الوطن البحرينية-
قال المحامي العام أسامة العوفي، إن أمين عام جمعية الوفاق الوطني الإسلامي علي سلمان، وصف رجال الأمن بـ»الدواعش» والتكفيريين و»عسس الليل»، متسائلاً «أين هذا الوصف من حرية الرأي والتعبير»؟ بينما أرجأت محكمة الاستئناف العليا القضية إلى جلسة 14 يناير المقبل لتقديم الدفاع مرافعته النهائية.
وأضاف العوفي في مرافعة النيابة العامة أمام «الاستئناف» أمس، أن سلمان ألمح لإمكان ترحيل مكتسبي الجنسية البحرينية بتوابيت الموتى،
وصرح بأن الخيار العسكري عرض على المعارضة.
وأوضح أن أمين عام الوفاق خالف المعايير الدولية بتهديد الأمن الوطني والدعوى للعنصرية والتمييز وتقويض نظام الحكم وإشاعة الفوضى وتبرير العمليات الإرهابية.
وأكد العوفي أن سلمان التمس العذر لكل من حرض الناس على عدم الانقياد للقوانين وأقام الحجة على نفسه بسوقه تبريرات واهية وممجوجة، مطالباً بإنزال أشد العقوبات بالمستأنف في التهم الثلاث المدان فيها. واعتبر العوفي ادعاء علي سلمان أن ما قاله «حرية تعبير» محاولة للإفلات من المساءلة، لافتاً إلى أن المستأنف ادعى أن الحكم في البحرين ليس ملكية دستورية خلافاً للحقيقة. وطالب في مرافعته الشفوية بإدانة أمين عام «الوفاق» عن تهمة الترويج لتغير النظام السياسي في البلاد، وإنزال أقصى العقاب به، وتشديد معاقبته عن التهم الثلاثة الأخرى المدان فيها بالسجن 4 سنوات، جزاء ما اقترفت يداه بحق وطنه، بينما طلب رفض استئناف المتهم.
وعقدت محكمة الاسئتناف العليا أمس جلستها الرابعة في نظر الطعن المقدم من النيابة العامة ومن أمين عام «الوفاق»، في الحكم الصادر بإدانته ومعاقبته بالحبس أربع سنوات في القضية المتهم فيها بالترويج لتغيير النظام السياسي بالقوة والتهديد، والتحريض علانية على بغض طائفة من الناس بما من شأنه اضطراب السلم العام، والتحريض على عدم الانقياد للقوانين وتحسين أمور تشكل جرائم، وإهابة هيئة نظامية.
وتمسكت النيابة العامة بخطب المستأنف المساقة في أوراق الدعوى كدليل إدانة، وأكدت أنها لن تتنازل عن أي تهمة من الاتهامات المسندة إليه، فيما اعترض الدفاع باعتبارها دليل براءة موكله.
وقال العوفي إن المستأنف ألمح لإمكانية ترحيل مكتسبي الجنسية من البلاد في توابيت الموتى، فضلاً عن تصريحه بأنه عُرض على المعارضة أن تنتهج نهج المعارضة السورية وأن تحول البلاد إلى معركة عسكرية.
وأكد أن ما قاله المتهم لا يدخل بأي معيار غربي أو شرقي في حرية الرأي، وتساءل «أين حرية الرأي المصونة والمنضبطة قانوناً واتفاقاً حينما وصف رجال الأمن بأنهم دواعش تكفيريين وعسس الليل؟».
وذكر أن علي سلمان خالف المعايير الدولية بتهديده الأمن الوطني والنظام العام وبدعواه العنصرية ونداءاته الداعية للتمييز والاضطهاد، متسائلاً «أين حرية التعبير في تهديد الأمن الوطني والنظام العام اللذان كفلهما العهد الدولي بالحماية حينما دعا إلى تقويض نظام الحكم الدستوري في البلاد وإشاعة الفوضى والاضطرابات وتبرير أعمال الإرهاب، والتماس العذر لكل إرهابي حرض الناس على عدم الانقياد للقوانين إجمالاً؟».
أقوال سلمان قرائن
وقال العوفي إن جميع هذه الأدلة بتوفرها تستغرق كافة العناصر القانونية للجرائم المرتكبة استغراقا كلياً ينهض بالاتهام ويقيمه على أسسٍ غير مجحودة أو مشوبة بغموض، فهي مستقاة من التحريات بالإضافة إلى الأدلة القولية والماديات خلال التحقيقات، بل وتجد لها حظاً موفوراً من أقوال المستأنف ومن قرائن تتساند وبقية الأدلة المستمدة من فم المتهم ذاته، ما اشتملت عليه خطبه من عبارات وكلمات، وما تفصح عنه من مقاصد دونما لبس أو غموض.
أقام الحجة على نفسه
وأكد العوفي أن ما أبداه المدان من تبريرات واهية وتفسيرات ممجوجة لما صدر عنه، إنما يعد رسالة بحثية نموذجية فريدة في تحقيق العناصر القانونية المكونة لجرائمه، فأقام الحجة على نفسه وبلسانه في ظل إنكار غالب مكذوب. ولفت إلى أن الدعوى بدأت بمقاطع قالها سلمان واتخذت منها النيابة العامة دليلها الأول على صحة الاتهام ونسبته إليه، ومن بعدها استندت على تحريات الشرطة وشهادة مجريها لتكون الدليل الثاني في الدعوى والمكمل للأول، وهي بالقطع تحريات جدية، وسلمان أول من يعلم أنها جدية وحقيقية لا يأتيها الباطل، وأنه ارتكب كل ما ورد فيها.
واعترف علي سلمان في أسباب استئنافه أن الضابط مجري التحريات استقى تحـرياته مـن كلمات قالها «سلمان» والمستفاد من عباراته، ما يعد إقراراً بأن هذه الكلمات والخطب صحيحة وأنه قائلها، فهو إذاً يسلم ـ على منطقه ـ بأنها صحيحة ومنسوبة إليه.
وفيما يخص دفاعه أن ما قاله من عبارات وكلمات يدخل في نطاق حرية الرأي والتعبير ولا يشكل جريمة طبقاً للمعايير الدولية، عقبت النيابة العامة في مرافعتها، بأنها محاولة آخرى للإفلات من المساءلة، ثم إنه يكشف عن ضعف حيلته، وهو من قبل يستدعي بياناً لما يتنكر له عن عمد.
حرية التعبير مكفولة دستورياً
وقال العوفي إن دستور البحرين كفل حرية الرأي والتعبير، والمشرع نظم ممارسة الحريات كافة، وسن ضوابطها بما خوله الدستور وبما أرسته عهود ومواثيق واتفاقيات دولية صادقت عليها المملكة، التزاماً منها بتعهداتها الدولية وكونها عضو فاعل في المجتمع الدولي.
وأضاف أن للحريات ضوابط وهي مصونة بحسن ممارستها فلا تفريط ولا تكدير ولا اصطدام بحريات وحقوق الغير.
وأضح العوفي أنه ما دام المستأنف يتذرع بالمعايير الدولية فليتذكر الضوابط الاتفاقية فالمادة (19) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الذي انضمت إليه المملكة بموجب القانون رقم 56 لسنة 2006، فبعد أن نظمت هذه المادة حق الإنسان في اعتناق الآراء وحرية التعبير، تقرر أن ممارسة هذه الحقوق تستتبع مسؤولية وواجبات خاصة، وعلى ذلك يجوز إخضاعها لبعض القيود القانونية الضرورية لاحترام حقوق الآخرين أو سمعتهم، وحماية الأمن القومي أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة.
وجزم بأن ما قاله المستأنف لا يدخل بأي معيار غربي أو شرقي في حرية الرأي، وتساءل «أين حرية الرأي المصونة والمنضبطة قانوناً واتفاقاً على نحو ما سلف حينما وصف رجال الأمن بأنهم دواعش تكفيريين وعسس الليل؟».
توابيت الموتى للمجنسين
وذكر العوفي أن سلمان حرض على بغض مكتسبي الجنسية في عنصرية فجة ودعوة ممقوتة لاضطهادهم، بأن نفى عنهم الولاء للبحرين ووصفهم علانية بـ«المرتزقة»، وبأنهم مؤهلون لارتكاب جرائم إرهابية وإحداث تفجيرات، وألمح إلى إمكان إخراجهم من البلاد في توابيت الموتى.
وتطرق العوفي في مرافعته إلى أن المستأنف خالف المعايير الدولية بتهديده الأمن الوطني والنظام العام، وبدعواه العنصرية ونداءاته الداعية إلى التمييز والاضطهاد، عاداً الإجراءات المتخذة في الدعوى تطبيقاً موضوعياً جاداً للقانون ولما توافق عليه المجتمع الدولي.
وأشار إلى أن سلمان روج لتغيير النظام السياسي في البلاد موضوع التهمة الأولى بأمر الإحالة، وصرح بما تفتقت عنه قريحته من مبررات وأفكار من أجل تحقيق مأربه ذاك، بما فيها الإلماح إلى إمكانية اللجوء للخيار العسكري. وأكد أن المدان أشاع أن النظام السياسي لا يقيم لحقوق الإنسان وزناً، وسجل بمداد الحقد والكره أن هذا النظام يريد الاستئثار بالسلطة والثروة وأنه يريد لهذا النظام كي تستقيم الأمور. ووقفت النيابة العامة عند مطلب تحويل البحرين إلى ملكية دستورية، وقال العوفي «ما من ذي علم وبصر وبصيرة إلا ويعلم أن الملكية الدستورية هي نظام الحكم في البحرين، فما بال سلمان وهو عضو سابق بمجلس النواب وأمين عام جمعية سياسية وسياسي محنك حسب ما يزعمون، وداعية تشخص له الأبصار وتميل إلى تنظيراته الآذان في كافة المجالات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والإعلامية والعسكرية، فإن غاب عن مريديه هذا المفهوم، فهل يكون من المقبول عقلاً أن يغيب عنه؟». وأشار العوفي إلى أن المتهم لجأ إلى هذا الادعاء الكاذب لإتمام مشروعه في تسويق فكرته الإجرامية لدى العامة، بزعمه وجود ما يشوب نظام الحكم القائم من حيث تكوينه ووجوده لينفي الشرعية عنه، ومن ثم إحكام فكرة تغييره والترويج لها في العقول والأذهان.
وأستند العوفي على الفقرة «ب» من المادة الأولى من الدستور وتنص على أن حكم البحرين ملكي دستوري، كما نصت الفقرة «د» من ذات المادة على أن «نظام الحكم في البحرين ديمقراطي، السيادة فيه للشعب مصدر السلطات جميعاً، وتكون ممارسة السيادة على الوجه المبين في الدستور». وأكد أن الدستور سيد القوانين ينص صراحة على أن نظام الحكم ملكي دستوري، وجعلت فيه السيادة للشعب بجعله مصدر السلطات جميعاً، يمارسها على الوجه المبين بالدستور، وليس بقانون يمكن تعديله أو تغييره.
وأضاف أن السلطات الثلاث التنفيذية والتشريعية والقضائية، لتكون كل منها مستقلة تؤدي عملها دون تدخل من سلطة أخرى، وكذلك سلطة الملك مقيدة بالحدود المنصوص عليها في الدستور، فلا يمكنه مثلاً أن يتدخل بأي قدر في أعمال السلطة القضائية.
وأردف «لا يستطيع منصف أن يدعي أن البحرين ليست ملكية دستورية، وفق ما هو منصوص في ميثاق العمل الوطني والدستور»، لافتاً إلى أن الدستور أفرد فصلاً لكل سلطة، فنص على سلطة الملك في الفصل الأول، والسلطة التنفيذية في الفصل الثاني، والسلطة التشريعية في الفصل الثالث، والسلطة القضائية في الفصل الرابع، ونص صراحة على أن كل منها مستقلة مع تعاونها، وحرم على كل سلطة أن تتنازل لسلطة أخرى عن كل أو بعض اختصاصاتها المنصوص عليها في الدستور.
وقال إن الدستور ضمن ألا تتسلط سلطة معينة على باقي السلطات فتنزع منها بعض اختصاصاتها فتنقلب إلى مملكة مستبدة لأنها كرست السلطات في يد سلطة واحدة لتستأثر بها إضراراً بمصالح الشعب.
وتابع «ليس لأحد بعد كل ما تقدم أن يخرج علينا بإدعائه أن نظام الحكم في البلاد ليس ملكية دستورية، ما لم يكن مغرضاً متخذاً من هذا الادعاء المكذوب ـ كما فعل سلمان ـ عنصراً في ترويج تغيير النظام السياسي، وهي الجريمة موضوع التهمة الأولى».
وأوضح أن المغالطات التي تبناها المستأنف تشويهاً لبلده ولنظامه السياسي في إطار مشروعه الإجرامي لإفقاد الثقة فيه، اتخذها مبرراً لتغيير النظام.
فيما أضفى المستأنف على خطبه صبغة دينية بجعله الخروج على النظام والتحرك ضده جهاداً وواجباً دينياً، وباشر هذه الممارسات الآثمة بشكل تصاعدي، إلى حد أن تكرر منه التهديد باستخدام القوة العسكرية، بإفصاحه علانية عن أن الخيار العسكري كان مطروحاً ومازال، وباحتمالية اللجوء إلى ذاك الخيار في أي وقت على غرار ما اتبعته بعض الفصائل والطوائف في الخارج وشهدت المنطقة مثيلاً له. وطالب الدول الكبرى بالتدخل في الشأن البحريني، من أجل دعمه لتغيير نظام الحكم المرسوم بالدستور، بدعوى أن ذلك يحقق مصالح تلك الدول.
وذكرت النيابة العامة في بيانها الصحافي سابقاً، أنها اطلعت على تسجيلات للخطب والكلمات المنسوبة لعلي سلمان، واستجوبته بحضور أربعة محامين، وواجهته بما تضمنته خطبه وكلماته المسجلة الملقاة في محافل عامة، واشتملت بالدعوة صريحة لعدم الالتزام بأحكام القانون فيما يتعلق بتحديد أماكن سير المسيرات.
وحث سلمان ما يسمى بـ»المجلس العلمائي» المنحل بموجب أمر قضائي، بالاستمرار في ممارسة نشاطه وعدم الاعتداد بالحكم القضائي الصادر بحل المجلس، وتحريضه علانية ضد مكتسبي الجنسية البحرينية بنفي ولائهم للوطن ووصفهم بـ»المرتزقة» والادعاء باستئثارهم بنصيب المواطنين الأصليين في ثروات البلاد وخدماتها.
وقال سلمان إن في إمكان المجنسين ارتكاب أعمال إرهابية، ملمحاً إلى إمكان ترحيل مكتسبي الجنسية من البلاد في توابيت الموتى، فضلاً عن تصريحه بأنه عرض على المعارضة أن تنتهج نهج المعارضة السورية وأن تحول البلد إلى معركة عسكرية.
وأقر لدى مواجهته بالتحقيق بإلقائه كافة الخطب والتصريحات العلانية موضوع التحقيقات وبسائر العبارات المشتمل عليها، قبل أن تحيله النيابة محبوساً إلى محكمة أول درجة، وقضت بإدانته ومعاقبته بالحبس لمدة أربع سنوات عن الاتهامات المسندة إليه، فيما عدا تهمة واحدة حيث قضت ببراءته عنها.
وطعن سلمان على الحكم بينما طعنت النيابة عليه فيما قضى به بالبراءة لثبوت الاتهام ولتشديد العقوبة المحكوم بها على نحو يتناسب مع خطورة الجرائم.
ورفعت الجلسة للمداولة وقررت المحكمة تأجيل الدعوى إلى جلسة 14 يناير 2016 لتقديم الدفاع مرافعته النهائية، وتكليف النيابة بتسليم المستأنف صورة من محضر الجلسة والمرافعة المكتوبة.
عقدت الجلسة برئاسة القاضي الشيخ محمد بن علي آل خليفة وأمانة سر نواف خلفان.