دول » عُمان

فتاوى وأحكام 06-08-2016

في 2016/08/06

ولد تزوج في عهد أبيه ولم يكن لديه بيت فأراد أبوه أن يقتطع له قطعة من أرض المزرعة قام فيها بقطع النخل وبنى فيها بيتاً لولده ، ولم يستشر في ذلك أبناءه ولم يأخذ رأيهم، الآن بعد وفاة الأب هل يعتبر ذلك الذي أخذه الابن جزءاً من نصيبه من ميراث أبيه، أم له نصيب في كل الميراث؟
الله المستعان، حقيقة الأمر مما يؤسف له أن نرى كثيراً من الناس يتصرفون تصرفات لا ترضي الله تبارك وتعالى فالعدل مطلوب، ومن العدل المطلوب العدل بين الأولاد، فلا ينبغي لأحد بل لا يجوز له أن يؤثر أحد أولاده على غيره، لأن هذا الإيثار مما يؤجج روح الحسد ما بين الأولاد ويجعل العداوة تستحكم في نفوسهم، والحسد يثور في مكامن أحاسيسهم، ذلك لأن الولد عندما يرى والده يؤثر أخاه عليه لا بد من أن ينقدح في نفسه شي من الغيرة بسبب هذا الإيثار ، ومن أجل هذا جاءت السنة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة والسلام ناهية أِشد عن ذلك فعندما أراد النعمان بن بشير أن يمنح أحد أولاد نحلة ـ أي عطية ـ وأراد أن يشهد النبي عليه أفضل الصلاة والسلام على ذلك امتنع النبي (صلى الله عليه وسلّم) من الشهادة وقال:(لا أشهد على جور، أو لا تشهدني على جور. أو لا أشهد إلا على حق ، أو أشهد غيري)، وليست كلمة أشهد غيري إقرار لهذا التصرف وإنما ذلك من باب التهديد لأن النبي (صلى الله عليه وسلّم) ليس من شأنه أن يقبل الجور فلا يمكن أن يشهد عليه، وإنما إن حصل ذلك فذلك يحصل من غيره هذا هو مراده ـ عليه أفضل الصلاة والسلام ـ من بقوله ذلك.
والعلماء اختلفوا فيما إذا فعل الإنسان ذلك هل يُرد فعله هذا أولا يُرد؟ فجمهور أهل العلم قالوا بأن ذلك يعتبر ماضياً ولا يُرد، ومنهم من قال بأنه يُرد، وهذا القول يتبين لي رجحانه ذلك لأن النبي ـ عليه أفضل الصلاة والسلام ـ يقول:(من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد) وهذا قد عمل عملاً ليس عليه أمر الرسول (صلى الله عليه وسلّم)، وأمر الرسول ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ إنما هو من أمر الله تبارك وتعالى فما كان لمؤمن أن يخالف أمر الله أو أمر رسوله (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً) (الأحزاب ـ 36) فيجب رد الباطل إلى الحق، فلذلك أنا أجنح إلى القول بأن ذلك يرد والعطية لا تمضي هذا الذي أراه.
ومهما كان قضية الإرث قضية ثانية وإنما قضية العطية هي يحكم فيها إن لم يصطلح الأطراف فيها على وجه معين ، وإنما أنصح هذا الابن بأن يحترز لنفسه وأن يرد هذه العطية لتكون من ضمن الميراث ، وأن لا يحمل أباه تبعة هذا الأمر، وأن لا يحمل نفسه لأنه يعلم أن أباه أقدم على ذلك بغير وجه حق .. والله تعالى أعلم.

ذكرتم بأنكم تميلون إلى القول الذي يقتضي من الابن أن يرد العطية التي أعطاها إياها أبوه، في هذه الحالة الرجل بنى بيتاً في تلك الأرض، هل يقيّم البيت أم ماذا؟
نعم في هذه الحالة إن كان من الصعب أن يقتسم البيت فإنه يقوّم، وإن كان الابن هو مضطراً إلى البيت فهو أولى به مع دفعه القيمة .. والله تعالى أعلم.
.. وإذا سامح أخوته؟
من رضي أن ينزل عن حق من حقوقه فذلك خير له، بل لو نزل أحد الورّاث عن كل ما يملك من حق لما كان في ذلك حرج على أحد.

الابن إذا اشترى قطعة أرض من أبيه في حياته فهل هذا يصدق عليه مسألة العطية، أم أن الشراء يختلف؟
بما أنه اشترى فالشراء معاوضة، ولما كان ذلك بمعاوضة فلا يدخل ذلك في الإيثار.

صليت صلاة الجمعة ثم بعد الصلاة تذكرت أنني لم أتوضأ، فماذا أفعل؟
لا صلاة إلا بوضوء، لأن الوضوء شرط من شروط صحة الصلاة، ولما كانت الصلاة مشروطة بالوضوء فإن الشرط كما عرّفه العلماء هو ما يترتب على عدمه العدم ولا يترتب على وجوده الوجود ولا العدم لذاته، فلذلك تكون الصلاة غير صحيحة، وبما أن صلاة الجمعة لا يمكن أن يصليها الإنسان بمفرده ففي هذه الحالة على من فاتته صلاة الجمعة أن يصلي ظهراً أربع ركعات إلا إن كان في سفر فإنه يصلي ركعتين .. والله تعالى أعلم.

يقول النبي (صلى الله عليه وسلّم):(إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فأنحكوه – وقيل دينه وأمانته إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير)، ما هو حكم أولياء الأمور الذين يحرصون على تزويج بناتهم بأشخاص ذوي مناصب عالية أو مكانة اجتماعية ولا يبالون بهذا الحديث؟
أولاً قبل كل شيء يقدّم ما دل عليه الحديث على كل اعتبار آخر، ثم بجانب ذلك لا بد من أن يكون أيضاً الأمر راجعاً إلى مولية الرجل، فليس للرجل أن يزوج موليته لأي شخص بحسب هواه بنفسه، وإنما عليه أن يستشيرها، وأن يقبل رأيها فإنها هي التي تتزوج وهي التي تقترن، وهي ذات نفس ذات مشاعر وأحاسيس، وقد تحب وقد تكره وقد تود وقد تبغض كما هو شأن الرجل، فلذلك لا يمكن أن تكره بالزواج من شخص لا توده، أو يضيق صدرها منه، أو تحس بأن العيش معه عيش نكد ، من الصعب أن يزوج الإنسان موليته لشخص لا ترضى به ، إنما عليه أن يلحقها بهواها لأن ذلك مما يجعل الألفة بينهما ألفة مظنونة الوقوع بخلاف ما إذا أرغمها أن تقترن بشخص هي لا توده ولا تريد الاقتران به ، فكيف ذلك وهذه ليست دابة تباع لأي شخص يريد أن يبيعها له صاحبها، إنما هذه نفس تحمل مشاعر وتحمل أحاسيس فعليه أن يتقي الله تبارك وتعالى في ذلك .

إذا نام شخص عن صلاة الفجر وصحا بعد طلوع الشمس فهل يصح له أن يصلي صلاة الفجر في تلك اللحظة؟
نعم، بل عليه أن يصلي في ذلك الوقت فإن في الحديث عن النبي (صلى الله عليه وسلّم):(من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا تذكرها) فمن نام عن صلاة فاستيقظ وقد فات وقتها، لا معنى لما يفعله الكثير من الجهلة الذين لا يعرفون شيئاً من أمر الدين ويتصورن أنهم على معرفة به لأن جهلهم جهل مركب كما يقول الشاعر :
ومن عجب الأيام أنك لا تدري
وأنك لا تدري بأن لا تدري
أولئك يؤخرون الصلاة إلى مثل وقت وجوبها من الغد وليس ذلك بصحيح إنما النبي (صلى الله عليه وسلّم) أمر أن تصلى الصلاة في وقت تذكرها إن كان قد نسيها، وفي وقت اليقظة إن كان قد استيقظ ، وهو عليه أفضل الصلاة والسلام فعل ذلك، فإنه (صلى الله عليه وسلّم) كان في سفر ونام ، ونام أصحابه واستمروا في النوم إلى ما بعد طلوع الشمس، واستيقظ عمر ـ رضي الله عنه ـ وكبّر فيهم، واستيقظ النبي (صلى الله عليه وسلّم) وأصحابه، وفي ذلك الوقت قاموا لتأدية الصلاة لأن ذلك هو وقت الوجوب.
هذا ، ومن الخطأ ما يظنه الكثير من الجهلة من أن الصلاة الفائتة لا تقضى إلا في مثل وقتها فإن النبي (صلى الله عليه وسلّم) قضى صلاة الظهر وصلاة العصر وصلاة المغرب في وقت العشاء، وهذا يعني أن جميع الأوقات هي مإنة لقضاء الصلوات الفائتة إلا الأوقات التي تحرم فيها الصلاة، وهي وقت طلوع الشمس إلى أن تستكمل طلوعها، ووقت غروبها إلى أن تستكمل غروبها، ووقت استوائها في كبد السماء في الحر الشديد إلى أن تزول .. والله تعالى أعلم .
إذا سال الدم من أسنان شخص أثناء الوضوء ثم رجع واستأنف وضوءه إلا أن الدم استمر ينزف فماذا عليه أن يفعل إذا أراد الصلاة؟
خروج الدم من الجسم ينقض الوضوء عندنا للحديث الذي أخرجه الربيع رحمه الله تعالى أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال: في دم الإستحاضة إنه دم عرق نجس ينقض الوضوء وهكذا كل ما كان من الدماء نجساً وخرج من الجسم، وإذا استمر خروج الدم أو أي نجاسة أخرى من جسم الإنسان بغير انقطاع فعليه أن يتوضأ عند قيامه إلى الصلاة مع توقيه إصابة النجاسة لجسمه أو ثيابه بعازل ولا يضره في هذه الحالة خروج النجاسة ولو في أثناء صلاته، وله أن يجمع الصلاتين الظهر والعصر وكذلك المغرب والعشاء من أجل هذه الضرورة .. والله أعلم.
وفي إجابة أخرى يقول: حكم من يسترسل منه الدم كحكم من يسترسل منه البول ونحوه وهو أن يتوضأ ويصلي بوضوئه فرضاً واحداً ويجدد بعده الوضوء لكل فرض إلا أن يجمع الصلاتين ولا يضيره خروج الدم منه فقد كان أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يصلون وجروحهم تثعب دماً .. والله أعلم.

يجيب عليها سماحة الشيخ العلامة أحمد بن حمد الخليلي المفتي العام للسطنة

الوطن العمانية-