دول » عُمان

التربية والتعليم .. وغياب نقابة المعلمين..!

في 2016/03/25

عمير بن الماس العشيت- عمان اليوم-

إن غياب نقابة المعلمين عن الساحة التربوية والتعليمية في السلطنة شكلت فراغا كبيرا في الشراكة التربوية والاجتماعية بين المعلم والطالب، وفي الفلسفة التعليمية والتدريبية بين المنظومة التعليمية والقطاعات الإنتاجية، ذلك أن قطاع التعليم في السلطنة لا بد له من تأسيس نقابة للمعلمين، نظرا للتطور الحاصل في القطاعات التعليمية المتنافسة بين دول العالم، والدور الوطني والقومي الذي من الممكن أن تقوم به النقابة في الحصول على الأهداف المنشودة في المنظومة التعليمية التي من شأنها أن تطور في جودة إدارة التعليم التخصصي، ويرفع كفاءاته وتنويع مصادره لمواءمته مع متطلبات سوق العمل، كذلك يكمن دور النقابة في النهوض بمستوى المعلم، كونه العنصر الأساسي في المجتمع، وتحسين مكانته المهنية والابداعية، ورعاية مصالحه وحقوقه، فضلا عن ذلك سعي النقابة في المحافظة على شرف المهنة، ومحاربة الإهمال الناجم من بعض المعلمين والطلاب، وتوصيل المقترحات النابعة من واقع العمل إلى جهات الاختصاص، وإيجاد جو من التفاهم والثقة بين المعلم والطالب وبين الإدارة وأولياء الأمور. لذا فإن أهمية النقابة تكمن في كافة المجالات التربوية والتعليمية والمجتمعية، وهي تعتبر الشريك الأساسي والمكمل لمهام الوزارات المعنية، خصوصا في مجال تحمل العديد من المسؤوليات الخاصة بظروف المعلمين ومشاكلهم ومعاناتهم. أما في حالة غياب دور النقابة عن الساحة التربوية والتعليمية فإنه بلا شك سيحدث خللا في نظام التعليم العام ومخرجاته، وهذا ما تعانيه المؤسسات التربوية والتعليمية، وكذلك سوق العمل في السلطنة منذ عقود.
من جانب آخر يستغرب المرء حتى الآن من عدم وجود نقابة خاصة بالمعلمين في السلطنة المعروفة بتاريخها العريق المثقل بالعلم والثقافة والأدب، وبعلمائها ومعلميها الأباطرة الأجلاء الذين ملأوا المكتبات العربية والأجنبية بكتبهم الثمينة والنفيسة، وأسسوا مدارس ونقابات خاصة بهم في تلك الحقبة، وفي مرحلة السبعينات وحتى هذه اللحظة بذلت الحكومة جهودا كبيرة في إنشاء الآلاف من المدارس والمعاهد والكليات والجامعات في كافة مناطق السلطنة، حيث تقدر أعداد الطلبة بمئات الآلاف، وبلغ عدد المعلمين نحو 50 ألف معلم تقريبا، وهو أكبر تجمع مهني تخصصي في السلطنة، مقارنة بالقطاعات الأخرى، الأمر الذي سيعزز الدور الوطني لنقابة المعلمين، كما أن القوانين المشرعة تسمح بتأسيس مثل هذه النقابات وفقا للمرسوم السلطاني رقم 74/ 2006 الذي ينص في المادة 108 للعمال أن يشكلوا فيما بينهم نقابات عمالية تهدف إلى رعاية مصالحهم والدفاع عن حقوقهم وتحسين حالتهم المادية والاجتماعية وتمثيلهم في الأمور المتعلقة بشؤونهم، وهناك أيضا قرار وزاري بشأن تسجيل النقابات العمالية والاتحادات العمالية والاتحاد العام لعمال السلطنة، ونظرا لذلك وبناء على المصلحة العامة فإنه يستوجب من جهات الاختصاص، وعلى رأسهم وزارة التربية والتعليم والتعليم العالي البت في تشجيع ودعم ومساعدة المعلمين ماديا ومعنويا على تأسيس نقابة خاصة بهم لتساهم في بناء النظام التربوي والتعليمي.
لقد ركزت السياسات التعليمية في السلطنة ومنذ تأسيسها على الجانب النظري والتقليدي أكثر مما هو عليه من الجانب المهني والعملي، وما زالت هذه السياسات متبعة دون تغيير نوعي، وهي تحظى بمباركة المسؤولين القائمين على هذا القطاع، حيث تصرف الوزارة سنويا مبالغ كبيرة على البيروقراطية الإدارية والقرطاسيات والمؤتمرات والندوات من أجل تطوير قطاع التعليم، ولكن النتائج دائما ما تكون محدودة، والمؤشرات تدل على ذلك منها على سبيل المثال، تدني مستوى التعليم، الأسواق ما زالت تحتاج إلى الكوادر الوطنية التخصصية، تراكمات مخرجات التعليم، فقدان الثقة بين المعلم والطالب وغيرها، فلو صرفت هذه المبالغ في مجالات تكون أكثر قدرة ونفعا للمعلم والطالب، لكان أفضل كتأهيل المعلمين أكاديميا وشراء أجهزة الحاسوب وتوزيعها على الطلبة في المدارس لمواكبة عصر التعلم الحديث، وتركيب كاميرات مراقبة في الفصول والقاعات وعلى أسوار المدارس للحد من التصرفات غير المسؤولة من قبل بعض المعلمين والطلبة، وتطبيق نظام الفترتين الصباحية والمسائية على المدارس ولما لهذا النظام الدور الإيجابي في استثمار وقت الطالب، لكان الوضع التربوي والتعليمي أفضل بكثير، مما هو علية الآن، فروتين التعليم ومركزية القرارات هما السائدان في المؤسسات التعليمية، وذلك نتيجة ثغرات في الرؤية المستقبلية لنظام التعليم العام . لذا فإن تأسيس نقابة المعلمين في السلطنة ستحدث نقلة نوعية في تقديرنا نظرا لمساهمتها في تصحيح المسارات التربوية والتعليمية بحكم أن أعضاءها جزء لا يتجزأ من هذه المنظومة التربوية والتعليمية، وقريبون جدا من المشاكل التي يعاني منها الجميع وهم أدرى بمعالجتها بشكل صحيح دون اللجوء إلى المجالس والمؤتمرات والبيروقراطية .