منتدى الخليج الدولي - ترجمة الخليج الجديد-
في التاريخ الحديث، لعبت سلطنة عمان دورا حاسما في جهود الوساطة الدولية في صراعات، لكن "أيديولوجية الكياسة" (الرصانة والتروي) تساعد في تفسير غيابها عن المفاوضات بين روسيا وأوكرانيا، وفقا لتقرير لـ"منتدى الخليج الدولي".
في 24 فبراير/ شباط 2023، ستصل الحرب الروسية في أوكرانيا إلى ذكراها السنوية الأولى، وتحمل الحرب عواقب سياسية واقتصادية وإنسانية هائلة على القارة الأوروبية، وتأثيرها على أسعار الطاقة والغذاء كان محسوسا بشكل حاد في جميع أنحاء العالم، بحسب التقرير الذي ترجمه "الخليج الجديد".
ربما يكون أكثر ما يثير الدهشة في الصراع هو الدور البارز الذي لعبته دول مجلس التعاون الخليجي منذ بداية الحرب. ولا تركز الأضواء فقط على السعودية والإمارات، وكلاهما اتبعت سياسات خارجية "قومية" في 2022، ولكن أيضا على جهات فاعلة الأخرى مثل عمان، التي سعت بشكل متزايد إلى إقامة علاقات جيدة مع روسيا، على الرغم من سمعة مسقط التاريخية كحليف غربي.
لقد استحوذت الثقافة العمانية على اهتمام مراقبين دوليين وهي تستحق مراجعة شاملة، ووصفها البعض بـ"أيديولوجية الكياسة" فيما أسماها آخرون "الدبلوماسية الهادئة".
زيارة غير متوقعة
في 12 مايو/ أيار 2022، زار وزير الخارجية الروسي "سيرجي لافروف" سلطنة عمان وأجرى مباحثات مع السلطان "هيثم بن طارق"، وناقشا الحرب الأوكرانية.
وأشاد لافروف بأيديولوجية "الكياسة" العمانية، مؤكدين "الحكمة العمانية في التعامل مع مختلف القضايا الإقليمية والدولية".
في الواقع، صنعت عمان سمعة باعتبارها وسيطا إقليميا محاديا، لا سيما في استضافتها لمحادثات سرية بين الولايات المتحدة وإيران بمسقط في 2013، مما مهد الطريق للاتفاق النووي بعد عامين. ولاحقا لعبت دورا كوسيط في الأزمة الدبلوماسية الخليجية بين 2017 و2021.
وانتشرت تكهنات بأن عمان قد تلعب دورا كوسيط محايد بين روسيا وأوكرانيا. وأثناء نقاش مع أحد المطلعين حول عدم دخول عمان بعد على هذا المسار، أشار إلى "أيديولوجية الكياسة".
بعبارة أخرى، قد يُنظر إلى الدبلوماسيين العمانيين على أنهم "متعجرفون" إذا طلبوا التوسط في النزاع، بدلا من انتظار وصول الأطراف إليهم.
ونظرا لسجلها الجيد في جهود الوساطة، من المفهوم تماما أن عمان يجب أن تحافظ على ارتباطها بكلا الجانبين إذا كانت ترغب في تحقيق السلام.
مصالح عمانية روسية
كما يساعد حياد عمان في العديد من القضايا في الحفاظ على علاقات العمل مع روسيا، فموسكو ومسقط تشتركان في العديد من المصالح الجيوسياسية الرئيسية.
ومن بينها سوريا، حيث إن عمان هي الدولة الوحيدة بين دول مجلس التعاون الخليجي التي لم تقدم الدعم للمعارضة السورية، وتثمن موسكو علاقات مسقط الدبلوماسية مع نظام بشار الأسد.
كما أن موقف مسقط المحايد من الحرب في اليمن يشبه إلى حد بعيد "الحياد الاستراتيجي" للكرملين تجاه هذا البلد.
استقرار إقليمي
بشكل متزايد، جعلت الحرب في أوكرانيا البيئة الدولية غير مؤكدة، لكنها ساهمت أيضا في تغييرات كبيرة في السياسة الخارجية في جميع أنحاء العالم.
وأعادت الحرب تشكيل سياسات دول مجلس التعاون الخليجي على المدى الطويل بعيدا عن الاصطفاف الغربي التقليدي ونحو التعددية القطبية.
وفي زمن التهديدات التقليدية وغير التقليدية للأمن العالمي، تنظر الدول، بما في ذلك دول مجلس التعاون الخليجي، إلى مصالحها الاقتصادية، مما يدعم استقرار مجتمعاتها. لكن من خلال استمرارها في "أيديولوجية الكياسة"، جلبت عمان بعض الاستقرار إلى المنطقة.