نواف محمد المعاودة- الوسط البحرينية-
تشارك مملكة البحرين، المجتمع الدولي اليوم في الاحتفال «باليوم العالمي لحقوق الإنسان» وهو اليوم الذي اعتمدته منظمة الأمم المتحدة بمناسبة تدشين الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في العاشر من ديسمبر/ كانون الأول العام 1948م.
وهنا أود اغتنام هذه الفرصة، لبيان جزء من جهود مملكة البحرين في احترام حقوق الإنسان في المجالات كافة، مما جعل البحرين نموذجاً راقياً في المنطقة ومثالاً حيّاً على التحضر والتسامح، بشكل يدعونا إلى الفخر بما حققته مملكتنا الغالية وأسهمت فيه من تقدم في هذا المجال، وبشكل خاص مع تدشين المشروع الإصلاحي لعاهل البلاد، وإقرار ميثاق العمل الوطني العام 2001م بغالبية ساحقة بلغت 98.4 في المئة، وهو ما ترجمه دستور المملكة الذي يؤكد على حقوق الإنسان ويعمل على صيانتها والحفاظ عليها، فهو يضمن حرية التعبير وحرية الصحافة، وحرية التجمع، ويرسخ قيم المساواة بين جميع السكان بغض النظر عن الجنس أو الأصل أو اللغة أو العقيدة، كما يقر حرية ممارسة الشعائر الدينية لأصحابها.
أقر دستور مملكة البحرين أيضاً المساواة بين الجنسين في الحقوق والواجبات القانونية والسياسية، الأمر الذي انعكس إيجاباً على مشاركة المرأة في الحياة السياسية والوظيفية، إذ شكلت المرأة البحرينية أكثر من 45 في المئة من موظفي الخدمة المدنية، كما أن لدينا العديد من السيدات عضوات في مجلسي النواب والشورى، بالإضافة إلى المؤسسات المستقلة التي تعنى بشئون المرأة مثل المجلس الأعلى للمرأة الذي تترأسه قرينة عاهل البلاد صاحبة السمو الملكي الأميرة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة، بجانب ذلك توجد الكثير من منظمات المجتمع المدني التي تختص بقضايا المرأة أو التي تساهم فيها المرأة بدور واضح وفعال.
عملت مملكة البحرين أيضاً على احترام حقوق الإنسان في مجالات الطفولة، حيث وقعت في العام 2004م على (البروتوكول الاختياري لاتفاقية حقوق الطفل بشأن اشتراك الأطفال في المنازعات المسلحة)، والذي تم اعتماده بموجب قرار للجمعية العامة للأمم المتحدة في 25 مايو/ أيار 2000م.
وفي نفس الإطار العام فإن مملكة البحرين هي من أوائل الدول في المنطقة التي تقبل بعملية الاستعراض الدوري الشامل لحقوق الإنسان فيها، وهي العملية التي اعتبرتها الأمم المتحدة «فرصة لجميع الدول للإعلان عن الإجراءات التي اتخذتها لتحسين أحوال حقوق الإنسان في بلدانها والتغلب على التحديات التي تواجه التمتع بحقوق الإنسان».
أما على الصعيد العملي والواقعي فإن أبرز مثال حدث في الآونة الأخيرة يدل على منهجية العمل على تعزيز واحترام حقوق الإنسان، كان إنشاء اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق في 29 يونيو/ حزيران 2011م، للتحقيق في الأحداث التي شهدتها مملكة البحرين في ذلك العام، وهي خطوة شجاعة وغير مسبوقة وهدفت بموجب التكليف الملكي السامي لها للتحقيق في أحداث العام 2011 والخروج بنتائج وتوصيات تتعلق بها.
ولقيت اللجنة والتي عُرفت إعلامياً باسم (لجنة بسيوني) كل الدعم من جانب مملكة البحرين وقيادتها، وفي 23 نوفمبر/ تشرين الثاني 2011م قام رئيس اللجنة الد شريف بسيوني، برفع تقرير اللجنة وما احتواه من توصيات إلى عاهل البلاد حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، بحضور رئيس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة، وولي العهد نائب القائد الأعلى النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة.
وقد أصدرت اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق 26 توصية تدعم وتعزز احترام حقوق الإنسان في مجالات عدة، كان من ضمنها التوصية رقم 1717 والتي نتج عنها إصدار مرسوم ملكي بتأسيس مكتب الأمين العام للتظلمات، وذلك في فبراير/ شباط 2012م، أصبح فيما بعد الأمانة العامة للتظلمات بموجب المرسوم رقم (35) لسنة 2013م، الذي وسع من اختصاص الأمانة، ليشمل تنفيذ الفقرة (د) من التوصية رقم 1722 من توصيات اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق، وبذلك أصبحت الأمانة العامة هي أول جهاز تنفيذي مستقل من نوعه في المنطقة، يختص بعمل منتسبي أجهزة وإدارات وزارة الداخلية.
ويعد اختصاص كل من الأمانة العامة للتظلمات ومفوضية حقوق السجناء والمحتجزين والتي اُنشئت بموجب المرسوم رقم (61) لسنة 2013م، في زيارة السجون وأماكن الحبس الاحتياطي والاحتجاز، تطوراً حقوقياً مهماً في هذا المجال، حيث إنه قبل العام 2011م لم يكن هناك سوى جهتين فقط هما: السلطة القضائية والنيابة العامة، لهما صلاحية زيارة وتفتيش هذه الأماكن، أما بعد تشكيل وتأسيس العديد من المؤسسات المستقلة المعنية بأوضاع النزلاء والمحبوسين والمحتجزين فقد أصبح لدينا الآن كل من: الأمانة العامة للتظلمات، ومفوضية حقوق السجناء والمحتجزين، والمؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان، لها صلاحيات زيارة هذه الأماكن ومراقبتها، هذا إضافة إلى ما تقوم به (اللجنة الدولية للصليب الأحمر) في هذا المجال بالتعاون والتنسيق مع وزارة الداخلية.
من جانبها تقوم الأمانة العامة للتظلمات بالتحقيق في الشكاوى المقدمة من جانب النزلاء والمحبوسين والمحتجزين، والتي قد تتعلق بأسلوب معاملتهم، أو ظروف احتجازهم، أو الضمانات والحقوق المقدمة لهم، أو الرعاية الصحية، أو غيرها من طلبات المساعدة، كما تتعاون بشكل مستمر مع مفوضية حقوق السجناء والمحتجزين عن طريق تبادل الخبرات ومهارات العمل ووضع آليات ومعايير للتفتيش على السجون وأماكن الحبس الاحتياطي والاحتجاز، ولاسيما أن الأمانة العامة للتظلمات أصبح لديها خبرة واقعية في تفتيش هذه المقار بعد زياراتها المفاجئة لمركز الإصلاح والتأهيل بجو (سجن جو) والتي جرت على مدى عدة أيام في شهر سبتمبر/ أيلول 2013م، ونشرت تقريراً بشأنها في الشهر نفسه، من جانبها اتخذت مفوضية حقوق السجناء والمحتجزين المبادرة في القيام بالزيارات التفتيشية للسجون وأماكن الحبس الاحتياطي والاحتجاز، حيث قامت منذ أبريل/ نيسان 2014م بتسع زيارات تفتيشية مفاجئة شملت كلاً من:
مركز الحبس الاحتياطي بالحوض الجاف، مديرية شرطة محافظة العاصمة، مديرية شرطة محافظة المحرق، مديرية شرطة المحافظة الشمالية، مديرية شرطة المحافظة الجنوبية، الإدارة العامة للمباحث والأدلة الجنائية، مركز رعاية الأحداث، مركز إصلاح وتأهيل النزيلات، مركز الاحتجاز والحبس الاحتياطي للنساء.
من جانب آخر فإن كلاً من الأمانة العامة للتظلمات ومفوضية حقوق السجناء والمحتجزين تدركان ضرورة التطوير المستمر لعملهما، من خلال الاستفادة من الخبرات المكتسبة من الواقع المهني العملي، ومن خلال تدعيم أواصر التعاون مع المؤسسات الدولية ذات الخبرة والكفاءة، وعن طريق تعزيز التعاون المشترك مع المؤسسات والهيئات الوطنية ذات الاختصاص المشابه، والجهات ذات العلاقة بمجال عملهما في السلطتين النيابية والقضائية.
إن كلاً من الأمانة العامة للتظلمات ومفوضية حقوق السجناء والمحتجزين يسعدهما المشاركة في اليوم العالمي لحقوق الإنسان، وتؤكدان اهتمامهما بالدور الحقوقي الذي تلعبانه في المجتمع، كمؤسستين مستقلتين تعملان من أجل خدمة الجمهور واكتساب ثقته والعمل على تعزيز احترام حقوق الإنسان في مجالات عملهما.