يوسف حمود - الخليج أونلاين-
رغم فتح الأجواء السعودية أمام كل الرحلات التجارية العابرة فإن ذلك لا يعني أن السفر من "إسرائيل" إلى آسيا سيصبح أرخص، حيث تحتاج تل أبيب إلى موافقة سلطنة عمان على السماح لطائراتها بعبور مجالها الجوي في سياق خططها لتقليص الحيز الزمني.
وأبدت "إسرائيل" دهشتها من عدم موافقة سلطنة عمان حتى الآن، على السماح لشركات الطيران الإسرائيلية بالتحليق فوق أجوائها، وهو أمر لم تتوقعه السلطات الإسرائيلية بعد الموافقة السعودية على ذلك.
وتعتبر "إسرائيل" الموافقة العمانية لها أهمية ضرورية؛ فبدونها لا توجد إمكانية للخروج من الأجواء السعودية نحو المحيط الهندي، فللاتجاه نحو الشرق يجب المرور بالأجواء العمانية أو اليمنية.
رفض عُماني
ومنذ أيام، يتداول الإعلام الإسرائيلي تقارير حول رغبة تل أبيب بفتح المجال الجوي العماني أمام طائراتها، آخرها ما ذكرته صحيفة عبرية، (19 أغسطس 2022)، أنه من غير الممكن الاستفادة من فتح المجال الجوي السعودي أمام الطائرات الإسرائيلية من أجل تقصير المسافة؛ بسبب رفض عُمان السماح بمرور تلك الطائرات.
وقال تقرير لصحيفة "يسرائيل هيوم" أن "سلطنة عمان رفضت السماح للرحلات الجوية الإسرائيلية بالمرور في مجالها الجوي، معترفة بالضغط الإيراني المكثف".
وأضاف التقرير أن "معنى هذا الأمر حتى الساعة هو أنه من غير الممكن الاستفادة من فتح المجال الجوي السعودي أمام الطائرات الإسرائيلية من أجل تقصير المسافة في الطيران إلى الشرق الأقصى".
وكان الأمل الإسرائيلي أن تفتح عُمان مجالها الجوي وأنه سيكون إجراءً شكلياً بعد الخطوة السعودية، مما يقلل بشكل كبير من وقت السفر إلى وجهات في الشرق الأقصى مثل الهند وتايلاند والصين.
إيران السبب
وتنقل صحيفة "إسرائيل اليوم" عن مصادر قولها إن رفض السلطنة فتح أجوائها يعود للضغوط الإيرانية تجاه حليفتها عُمان.
كما نقلت عن الباحث في معهد "دراسات الأمن القومي" يوئيل غوزانسكي، قوله: إنه "في الآونة الأخيرة زادت إيران بشكل كبير من ضغطها وتهديداتها على دول الخليج حتى لا تنفذ إجراءات التطبيع مع إسرائيل، وتحدث وزير الخارجية الإيراني مع نظيره العماني، ويمكن الافتراض بأن القضية طرحت في الحديث بينهما".
وسبق أن قال الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، في مايو الفائت، إن مواقف إيران وعمان "متناسقة بصورة ملحوظة في الكثير من القضايا"، مشيراً إلى أن "العلاقات الطيبة بين إيران وعمان تعزز التعاون الإقليمي".
وكان منطلق العمل في "إسرائيل" أن فتح المجال الجوي العماني هو مسألة شكلية بحتة، وذلك في ضوء حقيقة أن العلاقات بين الطرفين، حتى وإن لم تكن رسمية، غير مقطوعة تماماً، خصوصاً أن رئيس الوزراء الأسبق بنيامين نتنياهو زار السلطنة عام 2018، والتقى السلطان الراحل قابوس بن سعيد.
اعتبارات عُمانية
يرى المحلل السياسي العُماني عوض باقوير، أن الرفض العُماني لعبور الطائرات الإسرائيلية لأجوائها يأتي "انطلاقاً من عدة اعتبارات بالنسبة لها".
ويوضح لـ"الخليج أونلاين"، قائلاً: "سلطنة عمان لا تقيم أي علاقات دبلوماسية مع الكيان الإسرائيلي، وتنتهج سياسة خارجية مستقلة".
وأضاف: "من هنا فإن القرار العماني يأتي منسجماً مع استقلالية القرار والسيادة الوطنية، كما أن السلطنة لا تتدخل في قرارات الدول الأخرى وتحترم قرارات السيادة لأي دولة".
وبحسب باقوير، فإنه على ضوء ذلك "فإن قرار سلطنة عمان حول رفض عبور الطائرات الإسرائيلية يدخل في إطار تلك الاعتبارات الوطنية".
ويؤكد أن بلاده "تؤمن بشكل قاطع بأن إحلال السلام الشامل والعادل فيما يخص القضية الفلسطينية وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف على حدود الرابع من يونيو 1967، هو المدخل الصحيح لإنهاء الصراع في صورته الكلية، وأن قضايا التطبيع ليست هي الحل".
وتابع: "لذلك من مصلحة الجميع في المنطقة، ومن بينهم الكيان الإسرائيلي، إقامة ذلك السلام الشامل والعادل، وحصول الشعب الفلسطيني على حقوقه المشروعة التي أقرتها المواثيق والقرارات الدولية ذات الصلة في الأمم المتحدة، وعلى ضوء المبادرة العربية التي أقرتها قمة بيروت العربية عام 2002، وعلى أساس حل الدولتين"، مؤكداً أن هذا "هو المدخل الصحيح الذي تؤمن به سلطنة عمان قيادة وشعباً".
ما بين التطبيع وفتح الأجواء
منتصف يوليو 2022، أعلنت هيئة الطيران المدني السعودية، في بيان على "تويتر"، أنها قررت "فتح أجواء المملكة لجميع الناقلات الجوية" التي تستوفي متطلبات عبور أجواء البلاد.
وأشارت هيئة الطيران إلى أن هذا القرار جاء "استكمالاً للجهود الرامية إلى ترسيخ مكانة المملكة كمنصة عالمية تربط القارات الثلاث، وتعزيزاً للربط الجوّي الدولي".
وعلى الرغم من أن عُمان كانت أول الدول العربية التي استقبلت رئيس وزراء إسرائيلياً من غير الدول التي تعقد اتفاقيات سلام، فإن السلطنة لم تنضم حتى اللحظة لقائمة الدول التي دخلت في "اتفاقية أبراهام" التطبيعية؛ وهي الإمارات والبحرين والمغرب.
يشار إلى أنه في منتصف سبتمبر 2020، وقَّعت الإمارات والبحرين اتفاقيتين لتطبيع العلاقات مع "إسرائيل"، في احتفال بالبيت الأبيض، بمشاركة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب.
وكانت عُمان قد نفت، على لسان وزير خارجيتها بدر البوسعيدي، في يوليو 2021، صحة ما يتم ترديده بأن بلاده ستكون الدولة الخليجية الثالثة التي تطبع علاقاتها مع "إسرائيل"، مشدداً على دعمهم "تحقيق السلام العادل والشامل والدائم، على أساس حل الدولتين، وهذا هو الخيار الوحيد الذي تؤكده مبادرة السلام العربية والشرعية الدولية".