طه العاني - الخليج أونلاين-
رغم احتفاظ عُمان بسياسة الحياد التي تنتهجها، وترحيب السلطنة رسمياً باتفاقيتي تطبيع العلاقات بين الإمارات والبحرين مع "إسرائيل"، فإنها ترفض الانضمام إلى اتفاقيات "أبراهام".
وتشترط عمان على الحكومة الإسرائيلية تبني رؤية للسلام الرامي إلى اتخاذ خطوات ملموسة تتلاقى مع تطلعات الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة بعاصمتها القدس الشرقية، بحسب ما قاله وزير الخارجية العُماني بدر البوسعيدي، في يونيو 2021.
عقوبة التطبيع
ويتجه مجلس الشورى العماني إلى تعديل قانون "التعامل مع إسرائيل" وتشديد مقاطعتها، وهذا من شأنه أن يبدد الآمال الإسرائيلية في انضمام السلطنة إلى قطار التطبيع.
وناقش "الشورى العماني"، الإثنين 26 ديسمبر الجاري، مقترحاً بتعديل المادة الأولى من القانون بهدف تغليظ عقوبة التعامل مع دولة الاحتلال، بحسب وكالة "واف" العُمانية.
ومن المقرر أن يجري مجلس الشورى العماني تصويتاً على التعديل المقترح من 7 نواب، بعد إعادته من اللجنة القانونية؛ لإقراره أو رفضه.
من جانبه أوضح النائب العماني أحمد العبري، لصحيفة "الشبيبة" المحلية، أن التعديل المقترح "يحظر على جميع الجهات الخاصة أو الأشخاص الاعتباريين أو غيرها التعامل مع إسرائيل في جميع المجالات".
ويستهدف التعديل البند الأول من القانون، المتعلق بحظر الاتصال بكيانات أو أفراد في دولة الاحتلال.
وتنص المادة الأولى على أنه "يُحظر على كل شخص طبيعي أو اعتباري أن يعقد بالذات أو بالواسطة اتفاقاً مع هيئات أو أشخاص مقيمين في إسرائيل أو منتمين إليها بجنسيتهم أو يعملون لحسابها أو لمصلحتها أينما أقاموا، وذلك متى كان محل الاتفاق صفقات تجارية أو عمليات مالية أو أي تعامل آخر أياً كانت طبيعته".
ويضيف: "تعتبر الشركات والمنشآت الوطنية والأجنبية التي لها مصالح أو فروع أو توكيلات عامة بإسرائيل في حكم الهيئات والأشخاص المحظور التعامل معهم حسب ما تقرره وزارة الاقتصاد وفقاً لعقوبة التطبيع لتوصيات مؤتمر ضباط الاتصال".
أسباب التعديل
وتؤكد مصادر عمانية رسمية أن من أسباب التعديلات المقترحة طبيعة التطور التقني الحاصل، وضرورة تضمين حظر التطبيع الإلكتروني وفق القانون المعدّل.
ونقلت وكالة (واف) العمانية، عن نائب رئيس مجلس الشورى العماني، يعقوب الحارثي، قوله عقب انتهاء الجلسة الاعتيادية، إن المقترح يوسع نطاق المقاطعة التي نصت عليها المادة المذكورة، ويفضي إلى "توسع في التجريم وتوسع في مقاطعة هذا الكيان".
وأشار الحارثي إلى أن القانون في صيغته الحالية "يحظر التعامل مع الكيان الإسرائيلي، سواء للأفراد أو الشخصيات الاعتبارية".
ويعزو سبب التعديل المقترح، إلى "التطور الحاصل سواء كان التقني أو الثقافي أو الاقتصادي أو الرياضي، وتضمن المقترح تعديلات إضافية تشمل قطع أي علاقات اقتصادية كانت، أو رياضية، أو ثقافية، وحظر التعامل بأي طريقة أو وسيلة كانت، سواء كان لقاء واقعياً أو إلكترونياً أو غيره".
فتح الأجواء
وتأتي الخطوة العمانية الجديدة بالتزامن مع المطالب الإسرائيلية بفتح الأجواء العمانية أمام طائراتها المدنية، بعدما وافقت الرياض على قرار مماثل خلال زيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن في يوليو الماضي، وهو ما رفضته السلطنة.
وتحدثت وسائل إعلام أمريكية في 17 نوفمبر الماضي، عن لقاء جمع مستشار الأمن القومي للبيت الأبيض جيك سوليفان، ووزير الخارجية أنتوني بلينكن، بوزير الخارجية العماني؛ لمناقشة فتح مجال بلاده الجوي أمام الطائرات الإسرائيلية.
ووقفاً لموقع "أكسيوس" الأمريكي، فقد أشار مسؤولون أمريكيون وإسرائيليون إلى أن عدم الحصول على إذن من سلطنة عمان باستخدام مجالها الجوي للرحلات المتجهة شرقاً إلى الهند والصين، يجعل الخطوة السعودية بلا معنى.
وبحسب المسؤولين، فإن إدارة بايدن تحاول منذ يوليو الماضي، إقناع العمانيين بفتح المجال الجوي أمام شركات الطيران الإسرائيلية، لكن كان لدى مسقط عدة قضايا ثنائية وطلبات من واشنطن أرادت الحصول عليها في المقابل.
عودة نتنياهو وسخط إسرائيلي
ويتزامن التحرك البرلماني العماني هذا، مع تشكيل الحكومة الإسرائيلية الجديدة المكونة من أحزاب يمينية دينية متشددة برئاسة بنيامين نتنياهو.
وقالت وسائل إعلام عبرية إن نتنياهو الذي يعتزم العودة إلى رئاسة حكومة الاحتلال خلال الأيام القادمة، "تلقى التزاماً من السلطان الراحل قابوس بن سعيد، بفتح المجال الجوي العماني أمام الطائرات الإسرائيلية، لكن السلطان الحالي هيثم بن طارق، تراجع عن القرار"، على حد زعمها.
وأجرى نتنياهو في أكتوبر 2018، زيارة مفاجِئة للعاصمة مسقط، واجتمع مع السلطان الراحل قابوس؛ ما أثار التكهنات وقتها حول إقامة علاقات رسمية بين البلدين.
ونقلت صحيفة "تايمز أوف إسرائيل"، عن موران زاغا، الخبير في شؤون منطقة الخليج بـ"ميتفيم-المعهد الإسرائيلي للسياسات الخارجية الإقليمية"، قوله: إن السلطان هيثم "أكثر حذراً في سياسته الخارجية، بسبب قلة خبرته وتفضيله الجلوس على الحياد".
ويرى زاغا أن "السلطان الحالي يعتبر صانع سلام أكثر من ابن عمه قابوس، وقد نجح في تحسين علاقات بلاده مع الإمارات المجاورة لعُمان".
وبعد خطوة البرلمان العماني، قال الموقع العبري نفسه: إن "تصويت مجلس النواب العماني على توسيع قانون مقاطعة إسرائيل، جاء وسط تكهنات في الصحافة العبرية بإمكانية رفع بعض القيود".
وقال: إن "البعض في إسرائيل يرون أن قرار البرلمان العماني يمثل صفعة لرئيس حكومة الاحتلال الجديدة بنيامين نتنياهو، الذي أكد مراراً اعتزامه توسيع التطبيع مع تل أبيب وضم مزيد من الدول العربية والإسلامية إلى الاتفاقيات الإبراهيمية".
سياسة مختلفة
ويقول رئيس رابطة شباب لأجل القدس العالمية طارق الشايع: إن "العهد السابق لسلطنة عمان كان قد استقبل رئيس وزراء الكيان الصهيوني، لكن العهد الجديد مختلف تماماً، والسلطان هيثم بن طارق له رأي آخر، نلاحظه بتصريحات مناصرة ومؤيدة للقضية الفلسطينية، ومناهضة للتطبيع، ومشجعة لعزل الكيان الصهيوني".
ويبين "الشايع" في حديثه مع "الخليج أونلاين"، أن موافقة مجلس الشورى العماني كانت بالإجماع على إحالة المادة الأولى من قانون مقاطعة الكيان الصهيوني إلى اللجنة التشريعية والقانونية؛ لاستيفاء الجوانب القانونية والإجرائية للتصويت عليه.
ويؤكد عضو الهيئة العليا لتنسيقية مقاومة الصهيونية والتطبيع أن هذه القوانين جاءت "تلبية لتطلعات الشعب العماني والشعوب العربية والإسلامية، ولتكون سلطنة عمان أحد الحصون العظيمة المناصرة والمدافعة عن القضية الفلسطينية"، "بحسب الشايع".
ويدعو رئيس الرابطة كل البرلمانات والمجالس التشريعية في الدول العربية والإسلامية إلى القيام بمثل هذه الخطوات وأكثر، نصرة للحق والحقيقة.