المركز العربي واشنطن دي سي - ترجمة الخليج الجديد-
بعد نهح واضح في سلطنة عمان، خلال العامين الماضيين على الأقل، بوقف أي مظاهر للتقارب مع إسرائيل، منذ استقبال السلطان الراحل قابوس بن سعيد لبنيامين نتنياهو، يبدو أن ورثته الحاليين قرروا تغيير المسار ومواصلة صنع سياسة خارجية لمسقط أكثر قربا مع تل أبيب، ولكن دون منح الأمر صفة علاقة تطبيعية كاملة، ويحكم هذا عدة توازنات.
ما سبق كان خلاصة تحليل نشره "المعهد العربي بواشنطن"، وترجمه "الخليج الجديد"، حول آفاق القرار الذي اتخذته سلطنة عمان الشهر الماضي بفتح أجوائها أمام الطيران الإسرائيلي، وهو القرار الذي لقي ترحيبا في تل أبيب وواشنطن.
ويرى التحليل أن هذا التوازن الحساس (الحفاظ على اتصالات مع إسرائيل دون إقامة علاقات كاملة) سيتوقف على قدرة السلطنة على إدارة علاقاتها الإقليمية والدولية.
من ناحية أخرى، من الصعب رؤية عمان تقدم لإسرائيل ما تريد إذا لم تقدم الأخيرة للفلسطينيين على الأقل القليل مما تطلبه السلطنة والعالم العربي، وهذا لا يبدو أمرا مرجحا في عهد حكومة "بنيامين نتنياهو" اليمينية الحالية.
من الصعب أيضًا تصور اعتراف عُمان بإسرائيل ما استمرت السعودية في مقاومة فعل الشيء نفسه، في ضوء حرص مسقط على النأي بنفسها عن إظهار الاستقلال الكامل عن الرياض في مسألة بهذه الحساسية، وفق التحليل.
ويضيف أن علاقات عمان الاستراتيجية مع إيران تمنع أيضا انخراطها بأريحية في علاقات كاملة مع إسرائيل.
ورغم ما سبق، يرى التحليل أن عُمان ستصبح موضع ضغوط أمريكية لتصبح دولة أخرى تسمح لإسرائيل بالاندماج في المنطقة دون الاضطرار إلى تقديم تل أبيب أية تنازلات عن الحقوق الفلسطينية.
ووسط كل هذا، ستستمر عُمان بالفعل في الإبقاء على العصا في الوسط، مع الحفاظ على علاقات فاترة مع إسرائيل بينما تناور أيضًا للحفاظ على أكبر قدر ممكن من حيادها الإقليمي.
وبشكل عام، فإن الرسائل الواردة من سلطنة عمان على مدى السنوات القليلة الماضية تشير إلى أنه يوجد في مسقط مزيج من الاستعداد وللانضمام إلى ما يسمى بـ"اتفاقات إبراهيم" والخوف من التغيير الجذري الذي قد يجلبه مثل هذا القرار على السياسة الخارجية للبلاد، بحسب التحليل.
فرامل على التطبيع
ويرصد التحليل ما يمكن اعتباره "فرملة" من مسقط للاندفاع نحو تطبيع العلاقات مع دولة الاحتلال الإسرائيلي، وهو الاندفاع الذي وصل ذروته مع زيارة "بنيامين نتنياهو"، حينما كان في ولايته السابقة لرئاسة وزراء إسرائيل، إلى عمان ولقاء سلطانها الراحل قابوس بن سعيد، حيث حظي باستقبال حار في مسقط.
لكن بعد وفاة قابوس، توقف الحماس العماني للتطبيع، وجاءت تصريحات وزير الخارجية العماني بدر البوسعيدي بأن عمان لن تكون ثالث دولة خليجية تطبيع العلاقات مع إسرائيل، لتصنع تأكيدا من مسقط على الضغط على تلك الفرامل.
على صعيد آخر، مثل قرار مجلس الشورى العماني في ديسمبر/كانون الأول الماضي بتوسيع حظر تعامل الأفراد والكيانات مع إسرائيل ليضيف قوة أخرى إلى تلك الفرامل.
وثالثا، تمثل ممارسات حكومة نتنياهو التصعيدية وتصميمها على تصعيد الاستيطان حافزا إضافيا لتقوية تلك الفرامل من عمان نحو التطبيع الكامل.
احترام السعودية
ويقول التحليل إن هذه العلاقة المعقدة والتي تسعى للحفاظ على قدر منضبط من الاتصالات مع إسرائيل دون التطبيع تأتي بينما تدير السلطنة عوامل إقليمية ودولية أخرى، ليس من السهل تحديها أواستيعابها بشكل كامل.
وليس لدى مسقط أي حافز للدخول في معركة التطبيع طالما أن الرياض متمسكة برفض فتح العلاقات مع إسرائيل.
وقد يرسل كلا البلدين إشارات إيجابية حول هذه القضية، كما فعلوا في السماح الإسرائيلي بحقوق التحليق، وقد يشاركون أيضًا في المبادرات العسكرية التي تقودها وتنظيمها الولايات المتحدة في المنطقة، والتي تشارك فيها إسرائيل، كما حدث في مارس/آذار من العام الماضي عندما اجتمع ضباط عسكريون لمواجهة التهديدات الإيرانية.
لكن حتى الآن، من غير المرجح - كما هو الحال بالنسبة لقطر أو الكويت – أن تتبع السعودية وعمان مبدأ الانغماس المتهور للإمارات في علاقات اقتصادية واجتماعية وعسكرية وغيرها من العلاقات مع إسرائيل.
وفي ظل الوضع الراهن في منطقة الخليج، قد لا تشعر مسقط بأنها ستستفيد كثيرًا من تغيير موقفها الحيادي في شؤون دول مجلس التعاون الخليجي، خاصة فيما يتعلق بالمنافسة المستمرة بين الرياض وأبوظبي.
ومهما كانت مكاسب الإمارات من الأمر بمفردها - سواء في العلاقات مع إسرائيل، أو التغييرات في السياسة النفطية، أو ملف اليمن، أو التوسع الاستراتيجي في جميع أنحاء المنطقة - لا تزال عمان تعتقد أن السعودية هي مرساة دول مجلس التعاون الخليجي ويجب عدم تجاهلها وتحديها.
العلاقة مع إيران
عامل إقليمي آخر يستدعي الحذر في السياسة الخارجية العُمانية ، خاصة فيما يتعلق بمسألة التطبيع مع إسرائيل، هو علاقاتها مع إيران.
ويرى التحليل أن سلطنة عمان ليست في حالة مزاجية لإضافة التوتر إلى العلاقات العابرة للمياه مع إيران.
هذا الأمر أكثر إلحاحًا لأن صفقات التطبيع بين إسرائيل ودول الخليج، الإمارات والبحرين، أثارت اعتراضات ومخاوف جدية في إيران التي تخشى بصدق أن يكون هذا الجهد موجهًا ضدها. كما هو الوضع اليوم، تتمتع عمان بعلاقات مزدهرة مع إيران.
وفي العام الماضي، زار الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي مسقط واستقبله السلطان هيثم بن طارق آل سعيد ورحب بـ21 طلقة تحية.
وفي يناير/كانون الثاني الماضي، سلم سفير عمان في طهران رسالة من السلطان يحث فيها على تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين.