متابعات-
"قطر هي الفاعل الوحيد الذي تثق به كل من طالبان والولايات المتحدة".. هكذا وصفت دورية استخباراتية بريطانية صعود الدور الدبلوماسي للدوحة مؤخرا، حتى باتت جسرا مهما لحلفائها الغربيين الذين يريدون التواصل أو التفاوض مع حكومة "طالبان" في أفغانستان أو حكومة الرئيس الجديد "إبراهيم رئيسي" في إيران، ما قد يرفعها إلى مستوى الوسيط الإقليمي المفضل لواشنطن.
وسلطت "جلف ستيت نيوز ليتر" الضوء على الدور الرئيسي الذي يقوم به وزير الخارجية القطري "محمد بن عبدالرحمن آل ثاني" في هذا الصدد، حيث أجرى محادثات مع نظيره الأمريكي "أنتوني بلينكن" في الفترة من 6 إلى 8 سبتمبر/أيلول الجاري بشأن تطورات الأوضاع في أفغانستان، وكذلك الدعم الاقتصادي الذي قدمته الدوحة لقطاع غزة.
وشملت محادثات "بلينكن" اللقاء مع وزير الدفاع القطري "خالد العطية"، وانضم إلى بعض الاجتماعات وزير الدفاع الأمريكي "لويد أوستن"، حسبما نقلت الدورية البريطانية عن مصادرها.
وكانت الأمم المتحدة قد بدأت في توزيع أموال على الأسر المحتاجة بقطاع غزة في 13 سبتمبر/أيلول في إطار برنامج جديد تموله قطر، تزامنا مع تقارير تشير إلى إمكانية لعب الدوحة دور وساطة مع حركة "حماس" الفلسطينية شبيه بذلك الذي لعبته في الوساطة بين "طالبان" والولايات المتحدة.
ويعزز من تلك التقارير وصف بيان صدر عن "بلينكن" دور قطر في أفغانستان بأنه "دعم لا غنى عنه"، مشيرا إلى تسهيل الدبلوماسيين القطريين لعملية إجلاء الأمريكيين وغيرهم من الأشخاص الذين تم إجلاؤهم من العاصمة الأفغانية كابل.
وبعد محادثاته مع وزيري الخارجية والدفاع القطريين في 7 سبتمبر/أيلول، قال بلينكن: "ما من دولة فعلت أكثر من قطر"، في إشارة إلى الدور البارز للدبلوماسيين القطريين في عملية الإجلاء.
الإشارة المعلنة إلى وساطة قطرية مع إيران كانت أقل بروزا في تصريحات وبيانات المسؤولين الأمريكيين، لكن عديد المراقبين رجحوا إمكانية تحققها بعد زيارة وزير الخارجية القطري إلى طهران، في 9 سبتمبر/أيلول، حيث أجرى محادثات مع نظيره الإيراني "حسين أمير عبداللهيان".
في اليوم ذاته، تحدث الوزير القطري عبر الهاتف مع نظيره الأمريكي، ما اعتبره محللون مؤشرا على أن قطر ربما تحل محل عمان كوسيط إقليمي مفضل لواشنطن.
وكان "محمد بن عبدالرحمن آل ثاني" في كابل يوم 12 سبتمبر/أيلول لإجراء محادثات مع الشخصيات الرئيسية في النظام الأفغاني الجديد، الذي تقوده "طالبان"، بما في ذلك رئيس الوزراء الملا "محمد حسن أخوند".
كما حضر الاجتماع مجموعة من أعضاء الحكومة الأفغانية الجديدة، بمن فيهم نائب رئيس الوزراء "عبد السلام حنفي"، ووزير الخارجية "أمير خان متقي"، ووزير الدفاع "يعقوب مجاهد"، ووزير الداخلية "سراج الدين حقاني" ورئيس المخابرات "عبدالحق واثق".
كما التقى "آل ثاني" بالرئيس الأفغاني السابق "حامد كرزاي" والسياسي البارز "عبدالله عبدالله"، اللذين بقيا في كابل بهدف إقحام نفسيهما في حكومة وحدة وطنية محتملة.
ومن غير الواضح مدى النفوذ الذي يمكن أن تمارسه الدوحة على السلطات الجديدة في كابل، لكن مؤشرات عديدة تؤكد وجود علاقات ودية بين الجانبين، إذ قدم القيادي في طالبان، الملا "عبدالغني برادار"، الشكر لقطر على وقوفها إلى جانب الشعب الأفغاني.
وكتب النائب الأول لرئيس حكومة طالبان، رئيس المكتب السياسي للحركة، عبر "تويتر": "ماذا نقول لقطر الحبيبة وشعبها.. شكراً لا تفيكم حقكم، لقد أحرجتمونا بعطائكم الغدق".
وكان وزير الخارجية القطري "محمد بن عبدالرحمن آل ثاني"، قد حذر الأسبوع الجاري من محاولة عزل أو مقاطعة أفغانستان، داعيا جميع البلاد للتحاور مع كابل.
كما طالب "آل ثاني" بفصل المساعدات الإنسانية إلى أفغانستان عن أي موقف سياسي تجاه "طالبان".
وتقوم الدوحة حاليا بدور لافت في تشغيل مطار كابل، ومواصلة تنسيق عمليات الإجلاء من العاصمة الأفغانية، ودعم الحكومة الأفغانية الجديدة.