دول » عُمان

السياحة مرآة عاكسة لنجاح صانعيها

في 2016/06/15

تعكس السياحة الناجحة وإسهاماتها المتنامية في مصدر الدخل مدى تفوق صانعيها وقدرتهم على تحريك أدواتها واستغلال المقومات لإثرائها، لا سيما إذا كانت في الدول التي لا تزخر بمقومات سياحية تؤهلها للمنافسة العالمية، فكيف بها وبصانعيها في الدول التي تكتنز مقومات هائلة تعطيها خصائص ومميزات فريدة تبعًا لكم التعدد في المقومات الطبيعية والتراثية، حيث تحتل صناعة السياحة أولوية لدى العديد من دول العالم، ومن بينها السلطنة التي يحتل قطاع السياحة في الرؤية الاقتصادية 2020 للسلطنة مكانًا كبيرًا. ويتمحور حول عدد من الأهداف منها: جعل السلطنة أحد المقاصد السياحية المهمة في دول المنطقة، وزيادة مساهمة القطاع السياحي في الناتج المحلي الإجمالي، ودعم وتشجيع القطاع الخاص في تنمية وتطوير القطاع السياحي، وتحقيق نسب تعمين عالية في القطاع السياحي.
ولا يزال هذا القطاع يحظى باهتمام كبير على مستوى السلطنة، سواء من لدن حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ أو من قبل الجهات المعنية التي عهدت إليها مسؤولية تنمية هذا القطاع، وتنويع نشاطاته بما ينعكس إيجابًا على سياسة التنويع الاقتصادي وسياسة تنويع مصادر الدخل.
والسؤال الذي يطرح ذاته في هذا السياق هو: لماذا يرتحل الناس من دولهم ومقار إقامتهم لقضاء إجازاتهم في بلدان ومناطق أخرى؟ الإجابة تشمل مجموعة من العوامل منها الجانب الاقتصادي والشعور بالأمان وغيرهما، لكن التعرف على الثقافة والطابع المحلي للمزارات السياحية يظل هو العنصر الأكثر تأثيرًا في اتخاذ قرار السفر لقضاء إجازة ما. السلطنة في هذا الجانب تمتلك رصيدًا ضخمًا من هذه العوامل يؤهلها لأن تكون قبلة للسائحين، حيث التوازن والمواكبة بين الاهتمام بالجانب التراثي وما يختزنه من مكنونات تراثية وبين أهمية الحفاظ على البيئة العمانية وما تحتفظ به من مقومات من جبال وبحار وشواطئ، ومحميات طبيعية، تتميز بالأجواء الصحية، أعطى للسياحة متعتها وأهميتها ودورها، ودعامتها اللازمة من حيث ربط مسيرة التنمية وأهداف إصحاح البيئة.
الاستراتيجية العمانية للسياحة التي دار حولها لقاء «الوطن الاقتصادي» مع معالي أحمد بن ناصر المحرزي وزير السياحة يمكن أن تمثل خطة تنموية متكاملة ترسم خريطة الطريق للتنمية السياحية للقطاع على مدى ربع قرن قادم، حيث كشف معاليه عن أنه من المخطط تشكيل لجنة وزارية بهدف ضمان إتمام عملية تنفيذ الاستراتيجية بطريقة سليمة، وفي الوقت المناسب بما يسهل تنفيذ المبادرات الرئيسية الأخرى، وأن هذه اللجنة هي إحدى المبادرات الرئيسية التي تم تحديدها في هذه الاستراتيجية، ومن المقترح أن تضم أعضاء الوزارات التي شاركت في تطوير الاستراتيجية العمانية للسياحة، إلى جانب الوزارات الأخرى التي لها علاقة بالقطاع السياحي.
ما من شك أن هذه اللجنة الوزارية يمكن أن تنقل الاستراتيجية إلى مستوى الطموحات متى ما توافرت الإرادة والجدية لدى أعضائها، ووضعت نصب أعينها أهمية التكامل وتحقيق أهداف الاستراتيجية، لا سيما وأن من بين أهم الأهداف هو زيادة مساهمة القطاع السياحي في الناتج المحلي والوصول به إلى نسبة 6% تقريبًا في عام 2040، ومشاركة القطاع في إنجاح سياسة تنويع مصادر الدخل، حيث تسعى السلطنة للحصول على حصة جيدة من هذه الصناعة المتنامية، وشهد القطاع السياحي في السلطنة زيادة كبيرة في معدلات نمو المؤشرات الرئيسية التي تقيس التقدم في القطاع، في مقدمتها الارتفاع في القيمة المضافة للناتج المحلي التي حققها هذا القطاع وتجاوز عدد السياح حاجز المليونين، ووفر القطاع آلافًا من فرص العمل، ولزيادة مساهمته في الاقتصاد تتبنى الحكومة استراتيجية جديدة ويتم من خلالها مراجعة كل ما يتعلق بجذب الاستثمارات السياحية وتذليل العقبات وتسهيل الإجراءات تجاهها.
إن التخطيط للسياحة المستدامة يقتضي رؤية شاملة تتخطى العائد المادي إلى الجوانب الاجتماعية والبيئية والتراثية والتخطيط السليم والموارد البشرية وإدارة الأداء والتمويل، مع تشارك الرؤى التي تصب جميعها في الحفاظ على الخصوصية التي هي أساس النجاح، وهذا ما ستكشفه الاستراتيجية العمانية للسياحة عند رؤيتها النور والمباشرة بتطبيقها بحول الله.

راي الوطن العمانية-