الخليج أونلاين-
تعمل سلطنة عُمان والسعودية بشكلٍ ثنائي لإيجاد طريق لمفاوضات سياسية في اليمن، ومواصلة الجهود لإنهاء الحرب الدائرة منذ سبع سنوات، التي خلّفت عشرات الآلاف من القتلى، ومأساة تعد من أكبر المآسي في العالم.
ولعل النقاشات التي دارت بين سلطان عُمان هيثم بن طارق، والعاهل السعودي سلمان بن عبد العزيز حول سبل إنهاء حرب اليمن، قد أخذت حيزاً من تلك الزيارة، وهو ما كان لافتاً في البيان الختامي.
فهل تتطابق الرؤى والخطوات العُمانية السعودية أمام تأكيداتهما حول ضرورة مواصلة جهودهما لإيجاد حل سياسي شامل للأزمة اليمنية قائم على المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني اليمني الشامل وقرار مجلس الأمن الدولي؟
تطابق رؤى البلدين
في بيانٍ مشترك هو الأول بين البلدين، أكدت المملكة العربية السعودية وسلطنة عمان، في 12 يوليو، مواصلة الجهود لإيجاد حل سياسي شامل للصراع في اليمن.
جاء ذلك في بيان مشترك للدولتين الخليجيتين، في ختام زيارة قام بها سلطان عمان للمملكة، التقى خلالها العاهل السعودي، وفقاً لوكالتي "واس" و"عمان" الرسميتين.
وقال البيان إن الجانبين أكدا "تطابق وجهات نظرهما حول مواصلة جهودهما لإيجاد حل سياسي شامل للأزمة اليمنية قائم على المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني اليمني الشامل، وقرار مجلس الأمن الدولي رقم (2216)، ومبادرة المملكة العربية السعودية لإنهاء الأزمة اليمنية، ورفع المعاناة الإنسانية عن الشعب اليمني الشقيق".
وتنخرط سلطنة عمان في الملف اليمني بشكل أكبر من ذي قبل، وتقود مفاوضات غير مباشرة بين مليشيا الحوثي والسعودية، وبين الأمريكان والحوثيين.
وكان وزير خارجية السلطنة نفى طرح بلاده أي مبادرة لإنهاء الصراع في اليمن، مؤكداً وجود مساعٍ عمانية مستمرة للتوفيق بين الأطراف ودعم الجهود الدولية والأمريكية ومبادرة السعودية للسلام واتفاق الرياض.
الدور العُماني
تؤكد سلطنة عمان بين الحين والآخر أنها مستمرة في العمل من كثب مع السعودية والمبعوثين الأممي والأمريكي الخاصين باليمن والأطراف اليمنية، بهدف التوصل إلى تسوية سياسية شاملة للأزمة في اليمن.
وقالت مسقط في عدة بيانات، خلال الأشهر الأخيرة الماضية: إنها "تأمل في أن تحقق هذه الاتصالات النتيجة المرجوة في القريب العاجل، بما يعيد لليمن أمنه واستقراره، ويحفظ أمن ومصالح دول المنطقة".
وفي يونيو الماضي، غادر وفد عماني العاصمة اليمنية صنعاء، بعد نحو أسبوع من المباحثات مع الحوثيين، دون إحراز تقدم لوقف إطلاق النار في اليمن، حيث أجرى لقاءات مع مسؤولي الحوثي بينهم زعيم الجماعة المتمردة عبد الملك الحوثي.
وخلال الشهرين الماضيين، عقد المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث، والمبعوث الأمريكي تيم ليندركينغ، محادثات مع الحوثيين في مسقط والحكومة اليمنية بالرياض بشأن المبادرة السعودية للسلام، في إطار حراك دبلوماسي للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار يمهد لتسوية سياسية في اليمن.
ويتمسك الحوثيون خلال المحادثات الجارية بفتح مطار صنعاء وميناء الحديدة كشرط للانخراط في ترتيبات لوقف إطلاق النار ضمن تسوية سياسية محتملة تنهي الحرب.
وتستضيف سلطنة عُمان عدداً من زعماء الحوثيين، وقد ألقت بثقلها كلاعب إقليمي يعمل على تسهيل المفاوضات.
وتشترك السلطنة في حدود مع اليمن، وتنتهج منذ فترة طويلة سياسة خارجية محايدة في النزاعات الإقليمية.
قناعة الحل السياسي
يرى المحلل السياسي اليمني كمال السلامي، أن التقارب السعودي العماني سيكون له "انعكاس على الملف اليمني"، لكنه يعتقد أنه "من المبكر تماماً التكهن بطبيعة ذلك التأثير، وما إذا كان تأثيراً محورياً أم لا".
ويشير إلى أن عمان "عُرفت بمواقفها المحايدة في أزمة اليمن، وطيلة السنوات الماضية وفرت قنوات تواصل خلفية بين الأطراف المتصارعة، وداعميهم أيضاً، ففيها التقى السعوديون مع الحوثيين، والحوثيون مع الأمريكان، وربما كان هناك تواصل مباشر أو غير مباشر عبر عمان بين السعودية وإيران".
ويؤكد لـ"الخليج أونلاين" أن هذا التقارب "جاء في الوقت الذي باتت السعودية فيه على قناعة بضرورة الحل السياسي، وهذا ما كانت ولا تزال تطرحه سلطنة عمان".
ويضيف: "ومن ثم فإن رؤية الدولتين تقتربان من بعضهما من هذه الزاوية، لكن ستظل هناك قضايا محورية، ربما من الصعب إيجاد توافق حولها؛ أهمها أن سلطنة عمان لا تملك نفوذاً مطلقاً على الحوثيين، وهم الذين لن يقبلوا بالتراجع عن انقلابهم، رغم أن عمان في بيانها المشترك مع السعودية أكدت المرجعيات الثلاث".
ويرى أيضاً أن التقارب السعودي العماني "اقتصادي في أساسه، وينسحب على ملفات أخرى تعني المملكة، أبرزها العلاقة مع إيران، إذ ينتظر أن تؤدي سلطنة عمان دوراً في توفير قناة تواصل مناسبة بين البلدين".
وفي إطار حديثه أشار أيضاً إلى حديثٍ سابق لرئيس جمعية الصحفيين العمانيين محمد العريمي، الذي قال إن على اليمنيين "ألا ينتظروا الكثير من هذا التقارب، أو أن يعولوا عليه تعويلاً كاملاً لحل الأزمة اليمنية".
دور أكبر لعُمان
فيما يعتقد الباحث في الشأن الدولي الدكتور عادل المسني، أن التوافق العماني السعودي "يعكس مستوى متقدماً من العلاقات الثنائية، وخاصة فيما يتعلق بالسعي لإيجاد حلول للأزمات في المنطقة، وفي مقدمتها أزمة اليمن، وذلك وفق رؤية أمريكية تركز أكثر على الاستقرار في الشرق الأوسط والتوجه إلى الصين".
ويرى في حديثه لـ"الخليج أونلاين" أن التقارب السعودي العماني "يعكس تطلعات الإدارة الأمريكية الجديدة، والتي أدارت الظهر لدور الإمارات، ودفعت بدور أكبر لعمان لما لها من علاقات ودية مع كل الأطراف".
ويلفت إلى أن الأنظار تتجه "إلى ما يمكن أن يقدمه هذا التقارب في سياق المساعي الدولية للتغلب على الأزمات المفتوحة في المنطقة، والذي يجعل من الانسحاب الأمريكي مكلفاً إذا لم تسعَ لمعالجة هذه الاختلالات".
ويؤكد أن أزمة اليمن "في صلب الاهتمام، وهي المدخل لهذا التقارب وللأزمة الكبرى مع إيران"، مضيفاً: "كما يعكس تحولاً في الطموحات الكبيرة للمملكة، ويمثل فرصة سانحة لها للخروج من المأزق الإماراتي، والانفتاح أكثر على الجوار من بوابة الاستثمار في الاقتصاد والأمن، وتمتين علاقات الجوار، استناداً على الحفاظ على الأمن والاستقرار في اليمن".
السعودية وإنهاء الحرب
وسبق أن بادرت السعودية، في مارس الماضي، بإعلانها مبادرة لإنهاء الأزمة في اليمن بهدف الوصول إلى اتفاق سياسي شامل.
وقال وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان آل سعود، إن مبادرة بلاده تشمل "وقف إطلاق النار في اليمن تحت إشراف الأمم المتحدة".
وكشف وزير الخارجية السعودي أن "وقف إطلاق النار في اليمن سيبدأ بمجرد موافقة الحوثيين على المبادرة"، معرباً عن أمله في التوصل إلى وقف إطلاق نار في اليمن بشكل فوري.
وبيّن حينها أن تحالف دعم الشرعية سوف يسمح بـ"إعادة فتح مطار صنعاء لعدد محدد من الوجهات الإقليمية والدولية المباشرة".
وأشار إلى أن المبادرة السعودية تتضمن إعادة إطلاق المحادثات السياسية لإنهاء أزمة اليمن، متوقعاً "دعماً أمريكياً للمبادرة والعمل مع الرياض لإنجاحها".