الخليج أونلاين-
ضمن إجراءات السلطات العُمانية لتعزيز فرص العمل للمواطنين في القطاع الخاص وتدعيم سياسة "التعمين"، ستبدأ وزارة العمل تطبيق قرار الـرسـوم الجديدة لتصاريح العمل للقوى العاملة غير العُمانية للمهن العليا والمتوسطة، والمهن الفنية والتخصصية في المؤسسات الصغيرة والمتوسطة.
وسيبدأ تنفيذ القرار العُماني اعتبـاراً من الأول من يونيو المقبل، وهو ما قد يسهم في زيادة شغل العُمانيين لتلك المهن، إضافة إلى أنه يأتي متناغماً مع القرارات الرسمية الداعمة للأيدي العاملة المحلية، وتقليل سيطرة غير العُمانيين على تلك المهن.
وجاء قرار وزارة العمل العُمانية أيضاً لمواجهة ارتفاع نسبة العمالة الوافدة على أراضيها، حيث منعت استقدام العمالة الأجنبية لقطاعات معينة حتى إشعار آخر؛ مثل "أنظمة المعلومات، ومهن المبيعات والتسويق، والإدارة، والموارد البشرية، والتأمين، والإعلام، والمهن الطبية، والمطارات، والهندسة، والمهن الفنية".
كما سيسهم القرار العُماني في رفع تكلفة العمالة غير العُمانية لتلك المهن، وهو ما سيدفع أرباب العمل للاتجاه إلى العمالة العُمانية في المهن المعلن عنها من قبل وزارة العمل.
وكيل وزارة العمل نصر بن عامر الحوسني، أكد خلال مؤتمر استعرض الخطة التنفيذية للوزارة، في يناير الماضي، أن الباحثين عن عمل، المسجلين لدى الوزارة، بلغ عددهم نحو 65 ألفاً، أغلبهم من الإناث بما نسبته 61%، حيث سجلت الحكومة نحو 24 ألف باحث عن عمل من الذكور مقارنة بنحو 41 ألفاً من الإناث، وفق نتائج التعداد لعام 2020.
رفع تكلفة الوافد
الباحث الاقتصادي محمد رمضان يقول: إن "سلطنة عُمان تواجه مشكلة بأن عمالتها المحلية ليست مدربة بشكل كافٍ لتقوم بالأعمال التي يقوم بها غير العُمانيين، لذلك تمت التوصية بفرض رسوم تصاعدية على الوافدين لإحلال تلك المهن في السلطنة".
وفي حديثه لـ"الخليج أونلاين" يقول رمضان: إن "الآلية الجديدة المتمثلة في فرض رسوم على تلك المهن في السلطنة ستسهم في أن تكون تكلفة الوافد لها أعلى من تكلفة المواطن، وهي رسوم ليست إيرادات عامة للدولة، ولكن تنفقها الحكومة لإعادة تأهيل الشباب الوطني".
وسيكون الشباب العُماني -كما يوضح رمضان- "جاهزاً للعمل في القطاع الخاص بسبب اكتسابه المهارات والخبرات التي تم الإنفاق عليها من تلك الأموال من قبل السلطات العُمانية، لذا سيكون منافساً أكثر في القطاع الخاص".
وستزيد تكلفة العمالة الوافدة مع تلك الرسوم، حسب الباحث الاقتصادي، "حيث سيتم الإنفاق على زيادة قدرات المواطنين، فيتم حل المشكلة بشكل تدريجي، وهي لبعض المهن التي يقبل المواطن العُماني العمل بها، أما التي لا يقبل العمل بها فلا رسوم عليها".
وحول نجاح قرار وزارة العمل العُمانية في تحقيق أهدافها، يتوقع رمضان "نجاحها، ولكن يعتمد ذلك على كيفية تنفيذها، وهنا لا بد أن تسير الآلية بشكل متوازن، لتحقيق الأهداف المرجوة منها، وهي رفع تكلفة الوافدين تدريجياً".
ومع الوقت، يوضح رمضان أن "تلك الرسوم التي فرضتها السلطات العُمانية على بعض المهن للوافدين ستسهم في زيادة نسبة التعمين في الكثير من المهن، ولكن ذلك سيأخذ وقتاً ربما يصل إلى 4 سنوات، خاصة في حال فرضت رسوم محددة لكل مهنة".
وظائف للعُمانيين
وإلى جانب تلك الإجراءات والرسوم، أعلنت وزارة العمل العُمانية أنه جرى توفير 10 آلاف و196 فرصة عمل بالقطاعين الحكومي والخاص بالسلطنة، خلال الربع الأول من العام الحالي.
وأكدت الوزارة في بيان لها، في مايو الماضي، أن النسبة المئوية المُنجزة حسب الخطة التنفيذية بلغت 31.6% من إجمالي العدد المُستهدف خلال عام 2021.
كما أوضحت الوزارة أن ذلك جاء نتيجة لما اتخذته من إجراءات مختلفة بسوق العمل وتنمية الموارد البشرية، وإيفاء بما التزمت به في خطتها التنفيذية التي أعلنتها للعام 2021.
وفي يناير الماضي، أعلنت وزارة العمل توطين عدد من المهن في منشآت القطاع الخاص، حيث سيطبق ذلك بعدم تجديد تراخيص مزاولة العمل للعاملين حالياً بعد انتهائها.
وجاء القرار استناداً إلى قانون العمل الصادر بالمرسوم السلطاني رقم 35/2003، والمرسوم السلطاني رقم 89/2020 بإنشاء وزارة العمل وتحديد اختصاصاتها، واعتماد هيكلها التنظيمي.
وقررت الوزارة اقتصار مزاولة عدد من المهن والأنشطة في منشآت القطاع الخاص على العُمانيين؛ والتي منها المهن المالية والإدارية في شركات التأمين والشركات العاملة في أنشطة وساطة التأمين.
وأدت أزمة كورونا بالفعل إلى مغادرة مئات الآلاف من الوافدين السلطنة، منذ مارس 2020 حتى مارس 2021، بنسب كبيرة أدت إلى انخفاض أعدادهم لـ40%، وفق أرقام حكومية.
وتقول الإحصاءات الرسمية المنشورة عن المركز الوطني للإحصاء والمعلومات إن عدد العاملين الوافدين في القطاعين الحكومي والخاص في السلطنة، خلال مارس الماضي، انخفض بنحو 218 ألف عامل وافد، أي بنسبة 13٪.
الكاتب والمحلل الاقتصادي أحمد كشوب يؤكد أن "العوامل التي ساهمت في تحديد ومراجعة الرسوم التي فرضتها وزارة العمل تتعلق بسياسة التحول التدريجي تحت عناوين رئيسية؛ هي التوظيف المباشر، والإحلال، والتدريب المقرون بالتشغيل".
وفي حديثه لـ"الخليج أونلاين" يقول كشوب: "السلطنة تواجه تحدياً كبيراً إلى جانب دول الخليج في قضية الباحثين عن العمل أو العاطلين، وكانت الجائحة سبباً مباشراً، حيث اضطرت شركات كبيرة لتسريح العُمانيين وغير العُمانيين".
ويوجد الكثير من الشركات المتوسطة في السلطنة أغلقت -حسب كشوب- وجزء من الإشكالية يكمن في كيفية معالجة وتصحيح سوق العمل، بحيث يمكن الشركات من توظيف العُمانيين، وتسهم الحكومة بجزء من راتب العُماني، بمعنى أن أي شركة توظف عُمانيين تسهم الحكومة بجزء من الراتب.
وأشار كشوب إلى أن "سوق العمل يعد قابلاً للتصحيح والتغيير، وفق معطيات أي مرحلة، وحين تتحسن الأسواق ويصبح الأداء الاقتصادي للقطاع الخاص في نمو تتم مراجعة كل عامين"، لكنه بين أنه "في ظل الضائقة والطلب العالي للبحث عن العمل عملت وزارة العمل على مجموعة من الضوابط التي تستهدف في المقام الأول إعطاء قوة للشركات في استيعاب العُمانيين، وإيجاد فرصة للتدريب والتأهيل".