دول » عُمان

عُمان في 2018.. حصاد مثمر يحلِّق باقتصاد السلطنة

في 2019/01/01

الخليج أونلاين-

رغم تأثّر اقتصادات دول الشرق الأوسط، ومنطقة الخليج العربي خصوصاً، بسلسلة الأزمات المتصاعدة في المنطقة؛ بدءاً بالحرب ضد "الحوثيين" في اليمن وليس انتهاء بالأزمة الخليجية، فإن اقتصاد عُمان، التي تمسّكت بسياسة "الحياد" تجاه تلك الأزمات، حافظ على استقراره وحقّق معدلات نمو جيدة خلال 2018.

وإضافة إلى الانعزال عن شبح الأزمات فإن السلطنة وضعت ونفّذت خطط تحفيز واستراتيجيات كان لها دور مباشر في الحراك المالي والاقتصادي الذي شهدته، منذ بداية العام الجاري؛ لأنها حفّزت عدداً من القطاعات الاقتصادية الرئيسية في البلاد؛ كالقطاع السياحي والمالي والصناعي، وأخيراً العقاري.

نمو اقتصادي متصاعد

ومن المتوقع أن يحقّق الاقتصاد العماني في 2018 نمواً بنسبة 1.9%، وبنسبة 5% في 2019، صعوداً من 0.9% في سنة 2017، بحسب تقرير لصندوق النقد الدولي.

وارتفع النمو الاقتصادي العماني مدعوماً بارتفاع عائدات النفط، وبنمو الاقتصاد غير النفطي بنسبة تجاوزت الـ3.5%، بحسب أحدث بيانات صادرة عن بنك الكويت الوطني، ووحدة "بي إم أي" للأبحاث التابعة لوكالة فيتش الدولية للتصنيف الائتماني.

وقال تقرير بنك الكويت الوطني، الذي صدر في 19 ديسمبر الجاري، إن مسار التطوير والتنويع الحكومي لاقتصاد سلطنة عمان سيستمرّ في دعم القطاعين النفطي وغير النفطي.

ورجّح التقرير أن يحصل الاقتصاد غير النفطي على المزيد من الدعم من قطاع السياحة، ولذلك فإنه من المحتمل أن يبلغ متوسّط معدل النمو الاقتصادي نحو 3.4% في 2019 و2020؛ بسبب الانتعاش في كلا القطاعين: النفطي (متوسط 3.3% على أساس سنوي)، وغير النفطي (3.5% على أساس سنوي).

ومن المهم الإشارة في هذا السياق إلى أن قطاع السياحة في عمان يمرّ بمرحلة من التحفيز الحكومي والتركيز الاستثماري ستستمر مدّة لا تقلّ عن 25 عاماً، تتضمّن إنفاق ما يزيد على 35 مليار دولار أمريكي.

وسترتفع حصة القطاع الخاص إلى ما يقارب 80% من الاستثمارات المخطّط لها، ويندرج ذلك ضمن أهداف السلطنة مضاعفة عدد الزوّار الدوليين الذين تجذبهم السلطنة، وصولاً إلى 5 ملايين زائر بحلول العام 2040.

كما تستهدف السلطنة الوصول إلى 20 ألف غرفة فندقية بحلول 2020؛ وذلك لتلبية الطلب المتنامي وارتفاع أعداد الزوّار.

وستعمل الإجراءات على ضمان مساهمة القطاع السياحي بنسبة 6% من الناتج المحلي الإجمالي، وتوفير عشرات الآلاف من الوظائف للعُمانيين.

وفي تقرير صدر بنوفمبر الماضي، أشاد صندوق النقد الدولي بالإجراءات المالية التي وصفها بـ"الرصينة" التي اتّخذتها حكومة سلطنة عُمان، خلال العام الجاري 2018، للحد من عجز الموازنة العامة؛ والمتمثّلة في زيادة كفاءة النظام الضريبي، وضبط الإنفاق الجاري، وإجراء تخفيضات في الإنفاق الرأسمالي.

وأكد التقرير أن "السلطنة تبذل جهوداً كبيرة ومتواصلة لتشجيع زيادة الاستثمارات الأجنبية".

تراجع عجز الموازنة

إضافة إلى ذلك، يتوقع صندوق النقد الدولي هبوط مستوى عجز الموازنة العامة بالسلطنة من 18.6% من الناتج المحلي الإجمالي في العام 2015، إلى 14.3% بنهاية 2018، ما يُعدّ تطوراً اقتصادياً مهماً.

من جانبه ذكر البنك الدولي في تقرير له، الشهر الماضي، أن الارتفاع التدريجي لأسعار النفط سيؤدّي إلى تحسين الثقة وتشجيع القطاع الخاص على الاستثمار في السلطنة.

وأشاد البنك ببرنامج الحكومة فيما يتعلّق بمراجعة السياسات الاقتصادية التي ترتكز على التنويع الاقتصادي وضبط أوضاع المالية العامة.

وجاءت سلطنة عُمان في المرتبة الأولى خليجياً بمؤشر التجارة عبر الحدود، وفق تقرير للمكتب الوطني العماني للتنافسية.

كما حلّت عُمان، بحسب ذات التقرير، في المرتبة السادسة على مستوى العالم بمؤشر تأثير الضرائب على حوافز العمل، وجاءت بالمركز الأول خليجياً بمؤشر عدد الإجراءات اللازمة لبدء نشاط اقتصادي.

السلطنة جاءت أيضاً في المرتبة الـ62 بتقرير التنافسية العالمية لعام 2017-2018، متقدّمة بذلك أربعة مراكز مقارنة بمركزها في العام الماضي.

ويُعنى مؤشر التنافسية العالمية بقياس العوامل التي تسهم بدفع عجلة الإنتاجية والازدهار لـ(137) دولة حول العالم.

ارتفاع الاستثمارات الأجنبية

وفي بداية العام الجاري، أعلن وزير التجارة والصناعة العُماني، علي بن مسعود السنيدي، أن الاستثمارات الأجنبية المباشرة في السلطنة وصلت إلى نحو 8 مليارات ريال عماني (20.8 مليار دولار).

وكانت عُمان قد أطلقت الخطة الخمسية لتنويع مصادر الدخل؛ بهدف خفض الاعتماد على إيرادات النفط بمقدار النصف، ويضغط هبوط أسعار الخام على المالية العامة للبلاد.

وتُسهم صناعة النفط بـ44% من الناتج المحلي الإجمالي، بينما تستهدف السلطنة خفضها إلى 22% فقط بحلول 2020؛ من خلال استثمار 106 مليارات دولار على مدى 5 سنوات.

في إطار سعيه لجذب الاستثمار، أعلن صندوق الاحتياطي العام العُماني، في أكتوبر الماضي، إنشاء صندوق استثماري جديد برأس مال يبلغ ملياري دولار لصالح مشاريع البنية الأساسية.

وقال مدير أول المبادرات المحلية في صندوق الاحتياطي العام للدولة، منير المنيري، في تصريح صحفي، إن الصندوق الاستثماري الجديد الذي أُطلق عليه اسم "ركيزة" سيكون منصّة استثمارية للمستثمرين المهتمين بالاستثمار في عُمان.

وأوضح المنيري أنه أُطلق على الصندوق الجديد اسم "ركيزة" لكونه سيركّز على الاستثمار في البنية الأساسية، خاصة أنها تُعدّ واحدة من قطاعات الاستثمار المهمّة في السلطنة.

وأضاف أن هذا القطاع يمثّل أيضاً أهمية كبرى للاقتصاد، مشيراً إلى أن صندوق الاحتياطي العام للدولة سيسهم في رأس مال الصندوق الجديد بمبلغ 300 مليون دولار، بينما ستُستكمل بقية رأس ماله من خلال فتح الباب لمستثمرين آخرين، سواء كانوا محليين أو أجانب ممن لديهم الرغبة في دخول السوق العُماني.

نقلة نوعية بالبنية التحتيّة

كما شهد قطاع البنية التحتية في عُمان، خلال العام الجاري، نقلة نوعية كبيرة؛ تمثّلت في توفير شبكة طرق تربط جميع أجزاء السلطنة، إضافة إلى تدشين مطار مسقط الجديد، الذي يُعدّ بوابة السلطنة الجوية، وإنشاء العديد من الموانئ.

ووفق بيانات عُمانية رسمية، فقد بلغ حجم الاستثمار في ميناء صحار ومنطقته الحرة أكثر من 26 مليار دولار، وبلغ مجموع أطوال الطرق الترابية التي تمّت صيانتها خلال عام 2018 ما يقرب من 66457.7 كم.

كما بلغ عدد السفن والوحدات البحرية المسجَّلة تحت العلم العُماني 226 سفينة (وحدة بحرية) بنسبة زيادة 76% عن العام الماضي.

الأصول الأجنبية

وفي سياق التطور الاقتصادي العُماني، أظهرت بيانات صادرة عن البنك المركزي بالسلطنة ارتفاع الأصول الأجنبية للبنك، خلال شهر أكتوبر الماضي، بنسبة 13.2%، على أساس شهري.

وذكرت البيانات نفسها أن الأصول الأجنبية زادت إلى 6.09 مليارات ريال (15.8 مليار دولار)، في أكتوبر 2018.

وكانت الأصول الأجنبية لـ"المركزي" تبلغ 5.83 مليارات ريال (14 مليار دولار)، في سبتمبر من العام نفسه.

وتتوزّع الأصول الأجنبية بين إيداعات عملة أجنبية، والحساب الاحتياطي للسلطنة لدى صندوق النقد الدولي، واستثمارات الأوراق المالية.

وعلى أساس سنوي انخفضت الأصول الأجنبية لـ"المركزي العُماني" بنسبة هامشية بلغت 0.3%، في أكتوبر 2018، مقارنة بـ6.109 مليارات ريال (15.9 مليار دولار) في الشهر المماثل من العام 2017.

وتتبنّى سلطنة عمان توجّهاً مستمراً نحو تعزيز الاحتياطات العامة والأصول الأجنبية. ورغم استخدام جزء من الاحتياطي العام في تمويل جانب من احتياجات الموازنة العامة، فإن حجمه يظل عند مستويات جيدة.