الخليج أونلاين-
أبدت سلطنة عُمان دولة وحكومة وشعباً تضامناً واسعاً مع القضية الفلسطينية في مواجهة العدوان الإسرائيلي الجديد على قطاع غزة، وما سبقه من انتهاكات بحق سكان القدس المحتلة وتهجير سكان الشيخ جراح من بيوتهم وإحلال المستوطنين مكانهم.
ولقيت الحملة العسكرية الأخيرة لقوات الاحتلال الإسرائيلي في عموم الأراضي الفلسطينية، وبالأخص بالقدس المحتلة وقطاع غزة، صدىً واسعاً في الشارع العُماني، انطلاقاً من أهمية القضية الفلسطينية ومركزيتها في نفوس العرب والمسلمين.
ولسلطنة عُمان مواقف تاريخية مشهودة من القضية الفلسطينية ودعمها عربياً وإقليمياً لعل من أشهرها قرار مسقط (بالتشارك مع دول خليجية) بحظر تصدير النفط إلى الولايات المتحدة وهولندا لدعم العرب بمواجهة "إسرائيل" في حرب أكتوبر 1973.
تضامن شعبي
وبرز الموقف الشعبي من القضية الفلسطينية بصوت عالٍ على لسان جمعية الصحفيين العُمانية (مستقلة)، التي أشادت بالصمود الذي أظهره الشعب الفلسطيني، وما يقدمه من شهداء يومياً دفاعاً عن القدس.
وأكدت الجمعية، في بيان صدر في (14 مايو 2021)، دعمها الكامل للإعلاميين في فلسطين وما يتعرضون له من اعتداءات متواصلة لمنعهم من نقل الحقيقة للعالم.
وأشادت الجمعية بالصحفيين الذي استطاعوا أن ينقلوا للعالم ما يحدث داخل فلسطين المحتلة، "والذين قدموا أروع الصور لمهنتهم، من خلال مواصلة عملهم الليل بالنهار من أجل تعرية الاحتلال وادعاءاته أمام المجتمع الدولي".
وكان لافتاً إعلان "شبكة عُمان" الإعلامية التوقف عن تغطية الأخبار المحلية (ما عدا العاجلة)، ليكون حسابها على موقع "تويتر" مخصصاً لتغطية الوضع في فلسطين المحتلة.
من جهتها أصدرت الجمعية العمانية للكتاب والأدباء بياناً، في (14 مايو 2021)، أدانت فيه عدوان قوات الاحتلال الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني، رافضة سياسات وإجراءات التهجير التي يتعرض لها المقدسيون وغيرهم.
كما أدانت الجمعية اقتحام قوات الاحتلال باحات المسجد الأقصى المبارك، وما يتعرض له الغزيون من "عدوان غاشم" من قبل "إسرائيل"، مؤكدة موقفها الثابت في دعم الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني وقيام دولته وعاصمتها القدس.
وتصدرت العديد من الوسوم الخاصة بالقدس وغزة التريند في عمان خلال الفترة الماضية، كما بعث آخرون رسائل فنية وغنائية من أحد العمانيين إلى فلسطين والمسجد الأقصى.
كما وجّه المعلق الرياضي العماني خليل البلوشي دعوة لدعم "صرخات الأطفال في فلسطين" عبر مقاطع مصورة تنشر على وسم "#فصيح الأقصى".
ولمزيد من التضامن الشعبي نظمت سفارة دولة فلسطين في سلطنة عُمان، (20 مايو 2021)، وقفة تضامنية جراء استمرار العدوان، تمت في مقر السفارة وحضرها أعضاء البعثة الدبلوماسية وعددٌ من أبناء الجالية الفلسطينية المقيمين في السلطنة.
ودعا الحضور إلى ضرورة تدخل المجتمع الدولي لوقف إطلاق النار وتهجير الفلسطينيين من منازلهم في القدس.
وأظهرت الصور ومقاطع الفيديو مشاركة عدد من المواطنين العُمانيين رافعين لافتات تضامنية مع غزة والأقصى المبارك.
موقف متفرد
ومن حين لآخر يخرج مفتي سلطنة عُمان الشيخ أحمد الخليلي ببيانات داعمة للمسلمين في العالم تحمل رسائل سياسية، وكان من أوائل من دعم هبة الفلسطينيين في المسجد الأقصى المبارك، معرباً عن تحيته للمرابطين الذين يدافعون عن المسجد الأقصى ضد محاولات "تدنيسه"، ومندداً بموقف "أهل العلم" مما يجري.
وقال في بيان آخر، في (14 مايو 2021): "لقد أثبتت الأحداث الأخيرة في الأرض المحتلة أن قوة الإرادة هي أعظم من أن تُقهر بقوة السلاح، وأن الإيمان هو أقوى عتاد في مواجهة العدو".
واعتبر أن في ذلك "عبرة للمتخاذلين الذين رضوا لأنفسهم الهُون، واستكانوا لمن لم تُفِدهم استكانتهم عنده شيئاً، بل زادتهم خِسَّة وذُلاً"، دون أن يوضح المقصودين تحديداً بكلامه.
ويعتبر الشيخ الخليلي أن التطبيع مع دولة الاحتلال الإسرائيلي يعد "خيانة لله تعالى ولرسوله ولكتابه وللأمة العربية والمقدسات".
وعاد ليصدر بياناً آخر، في (16 مايو 2021)، مشيداً فيه بـ"المقاومة الفلسطينية وتضحياتها العظيمة"، ومؤكداً أن خططها "غسلت عن جبين الأمة عاراً تلطخت به ردحاً من الزمن، فتمرغت في أوحال الذل، وتساقطت في دركات الهون".
وأشار إلى أن المقاومة أثبتت بذلك أن مشكلات هذه الأمة لا تحل إلا "بالاستمساك بالعروة الوثقى من الدين"، مستشهداً بقول أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "نحن قوم أعزنا الله بالإسلام، فمهما ابتغينا العزة في غيره أذلنا الله".
ثم لم يلبث أن جدد دعمه للمقاومة الفلسطينية مؤكداً أنها أثبتت في الأرض المحتلة "أصالة معدنها، وصلابة عقيدتها، وشدة عزيمتها"، وكذلك جميع "أحرار الأمة" الذين وقفوا وراءها وشدوا على يدها.
وأضاف، في بيانه الصادر في (18 مايو 2021): "كما تبين زيفُ المتساقطين الذين باعوا ضميرهم، وهان عليهم دينُهم وكرامة أمتهم، فتمرَّغوا في أوحال الذل بخنوعهم للعدو المحتل".
وفي آخر مواقفه، هنأ المفتي العام لسلطنة عُمان، الشيخ أحمد بن حمد الخليلي، في رسالة جديدة للأمة الإسلامية بـ"انتصار الحق على الباطل"، في إشارة لانتصار المقاومة الفلسطينية على جيش الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة.
وقال في بيان نشر على حسابه في منصة "تويتر"، الجمعة: "لقد استقبلت الأمة الإسلامية والشرفاء في العالم الإنساني بكل سرور وارتياح نبأ انتصار الحق على الباطل، وظهور العدل على الظلم، واندحار كتائب البغي بنجاح المقاومة الإسلامية الباسلة في دحر الصهيونية الظالمة الباغية وإذاقتها مرارة الهزيمة وتمريغها في أوحال الهوان بعد غطرستها وغرورها".
وأضاف الشيخ الخليلي أنه بهذه المناسبة يهنئ "المقاومة الباسلة بهذا النصر العتيد، والأمة الإسلامية جميعاً بتحقيق أمنيتهم، وأهنئ الشرفاء في العالم الذين ساندوا هذه القضية العادلة".
من جانب آخر تلقى الشيخ الخليلي اتصالاً هاتفياً من إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لـ"حركة المقاومة الإسلامية" (حماس)، بحسب صحيفة "أثير" العُمانية.
مواقف رسمية
وعلى الجانب الرسمي للسلطنة، دعا رئيس مجلس الشورى العُماني خالد بن هلال المعولي، المجتمع الدولي لمواصلة الجهود في الضغط على سلطات الاحتلال الإسرائيلي لإنهاء الحصار والتعدي على قرارات الشرعية الدولية، ورفض مبادرات القمم العربية والإسلامية.
وأضاف بكلمته في المؤتمر الحادي والثلاثين الطارئ للاتحاد البرلماني العربي، (12 مايو 2021)، أن "قضية فلسطين هي قضية الأمة الأولى، والتي تـعاني من انعكاس هذه التحولات عليها، حيث توسعت رقعة الإضرار بالأمن و السلام، وازداد اللاجئون والمهاجرون عاماً بعد آخر، فضلاً عن انتهاكات الحرم القدسي الشريف والاستفزازات الإسرائيلية المتكررة".
وعلى جانب الحراك السياسي، فقد أعرب وزير خارجية سلطنة عُمان، بدر بن حمد بن حمود البوسعيدي، في (11 مايو 2021)، عن تضامن السلطنة مع الشعب الفلسطيني وتأييدها الثابت للمطالبة العادلة بالحرية والاستقلال، وقال إن ممارسات الاحتلال تحتاج إلى تحرك دولي لوقفها.
كما أجرى وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي اتصالاً بوزير الخارجية العماني، في (14 مايو 2021)، متباحثين "حول الأوضاع الخطيرة في الأراضي الفلسطينية المحتلة والجهود المبذولة لوقف العدوان الإسرائيلي في غزة والانتهاكات في القدس وبقية الأراضي الفلسطينية".
وفي ضوء ذلك أشاد سفير فلسطين لدى سلطنة عُمان، تيسير جرادات، بموقف السلطنة تجاه ما يحصل حالياً في فلسطين، مؤكداً أنه موقف "مميز"، وهو ليس وليد الأزمة الحالية.
وقال جرادات، في تصريح لإذاعة "الشبيبة" المحلية، في (14 مايو 2021): إن "السلطنة أكدت على موقفها الثابت تجاه الأقصى منذ بداية الصراع، وأعادت التأكيد على موقفها الثابت في هذه الأزمة".
وأضاف جرادات: "موقف سماحة الشيخ المفتي العام للسلطنة كان موقفاً مهماً، وموقف الشارع العماني كان مميزاً من خلال ما أبداه في مواقع التواصل الاجتماعي، ومتابعتهم للأحداث وتفاعلهم معها كان متواصلاً".
وتوجه هنية بالشكر إلى مفتي عُمان على الدعم المتواصل للقضية الفلسطينية وللعُمانيين حكومة وشعباً.