دول » عُمان

فتاوى وأحكام 08-04-2016

في 2016/04/08

الوطن العمانية-

شاع مؤخراً عدم جواز قول كلمة (تحياتي) لأنها خاصة بربنا التي ربطت بكلمة التحيات في تشهد الصلاة، فهل هذا صحيح؟
لا، التحيات جمع تحية، وتشمل ما يكون بين الناس من التحايا، فالإنسان يحي غيره بتحية الإسلام إن كان مسلماً، وتحية الإسلام هي قول السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، ولا مانع من أن تجمع التحية على تحيات، هذا لا يختص بالتشهد وحده.
شاب كان يظن أن الغسل من الجنابة والذي تقبل به الصلاة هو أن يزيل النجاسة ثم ينوي للاغتسال ثم يبدأ بالاستنجاء ثم يتمضمض ثم يستنشق ثم يبدأ بغسل رأسه وسائر جسده مبتدءاً بالميامن ثم المياسر حتى يصل إلى رجليه ولكن عندما تبين له أنه أخطأ في ذلك حيث ينقصه الإتيان بالوضوء بعد أن يتمضمض ويستنشق ويمرر الوضوء على سائر جوارحه كما يصنع للصلاة، فما حكم الصلاة التي صلاها ذلك الشاب؟
على أي حال أولاً اختلف العلماء في وجوب الوضوء مع الغسل، من العلماء من قال بأنه لا يجب الوضوء مع الغسل ذلك لأن الله تبارك وتعالى قسّم الناس إلى قسمين عندما قال (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ) (المائدة ـ 6)، هذا حكم من لم يكن ذا جنابة، ثم جاء إلى حكم الجنب فقال (وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا) (المائدة ـ 6) أي الطهارة المعهودة وهي الغسل، فمعنى ذلك أن الجنب يجب عليه الغسل ولإن اغتسل فغسله يجزيه ولا يحتاج معه إلى وضوء.
هذا قول طائفة من العلماء، وطائفة أخرى ذهبت إلى خلاف ذلك، ذهبت طائفة أخرى إلى أن قول الله سبحانه وتعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ) (المائدة ـ 6) شامل لمن كان على جنابة ولمن كان على غير جنابة، وقوله سبحانه وتعالى بعد ذلك (وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا) (المائدة ـ 6) معناه إن كنتم على جنابة فاطهروا بالغسل من الجنابة بجانب الطهارة المطلوبة منكم وهي غسل وجوهكم وأيدكم إلى المرافق والمسح برؤوسكم وغسل أرجلكم إلى الكعبين فهذه الطهارة المطلوبة وهي الغسل من الجنابة إنما هي بجانب الوضوء المطلوب.
والإمام السالمي ـ رحمه الله تعالى ـ يقول:(إن هذا القول أرجح لولا الحديث الذي جاء فيه أن النبي صلى الله عليه وسلّم لم يكن يحدث بعد الغسل وضوءاً)، ولكن هذا الحديث في الحقيقة لا ينافي ما قيل من أن الآية الكريمة خطابها يتوجه إلى الجميع، فالنبي صلى الله عليه وسلّم ما كان يحدث بعد الغسل من الجنابة وضوءا، وإنما كان يتوضأ من قبل، وذلك الوضوء رافع للحدث الأصغر، وإن كان صاحبه متلبساً بالحدث الأكبر، فبارتفاع الحدث الأصغر بقي معه الحدث الأكبر فقط، والحدث الأكبر يلزم معه الغسل، فإذاً هو مطالب بالغسل.
ويتبين بهذا أن الراجح بأن من اغتسل من الجنابة عليه أن يتوضأ سواءً قدّم الوضوء قبل الغسل أو آخره إلى ما بعد الغسل، ولا يصلي بدون وضوء، هذا هو القول الراجح.
ولكن من فعل خلاف ذلك في الأيام السابقة فهو معذور لأنه أخذ برأي من آراء من آراء علماء الأمة وهم يستندون في رأيهم إلى دليل ولو كان لمن كان من أهل العلم نظر في ذلك الدليل إلا أنهم ما قالوا هذا القول عن هوى وإنما قالوه استناداً إلى دليل، فلا مانع فيما فعله، وإنما إذا طلب الترجيح فالراجح أنه لا بد من وضوء سواءً قدّم هذا الوضوء أو أخره، والله تعالى أعلم.
من اغتسل وهو لا يريد الصلاة لأن وقت الصلاة لا يزال بعيداً، هل عليه وضوء؟
على أي حال نحن نقول بأن الوضوء يلزم لا لأجل رفع الحدث الأكبر ولكن لأجل رفع الحدث الأصغر.
كيف تكون رحلتي مع القرآن؟ وكيف تكون رحلتي مع التصور القرآني؟ ورحلتي مع تطبيق أوامر القرآن؟ ورحلتي مع حفظ كتاب الله؟ وكل ذلك من أجل تنشئة جيل قرآني؟
أولا بالنسبة لتصور القرآن على الإنسان أن يهدم كل التصورات الباطلة بإقامة التصور القرآني الصحيح كما فعل ذلك السلف الصالح، فقد نزل القرآن والناس يعيشون في الأوهام بعيدين كل البعد عن الحقيقة، كانوا يتخبطون في حياتهم، كانوا يعبدون الأحجار، ويقدسون الأشجار، ويعبدون غير الله – تبارك وتعالى – فالبنسبة لوقتنا هذا هناك أيضا موجات من أمثال هذه الضلالات من يعتقد أن بعض الضر من قبل الجن ، أومن قبل الموتى، أو من قبل الأشجار والأحجار، أو من أمثال هذا النوع، هذه الأمور يجب أن تجتث جميعاً، وأن يكون التصور تصورا قرآنيا؛ لأن الله وحده هو الذي خلق الخلق وبسط الرزق، وهو الذي يصرف الأمر بين السماء والأرض وكل ما في الكون لا يخرج عن أمره، ولا يخرج عن قدرته ولا يخرج عن إحاطته، ولو أن أهل السماوات والأرض اجتمعوا على نفع أحد لم ينفعوه إلا بشيء كتبه الله له، ولو اجتمعوا على أن يضروه لم يضروه إلا بشيء كتبه الله عليه، مع هدم جميع التصورات المنافية للقرآن سواء ما يتعلق بالإيمان بالله أو بالإيمان باليوم الآخر إلى غير ذلك.
بالنسبة لتطبيق أوامر القرآن فإن الإنسان مطالب أن يتحرى مرضاة الله وأن يعمل صالحا، وتحري مرضاة الله إنما هو بتطبيق ما في القرآن بحيث يشتغل الإنسان بما في القرآن الكريم من الأوامر والنواهي فيتبع الأوامر ويزدجر عن النواهي، ويبادر إلى ذلك ويؤثر طاعة الله على هوى نفسه.
أما بالنسبة إلى حفظ كتاب الله، فالحديث الشريف عن النبي – عليه أفضل الصلاة والسلام – يقول مثل صاحب القرآن كمثل صاحب الإبل المعقلة إن عاهد عليها أمسكها وإن أطلقها ذهبت”. أي على صاحب القرآن أن يعاهد القرآن دائما بالتلاوة والذكر، وينبغي لحافظ القرآن أن يتلوه في صلواته لا سيما صلوات الليل للتهجد، عليه أن يحرص بقراءة أكبر قدر ممكن من القرآن الكريم حتى يترسخ هذا القرآن في ذهنه، وفي ذاك الوقت يكون صفاء النفس؛ بسبب عدم شغل البال وهدوء الحركات، فالنفس صافية فيمكن أن تنعكس عليها الأنوار القرآنية ما لا ينعكس في غير ذلك الوقت .
كيف يكون تكوين الجيل القرآني؟ وهل يستطيع المرء أن يكوّن جيلين قرآنيين من فئتين مختلفتين في آن واحد؟
هذا بقدر عزيمة الإنسان:
على قدر أهل العزم تأتي العزائم
وتأتي على قدر الكرام المكارم
وتعظم في عين الصغير صغارها
وتصغر في عين العظيم العظائم
فالإنسان عندما تكون همته كبيرة وعزيمته متوقدة ومطلبه مطلبا إنسانيا وطموحه لا يقدر بحد فلا يعجزه شيء من ذلك بل يبارك الله – تبارك وتعالى – قدرته، ويستطيع الإنسان أن ينسق ما بين أعماله وأن يهييء لنفسه فراغا؛ حتى يكوّن جيلا قرآنيا يؤمن بالله واليوم الآخر، ويتبع أوامر الله ويزدجر عن نواهيه، مع مراعاة أجيال أخرى في أماكن أخرى فبإمكان الإنسان فعل ذلك ولا سيما عندما تتاح له الفرص بحيث يكون عنده الوقت والفراغ وتكون عنده الوسائل التي تمكنه من ذلك .
ـ السائل يقول: قال تعالى: (يكور الليل على النهار) وقال أيضاً:(يغشى الليل النهار) فما وجه تقديم الليل على النهار في الايات القرآنية، وهل معنى ذلك أن الليل خلقه قبل النهار؟
الليل هو الأصل لأن الظلمة هي الأصل، الضوء يأتي ليغشى هذه الظلمة ليمزق هذه الظلمة ليسرى في هذه الظلمة ويبددها، فإذاً الضوء يأتي بعد الظلمة، ولما كان الضوء يأتي بعد الظلمة فإذاً الليل سابق على النهار فلذلك ذكره الله سبحانه وتعالى قبل النهار، وضرب الله تعالى مثلاً لسريان الضوء في الفضاء وطية لهذه الظلمة، بآية لها جلد ويسلخ منها هذا الجلد (وآية لهم الليل نسلخ منه النهار) فكأنما النهار هو الجلد يحيط بهذا الليل ثم يسلخ منه النهار يسلخ منه هذا الجلد فإذا بالفضاء يبدو على طبيعته، وهو مظلم.
ـ السائل يقول: قال الله تعالى (وأرسلنا الرياح لواقح) ذكرتم أن المقصود بالتلقيح هو تلقيح السحاب. كيف يتم ذلك؟
الآية تدل على ذلك، الترتيب يدل على ذلك – ترتيب الفاء التي تفيد التعقيب والترتيب، فالله سبحانه وتعالى يقول: (وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ فَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ) (الحجر: من الآية22) إن الله على كل شيء قدير، فالله عز وجل يجعل حرارة الشمس تؤثر على المياه في المحيطات وفي البحار وفي الشطوط والأنهار، فترتفع هذه المياه حتى تتكون هذه الطبقة بسبب البرودة التي في الجو، ثم بعد ذلك يجعل الله سبحانه وتعالى هناك ضغطاً حرارياً وعوامل من الرياح هي التي تؤثر على هذه البرودة فيذوب ذلك ويتنزل الماء من هذه الجهة العلوية إلى الجهة السفلية.