الخليج أونلاين-
قال الأكاديمي المتخصص بالشؤون الاستراتيجية عبد الله الغيلاني، إن السلطنة منزعجة جداً وقلقة من الوجود العسكري السعودي في مدينة المهرة اليمنية، معتبراً أن السعودية والإمارات متفقتان على تفتيت اليمن.
وأضاف الغيلاني في حوار خاص أجراه مع موقع "الخليج أونلاين": إن "وجود القوات السعودية وبعض الإماراتية في مدينة المهرة غير مسوغ بالمناسبة وهي على الحدود اليمنية-العُمانية، ولم تكن يوماً ساحة حرب".
أمن قومي عُماني
وأردف قائلاً: إن "المهرة تعد أمناً قومياً بالنسبة للسلطنة، لأنها المنطقة الفاصلة بين عُمان وسائر اليمن الذي يمر بحالة احتراب وتمزق، خاصة أن مسقط استثمرت في هذه المدينة خلال السنوات الـ40 الماضية؛ عبر البنية التحتية والتنمية ولديها علاقات استراتيجية مع القبائل فيها".
ويرى الغيلاني أن هناك صراعاً مكتوماً بين السعودية والإمارات، خصوصاً أن "الوجود العسكري يعد أمراً قائماً، ولكن مسقط لديها جملة من الخيارات، إذ إنها أكثر رسوخاً قبلياً وشعبياً في المهرة".
وأشار إلى أن تحوُّل المهرة إلى منطقة احتراب ومواجهات عسكرية وقتال سينعكس بشكل سلبي على الداخل العُماني، خصوصاً أن قبيلة المهرة المتمركزة في المدينة وكبرى القبائل بتلك المنطقة لديها امتداد في ظفار العُمانية.
وبخصوص أي دور للسلطنة في حل الأزمة اليمنية، يعتقد الغيلاني أنّ "عُمان تبدو مستعدة للجمع بين الحوثيين والسعوديين، فسبق أن جمعت بين الحوثي وخصومه في العاصمة مسقط عدة جولات حوار، لكنها لم تخرج بشيء ملموس".
وأضاف متسائلاً: "هل هناك مبادرة عُمانية حالية للخروج من الأزمة اليمنية؟ يبدو لي أنه لا توجد رؤية حالية لذلك، مع إبداء مسقط الاستعداد لخوض ذلك، للوصول بجميع الأطراف إلى حل".
خيارات اليمن لمواجهة الإمارات
واعتبر الباحث في الشأن الخليجي أن المشروع الإماراتي الرامي إلى تقسيم اليمن وتفكيكه وجعله في حالة احتراب مستمر ليس مشروعاً حديثاً ويجري الإعداد له منذ أمد بعيد.
وقال: إنه "كان حرياً بالحكومة الشرعية وحلفائها أن ينتبهوا إلى هذا المشروع، وأن يتصدوا له وهو في مراحله الجنينية، لكن حكومة الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي أعرضت عن كل الحقائق الجارية على الأرض، وهي تواجه نتيجة ذلك الآن".
وأضاف: إن "الحكومة الشرعية لديها عدة خيارات دستورية، حيث يمكنها أن تجعل التحالف أمام خيار الانتصار للشرعية والانحياز إلى الأهداف التي جاء من أجلها، أو رفع يده عن القضية اليمنية".
وأكّد أن "استخدام الحكومة هذه الورقة سيجعل السعودية محرجة جداً، لأن وجود قوات المملكة في اليمن تحت غطاء الحكومة الشرعية وعليها أن تلوّح بهذه الورقة، وأن تطلب خروج الإمارات من اليمن والتحالف".
ولفت إلى أن استخدام التحالف الأجواء اليمنية كان ينبغي أن يكون بترخيص من الحكومة الشرعية، والسؤال الآن: "تحت أي غطاء قصفت الحكومة الإماراتية قوات الجيش الوطني؟".
أما الخيار الثاني بحسب الغيلاني، فهو "لملمة القوى الوطنية، فالجيش الوطني والمقاومة الشعبية قادران على وقف المشروع الإماراتي، ولكن ينقصهم التسليح والتدريب والمعلومات الاستخباراتية، وهذا كله غائب، بسبب وضع حكومة هادي، البيض كله في السلة السعودية وهذا خطأ، بل يجب عليها أن تستقل بقراراتها الاستراتيجية".
كما أنّ هناك خياراً ثالثاً بيد "الشرعية" في اليمن، وهو "الخروج من حالة الارتهان الكلي للسعودية والبحث عن نسج علاقات دولية أخرى خارج نطاق التحالف"، وفق تعبيره.
وأشار إلى أنه على الحكومة أيضاً "الدعوة إلى شيء من الإجماع السياسي، بمعنى أن تطرح الحكومة الشرعية مشروعاً وطنياً يضم كل الفرقاء السياسيين من قوى وطنية وقبلية ومستقلين، تحذر من الحوثيين والانفصاليين ومن كل القوى الداعية إلى تفكيك اليمن، وهو ما لم تفعله الحكومة حتى الآن".
وشدد الغيلاني على أن الرئيس هادي لا يفعّل كل الخيارات التي لديه، وهو قادر من خلال القوى الوطنية على التصدي لكل المشاريع الانفصالية في الجنوب وحتى إسقاط الحوثيين.
توافق إماراتي - سعودي على اليمن
وقال الأكاديمي العُماني: "نحن نتحدث عن أربع سنوات ونصف السنة منذ عاصفة الحزم في مارس 2015، ومع ذلك لم يحدث أي تقدُّم استراتيجي في منازلة الحوثيين، بل ما يزالون يسيطرون على شمالي اليمن ويهددون التحالف، ويهددون الأمن الداخلي السعودي".
وأردف: إن "السعودية اليوم محرجة تماماً، وهي مضطرة إلى تأييد ما يخرج عن الرئيس هادي من بيانات حتى لو هاجمت الإمارات والتخريب الذي تمارسه، ولكن على المستوى الاستراتيجي هناك توافق بين الرياض وأبوظبي على مستوى الثوابت، والخلاف تكتيكي بما يتصل بإخراج السيناريوهات المتفق عليها".
وأكّد الغيلاني أن "تفكيك اليمن وتحويله إلى دويلات ثلاث أو أربع أو خمس دويلات، وإبقاءه في حالة احتراب داخلي وتفكُّك وتمزق، إضافةً إلى تثبيت الحوثيين في الشمال وعدم الإطاحة بهم وإعطائهم إقليم آزال (يضم صعدة وصنعاء وعمران وذمار)، كل هذه سيناريوهات متفق عليها بين أبوظبي والرياض".
وأشار إلى أن السعودية محرجة من إخراج هذه السيناريوهات على الطريقة الإماراتية لا أكثر، ولكن الأبعاد الاستراتيجية في الأزمة اليمنية متفق عليها.
وقال أيضاً: إن "الإمارات تتخذ خطوات وسياسات حادة تبدو أكثر رعونة ولا تراعي الرأي العام اليمني ولا الإقليمي، لكن السعودية أكثر حرجاً، لأنها المتضرر الأول، وأمنها القومي يتعرض للخطر، بسبب ضربات الحوثيين".
ولمح إلى أن "الإمارات لم تتعرض لأي ضربات حقيقية من قِبل الحوثيين، ولو فعلت الجماعة بالإمارات ما فعلته بالسعودية لكان الاقتصاد الإماراتي منهاراً ولم يصمد بضع ساعات، ولكن ذلك لم يحدث، بسبب الروابط والاتفاقات مع إيران".
واستدرك الغيلاني قائلاً: إن "أبوظبي والرياض هما اللتان أوصلتا الحوثيين إلى صنعاء ضمن اتفاقات معينة، ولكنهم لم يلتزموا ثم انقلبوا عليهما".
واعتبر أن المشروع السياسي العسكري الإماراتي يسير في المنطقة بتوافق إقليمي ودولي، ولكن ربما السعودية لا تدرك الخطر الذي يحيط بها، أو أنها مكرَهة على الخضوع والإذعان لهذه السياسات، وهناك لاعب دولي أمريكي بالأزمة اليمنية لا شك في أن له دوراً بكل ما يجري.
وبخصوص أي تقارب سعودي - قطري في ظل الخلاف مع الدوحة، قال الغيلاني: إنّ "قطر لديها موقف ثابت وهو الحوار غير المشروط مع دول الحصار، وليست لديها مشكلة في التقارب مع السعودية خاصة، ربما العلاقة مع الإمارات أكثر توتراً من غيرها".
واستدرك: "لكن ليست هناك أي دلائل أو مؤشرات على أن دول الحصار على استعداد -ولو مبدئياً- للخروج من هذه الأزمة وبدء أي حوار مع الجانب القطري، وما زال هناك توافق على المشروع الإقليمي الإماراتي-السعودي، يشمل سوريا ومصر وليبيا وليس في اليمن فقط".
وكان الرئيس اليمني، عبد ربه منصور هادي، قد شن الخميس (29 أغسطس الجاري)، هجوماً على دولة الإمارات والدور الذي تؤديه في دعم التمرد المسلح في عدن بالمال والخطط.
وقال هادي في بيان: "علينا مواجهة التمرد المسلح الذي تقوم به مليشيات المجلس الانتقالي المدعوم إماراتياً"، مؤكداً أن هذه "المليشيات تمادت في مهاجمتها مؤسسات الدولة في عدن، بدعم وتمويل وتخطيط من أبوظبي".
والخميس، أعلنت وزارة الدفاع اليمنية سقوط 300 قتيل وجريح على الأقل في غارات جوية إماراتية استهدفت القوات الحكومية بمدينتي عدن وأبين جنوبي البلاد.
وجاء القصف بعد ساعات من إعلان الحكومة اليمنية تطهير عدن من المليشيات الانفصالية الموالية للإمارات، حيث تمكنت قوات الحكومة من السيطرة خلال ساعات، على مديريات ومواقع رئيسة عديدة في عدن.
وتشارك الإمارات إلى جانب السعودية في تحالف لدعم الشرعية باليمن، منذ مارس 2015، هدفه إسقاط انقلاب الحوثيين في صنعاء، لكن خلال العامين الأخيرين عملت الإمارات على تشكيل مليشيات مسلحة جنوبي البلاد، وأسهمت في تقويض أعمال الحكومة اليمنية؛ سعياً لتحصيل مكاسب سياسية وبسط نفوذها ودعم انفصال الجنوب.