منصور الجمري- الوسط البحرينية-
في السنوات الأخيرة صدرت الكثير من القوانين والقرارات والإجراءات تحت عنوان مكافحة الإرهاب، وهذا الطرح أصبح واسعاً بحيث يمكن استخدامه لتمطيط التعريف ليشمل ما يتعلق بحقوق الإنسان الأساسية. هذه المشكلة لا تختصُّ بالبحرين فحسب، وإنّما أصبحت مشكلة كبيرة في عدد غير قليل من الدول، ووصلت مؤخراً إلى فرنسا.
ففي 27 يناير/ كانون الثاني 2016، أعلنت وزيرة العدل الفرنسية كريستيان توبيرا استقالتها من منصبها بعد أن أعلنت معارضتها اقتراح الحكومة إسقاط الجنسية لفئة من الفرنسيين ممن يثبت تورُّطهم بقضايا إرهاب، على أن لا يتسبب إسقاط الجنسية في تحويلهم إلى «بدون». بمعنى آخر، فإنّ الحكومة الفرنسية ستتحقّق من وضعيّة الأشخاص المرتبطين بعمليات إرهابية فعلية (ضمن الأطر الدولية لتعريف الإرهاب)، ولن تُحوِّل أشخاصاً إلى فئة «بدون جنسية»؛ لأنّ ذلك مخالف للقانون الدولي بصورة صريحة. مع كلِّ هذه الاشتراطات المقترَحة من الحكومة الفرنسية، وجدت وزيرة العدل أن ذلك لا يكفي وقد يدفع باتجاه المساس بحقوق المواطنين الأساسية التي لا يمكن التصرُّف بها تحت أيِّ عُذرٍ كان، وبالتالي أعلنت استقالتها.
الإرهاب أصبح مشكلة كبيرة جداً، ولكن ليس كلُّ شيء إرهاباً، كما أن التصرُّف خارج إطار حقوق الإنسان أثبت أنه يعود بآثار سلبية ويخلق نتيجة معاكسة، وليس أوضح من ذلك أن ما فعلته أميركا في أبو غريب وغوانتنامو قد أدى إلى نتائج عكسية حتى بعد أن أعلنت توقفها عن كلِّ ما كانت تقوم به.
إن الاستقرار لا يتحقّق عبر تجريم المعارضة السلمية ومنع الناس من التعبير عن آرائهم واستخدام عناوين فضفاضة لخرق الحقوق الإنسانية الأساسية. الاستقرار يتحقّق عبر الإنصاف والعدالة واحترام القانون الدولي لحقوق الإنسان الذي يتضمّن العهدين الدوليين للحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.