم- الوسط البحرينية-
في جلسات مجلس النواب الأخيرة، اتخم المجلس بعشرات المقترحات برغبة المقدمة من السادة النواب، ماذا يكشف هذا التوجه الغريب من النواب؟ لماذا يصرون على استخدام الأداة الأضعف في العمل النيابي والتي لا تلزم الحكومة بتنفيذها ؟ هل يريدون من خلال مبالغتهم المفرطة في تقديم المقترحات برغبة أن يثبتوا للرأي العام المحلي والخارجي أنهم غير قادرين على استخدام الأدوات النيابية المؤثرة كالاستجواب والمساءلة وسحب الثقة؟ لماذا لا يتجهون إلى ممارسة مهامهم النيابية (التشريع والرقابة)، لكي يشرعوا القوانين التي تصب في صالح الوطن والمواطن بدلاً من تضييع أوقاتهم في صوغ المقترحات برغبة التي لم تعتمد على دراسات موضوعية، بالإضافة أنهم يعرفون أنها لا تغني ولا تسمن من جوع في مفهوم العمل النيابي؟ ولماذا لا يأخذون دورهم الكامل في الرقابة؟ هل هناك موانع منطقية تحول بينهم وبين ممارستهم هذه المهمة النيابية على أكمل وجه؟
إذا كان كذلك، لماذا لا يفصحوا عن تلك الموانع بكل وضوح للرأي العام المحلي حتى يعذروهم إذا كانت وجيهة وينبهوهم إذا كانت غير منطقية؟ النائب الذي يبذل جل وقته النيابي في الرد على رفض الحكومة لمقترحه الذي قدمه برغبة، بأسلوب إنشائي لا يمت بأية صلة بالعمل النيابي الحقيقي، وهو يعلم أن الكلام الذي يطلق على عواهنه ومن دون حسابات واقعية، لن يقدم أو يؤخر في رد الحكومة، فلهذا نقول للسيد النائب الموقر، عليه مراجعة أسلوبه غير المجدي جيداً، والاتجاه نحو العمل النيابي الحقيقي، للقيام بالمهام التشريعية والرقابية بصورة حقيقية، وأن يقوم بممارسة الأدوات النيابية التي ذكرناها آنفاً، مقدماً في ذلك مصالح الوطن على كل المصالح الأخرى.
المواطن يقول للنائب الذي يقدم مقترحات برغبة بعد مصادقته على برنامج الحكومة، إذا كان غير ملتفت إلى هذه المسألة، فتلك مصيبة، وإذا كان ملتفتاً لها ولكنه لم يطالب بتنفيذها أثناء مناقشته لبرنامج الحكومة لاعتمادها رسمياً ورصد لها ميزانية مناسبة لتنفيذها، لكي لا يبقى طوال الدور النيابي بلا عمل، فهذه مصيبة أكبر، دهش المواطن كثيراً، عندما سمع السيد النائب يسمي وزارة العمل والتنمية الاجتماعية بوزارة العمل والشئون الاجتماعية، كيف يستطيع السيد النائب الذي لم ينطق اسم الوزارة التي يعنيها صحيحا محاسبتها ؟ واللافت في الأمر أن النواب لم يتطرقوا إلى ما جاء في تقرير ديوان الرقابة المالية والإدارية لا من بعيد ولا من قريب في أية جلسة من جلسات مجلس النواب، لماذا يتجاهل السادة النواب تقرير ديوان الرقابة المالية والإدارية بهذه الصورة الغريبة؟ أليس من صميم مهامهم النيابية أن يناقشوا بجد كل مفردات هذا التقرير المهم، والقيام بمحاسبة ومساءلة الجهات الرسمية التي تجاوزاتها ومخالفاتها القانونية قد كلفت البلد ملايين الدنانير؟ لماذا يتعاملون مع التقرير وكأنهم لم يسمعوا عنه ولم يطلعوا عليه، رغم أن الكل يعلم أنهم تسلموه قبل مدة طويلة، وقبل أن يصل إلى أي جهة في البلد، وقبل نشر بعض فقراته في الصحافة المحلية، وقبل تحدث الاقتصاديين والسياسيين عنه في ندواتهم ومنتدياتهم ومحافلهم الاجتماعية، لم يبق أحد من المتابعين للشأن المحلي لم يتحدث عنه بالتفصيل، إلا النواب الذين لم يجد لهم المواطن موقفاً يدل على أهمية هذا التقرير لديهم، لماذا أيها النواب تتجاهلون التقرير بهذه الصورة غير المبررة، ألستم أنتم الأولى من أية جهة بالتحدث عن هذا الشأن المهم؟ ما هي الأسباب التي جعلتكم أيها السادة لا تعطون أية أهمية للتقرير؟ إن شاء الله المانع خير، ألم تعدوا الناس أنكم ستحققون لهم إنجازات نوعية؟ ألستم أنتم الذين رفعتم في حملاتكم الانتخابية (بصوتكم نقدر)؟ ماذا حدث لكم حتى جعلكم لا تقدرون على تحقيق أي وعد وعدتموه للناس؟ لماذا مازلتم تراوحون في أماكنكم في الكثير من القضايا وفي بعضها تراجعتم خطوات بعيدة عن طموحات المواطنين؟ أين مبادراتكم لحل الأزمات السياسية والاقتصادية والأمنية التي يعاني منها الوطن والمواطن؟ كثير من التساؤلات تدور في أذهان الناس ولم يجدوا لها إجابات مقنعة من السادة النواب حتى هذه اللحظة.