دول » عُمان

900 يوم من حرب التحالف العربي باليمن: هل من سلام في الأفق؟

في 2017/10/12

علاء جمعة- DW- بالعربية-

بعد مرور حوالي عامين ونصف منذ بدء عمليات التحالف العربي على اليمن، تخلو المنطقة من جهود سياسية جادة لإحلال السلام في المنطقة، لكن بعض المراقبين يرون أن الانقسامات بين الحوثيين وصالح قد تشكل فرصة للسعودية لوقف الحرب.

طوت العمليات العسكرية في اليمن التي شنّها التحالف العربي بقيادة السعودية لمساندة الحكومة الشرعية برئاسة عبد ربه منصور هادي، 900 يوم على انطلاقها، إلا أن الجهود السياسية لإحلال السلام في المنطقة ما زالت تراوح مكانها، حيث عجزت هذه الجهود عن كبح جماح حربٍ تسببت بمقتل الألاف في اليمن. وإضافة إلى الفقر المزمن بات اليمن يواجه وباء الكوليرا وشبح المجاعة، في حين سقط في هذا البلد اكثر من 8500 قتيل وحوالى 49 ألف جريح منذ بدأت السعودية على رأس تحالف عربي في   26آذار/ مارس 2015 تدخلاً عسكرياً لدعم حكومة الرئيس هادي بعدما فرت من العاصمة صنعاء إثر سقوطها بأيدي المتمردين الحوثيين وحلفائهم من انصار الرئيس السابق علي عبد الله صالح.

وأصدرت مجموعة الأزمات الدولية تقريراً الأربعاء (11 أكتوبر/ تشرين الأول) قالت فيه إن الانشقاقات الحاصلة في معسكر المتمردين في اليمن تمثل فرصة نادرة أمام السعودية لوقف الحرب في هذا البلد وإحلال السلام. وفي قالت المنظمة المتخصصة في قضايا النزاعات الدولية والتي تتخذ من بروكسل مقراً لها إن التوترات التي اندلعت في آب/ أغسطس بين الحوثيين والرئيس السابق يمكن أن تعزز الفرص لبدء مفاوضات بدفع من السعودية.

الخلافات اليمنية والسلام في المنطقة

المحلل والخبير في الشأن اليمني نبيل الصوفي قال في حوار مع DW  عربية  إن "الارتكاز على الانشقاقات كمدخل للسلام، هو أمر لا يمكن التعويل عليه"، مستبعداً أن تؤدي هذه الخلافات إلى فرصة للسلام كما يتم الترويج له. وأكد المحلل اليمني على أن "علي عبد الله صالح الحوثيين متحالفان في مواجهة "العدوان فحسب، أما فيما بينهما فلا يوجد أي قاسم مشترك. السلام"  بحسب تعبيره. وتابع: "السلام بحاجة لاقتراب الجماعات المختلفة وليس العكس، لذلك فإن الاعتقاد بأن الانشقاقات هي الطريق لتحقيق السلام، ليس صحيحاً من وجهة نظري".

من جهته أكد الأستاذ في العلاقات الدولية والخبير في الشأن السعودي فايز النشوان لـDW  عربية  أن علي عبد الله صالح هو مفتاح الحل في الأزمة اليمنية، وذلك لتربعه على رئاسة اليمن زهاء الأربعين عاماً، لذلك فإنه من المهم أن تستغل السعودية هذا الخلاف بحسب رأيه، إلا أن النشوان يرى أن الخلاف بين صالح وجماعة الحوثي لم يصل لمرحلة القطيعة بعد. ويوضح "اعتقد أن الخلاف الحوثي مع على عبد الله صالح لم يصل حتى مرحلة الطلاق فهم على خلاف في بعض الملفات ولكن لازال هناك تحالف استراتيجي بينهم ومازال صالح يستغلهم في قضايا معينة".

الدور الخليجي في حل الأزمة

وكان المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ قد صرح أمس الثلاثاء أنه حالياً بصدد العمل على مقترح شامل يتضمن مبادرات إنسانية لإعادة بناء الثقة وكذلك خطوات لعودة الأطراف المتصارعة إلى طاولة المفاوضات. وأوضح المبعوث الأممي الخاص أن أطراف النزاع في اليمن ماضية في صراع عسكري عقيم يعيق طريق السلام، في وقت يعاني فيه الشعب اليمني من كارثة إنسانية عارمة صنعها الإنسان.

الخبير اليمني نبيل الصوفي أكد أن أي دور لأي دولة من أجل السلام في اليمن سوف يشهد نجاحاً، إلا أنه أعرب عن أسفه من عدم محاولة الدول الخليجية في إيجاد حل سلمي وقال "للأسف الشديد ليس هناك أي دور على الإطلاق، لأي طرف إقليمي يخدم السلام في اليمن"، موضحاً:  "عمان تقف على الحياد، والإمارات والسعودية اعتقدتا بأن الحل يكمن في إعلان الحرب". وقال الصوفي إن الكويت لعبت دوراً إيجابياً في البداية، إلا أن الأطراف اليمنية كانت السبب في عدم إحراز أي تقدم وقتها". وتابع: "إعلان السلام سهل في اليمن فليوقفوا ضرب الطائرات، ولتبدأ المفاوضات".

إلا أن النشوان لا يعتقد أن يكون هناك مبادرة سياسية في الأفق وذلك بسبب أن "أخذ القرار ليس منوطاً بالسعودية فقط، بل هنالك أطراف أخرى مازالت غير مؤمنة بالحل السياسي، وهي جماعة الحوثي وإيران". ويتابع الخبير من الكويت أنه طالما كان هناك اضطراب بين العلاقات السعودية الإيرانية في هذا الملف على وجه الخصوص فلا اعتقد أن هناك فرصة لإنهاء هذا الملف بشكل سريع. ويرى النشوان أن البيت الخليجي لم يتفق بعد على سياسة موحدة في كيفية إنهاء الأزمة سياسيا في اليمن، كما أن الخلافات في تعامل الدول الأعضاء في الملف اليمني (الإمارات وعمان مثالاً) يبين مدى صعوبة الاتفاق على حل نهائي عن طريق السياسة.

الإنجازات السعودية في الحرب

ويرى الخبير في الشأن السعودي فايز النشوان أن السعودية حققت ثلاثة أهداف رئيسية أهمها أن الحدود الجنوبية أصبحت آمنة من "التوغل الحوثي"، وتابع  بالقول: "صحيح يوجد بعض الصواريخ، من الجانب اليمني التي تطال أرض السعودية ولكنها ليست خطرا استراتيجيا".

أما الأمر الثاني، بحسب النشوان، فإن جماعة الحوثي وجماعة علي عبد الله صالح لم تتمكنا من السيطرة على كامل اليمن فهم يسيطرون على اقل من 20 بالمائة فقط من الأراضي اليمنية وباقي الـ80 بالمائة هي تحت سيطرة السعودية. وحتى تلك المنطقة التي تمثل 20 بالمائة هي منطقة مضطربة.

الأمر الثالث هو "قطع دابر المصالح الإيرانية في منطقة الجزيرة العربية خصوصا إذا تحدثنا عن اليمن، والتي تمثل الخاصرة الضعيفة لدول مجلس التعاون الخليجي". فدخول حرب اليمن أدى أيضاً، بحسب الخبير الكويتي، إلى تقليل دور إيران في المنطقة وعدم إيجاد حزب الله آخر في اليمن شبيه بما هو موجود الآن في لبنان.

إلا أن المحلل اليمني الصوفي يرى أن المخاوف السعودية مبالغ بها، ويقول: بالنسبة للأطراف في صنعاء فالأمر واضح، السعودية جارة وبيننا حدود مرسمة، لا نطمع في أراضيها ولن نسمح باستخدام اليمن من قبل إيران أو أي طرف لضرب السعودية. ويتابع الصوفي: "على الرياض فقط التوقف عن القصف (هذا هو موقف المؤتمر)، أما بالنسبة لأنصار الله فقد أكدوا بالفعل للسعودية أنهم لن يكونوا أداة في يد إيران".

وأكد الصوفي على سعي اليمنيين للوصول إلى سلام مع السعودية، وقال "أعتقد أن الأطراف اليمنية كلها في صنعاء لا تريد سوى سحب القوات من اليمن ووقف القصف لتبدأ الترتيبات. لو وقفت الحرب فإن كل الأطراف اليمنية المتصارعة الآن ستتسابق من أجل الوصول للسعودية لإقامة علاقة معها". وتابع: "السعودية تعلم ذلك جيداً لكنها مازالت تفضل استمرار الحرب بدلاً من فتح الباب أمام الأطراف اليمنية".

معاناة المدنيين في اليمن

المبعوث الأممي ولد الشيخ أشار في كلمته في الأمم المتحدة  إلى أن نحو 17 مليون شخص لا يستطيعون الحصول على ما يكفي من الطعام، كما يواجه أكثر من ثلث مقاطعات البلاد خطرَ المجاعة الحادة، وقد أدى تدمير البنية التحتية وانهيار الخدمات العامة إلى تفشّي مرض الكوليرا بشكل هو الأسوأ في العالم، والذي أدّى إلى مقتل أكثر من 2100 شخص وما زال يصيب الآلاف كل أسبوع.

وتابع ولد شيخ "يخلف هذا النزاع وضعاً مأساوياً في كل جانب من جوانب الحياة اليومية فالاقتصاد آخذ في التقلّص، ولا يزال استخدام عائداتِ الدولة المتضائلة لتمويل الحرب يقوِّض دفع الرواتب التي يعتمد عليها الملايين من اليمنيين.

من جهته يعترف النشوان أن إطالة الحرب تؤثر سلباً على حياة المدنيين في اليمن إلا أنه ألقى باللوم على تعنت الحوثيين ورفضهم لتسليم بقية المناطق اليمنية، وقال: "نحن نتحدث اليوم عن 900 يوم بالتأكيد أثر سلباً على العديد من القضايا أهمها عدم استقرار اليمنيين وازدياد حالات الفقر والتضخم والتنمية المستدامة التي يريدها الخليجيون ورصدوا لها مليارات  كثيرة فيما لو استقر الأمر في اليمن".

ويتابع الخبير الخليجي: "كما أن إطالة أمد الحرب قد يكون سببها عدم رغبة السعودية والتحالف العربي في حسم المعركة بشكل سريع، وذلك خشية من إراقة دماء كثيرة وأرواح كثيرة قد تزهق في اليمن ".

وكانت المملكة العربية السعودية قد أكدت في بيان لها على حرصها في الحفاظ على حقوق الأطفال في اليمن، حيث أشارت السكرتيرة الثانية في وفد المملكة الدائم لدى الأمم المتحدة تغريد بنت فهد الدليم إلى تقديم مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية مبلغ 7ر66 مليون دولار لمنظمة الصحة العالمية وذلك لمكافحة انتشار وباء الكوليرا في اليمن الذي راح ضحيته عدد كبير من الأطفال.

 وقالبت الدليم إن المركز يعمل حالياً على تنفيذ مشروع لإعادة تأهيل أكثر من 2000 طفل "جندتهم المليشيات في اليمن"، من خلال تأهيلهم النفسي، وإعادة إلحاقهم بالمدارس، وضمان عدم عودتهم لساحات القتال.

الخبير اليمني نبيل الصوفي أعرب عن امتعاضه من الوضع في اليمن، وقال يتحدث الجميع عن الفقر والخوف والكوليرا،  "لكن هناك ما هو أسوأ" وأوضح بالقول: "اليمن دولة مثل كل الدول، لديها مشروع وطني خاص بتحقيق الوحدة والديمقراطية، وهذا المشروع يموت كل يوم داخل المواطن اليمني، ومن هنا تبدأ الخطورة، إذ أنه من المستحيل أن يعيش  أي شعب على أرض دون مشروع سياسي بحسب تعبيره.

ويتابع: "إذا تواصل هذا اليأس لدى اليمنيين وغض المجتمع الدولي الطرف عما يجري، فهذه هي الكارثة. إذ إن تعقيدات الحياة أثقلت كاهل اليمنيين وصار الانتقال من مكان لآخر مثل الانتقال بين دولتين في أوروبا مثلاً. المستقبل مخيف، ولذلك نتمنى أن ينتهي الوضع قريباً، إذ أن استمراره ينذر بدمار اليمن".