علي المطاعني- الشبيبة العمانية-
في تجاوب سريع من وزارة الأوقاف والشؤون الدينية لما كتبنا، والمطالبات الشعبية بحرية الحجاج في التسجيل لمواسم الحج، وعدم تقيّدهم بمقاولي الحج، أعلنت الوزارة عن تحرير جزئي لسوق الحج، من خلال الإعلان عن أن تسجيل الحجاج لموسم الحج القادم 1437 هجرية سيكون عبر الوزارة مباشرة، وأنها ستوزع " بطاقات الحج"على من استوفى الشروط التي تضعها الوزارة، وللراغبين في أداء مناسك الحج الحرية في اختيار الشركات المصرح لها من قبل هذه الوزارة، هذه الخطوة ذات دلالات مهمة ومن الأهمية تسليط الضوء عليها من كافة الجوانب، لعل أولها أن الوزارة ارتأت الاستجابة لما نشر لمعالجة المعضلة التي واجهت الراغبين في الحج من الحملات الوهمية التي لا تسجل في سجلات الوزارة مرتكبة أخطاء كبيرة تتجاوز فريضة العبادة وما تدعو إليه، ووضع حد لهؤلاء الذين يتاجرون بهذه الفريضة ويتجاوزون النظم والقوانين التي تؤطر ذلك، فهذا الإجراء أعطى إشارة حازمة بأن لا مجال أمام المتلاعبين بهذا الموسم وقدسيته، إلا أن الوزارة حررت السوق بشكل جزئي بهذا الإجراء الذي يحتاج كذلك إلى فتح سوق الحج أمام الشركات بهدف زيادة المنافسة وتوفير خيارات أوسع أمام الحاج لاختيار ما يناسبه من حملات وفق الشروط التي تضعها الوزارة لمزاولة تنظيم الحملات ووضع ضمانات لها، وهذا سوف يكسّر قاعدة الاحتكار التي مازالت تجثم على صدور الراغبين في الحج، فعلى الوزارة أن تكمل معروفها بتوسيع المنافسة بشكل يسهم في تطوير الخدمات وتجويدها.
فبلا شك إن تنظيم موسم الحج بعد معاناة الحجاج في المواسم الماضية، وآخرها ما حدث في الموسم الماضي كفيل بتشديد الإجراءات ووضع الشروط وإتاحة المجال للحاج أن يختار الحملة التي يرغب فيها بعد إتمام تسجيله في سجلات الراغبين في أداء مناسك الحج، إلا أن هذه الخطوة كما يبدو ليست بتلك الدرجة لتحرير أسعار حملات الحج إذا كانت الحملات المسجلة في الوزارة هي نفسها بدون تغيير في زيادتها لكل ولاية أو فتح المجال أمام كل شركة راغبة في تنظيم حملات الحج بأن تتقدم للوزارة والاستجابة لكل المتطلبات التي تضعها سواء في النقل أو الإقامة في مكة أو المدينة ومنى والخدمات المصاحبة.
إن هذه الخطوة لن تغير من المشكلة الموجوة وهي ارتفاع الأسعار إذا لم يفتح المجال أمام شركات أخرى منافسة، وهو ما دفع إلى وجود حملات وهمية قامت على إثر ارتفاع الأسعار بين الحملات المسجلة بل إنه في الفترة القادمة سوف ترتفع الأسعار لاختفاء الحملات الوهمية هذه غير المسجلة أصلا، وسوف يضطر الراغب في الحج إلى أن يدفع أكثر لحملات معينة على نطاق الولاية الواحدة، فعلى الوزارة دراسة هذه الجزئية بشكل يسهم في تطوير موسم الحج وتجويد الخدمات وليس العكس، فليس هناك تغيير كبير في هذا الشأن إذا لم يصاحب ذلك فتح مجال التنافس على مصراعيه وفق ضوابط دقيقة يعلم بها الكل.
إن المتضرر من هذا الإجراء هم الراغبون في الحج من البسطاء الذين لا حيلة لهم إلا الاستجابة لما يطلبه أصحاب الحملات على صعيد كل ولاية أيا كانت هذه الطلبات، وليس له مجال أن ينتقي الحملات الأخرى من الولايات الأخرى، في ظل عدم زيادة الحملات، وفتح المنافسة بشكل يسهم في خفض الأسعار بما يتيح للناس العاديين وذوي الدخل المحدود المجال لأداء فريضة الحج.
إن النمو السكاني في البلاد الذي يزيد على أربعة ملايين نسمة، يفرض كذلك زيادة عدد الحملات، بحيث تكون هناك نسبة تتناسب في عدد الحجاج والحملات، فهذه الحملات مسجلة في الوزارة منذ سنوات لم يزد عددها على رغم الزيادة السكانية، فضلا عن أن المقيمين في البلاد أهلهم لأداء فريضة الحج تلافيا للأدوار في بعض الدول ذات العدد السكاني الكبير.
إن مطالبة وزارة الأوقاف والشؤون الدينية بزيادة عدد الحملات في كل ولاية أو فتح المجال أمام الشركات لتقديم خدمات الحج وفق ضوابط الوزارة واشتراطاتها، ليس لهدف إحداث فوضى في السوق وإنما لإتاحة المجال للتنافس وتطوير الخدمات، وإتاحة الخيارات أمام الناس، بدلا من احتكار فئة أو عدد من الشركات تنظيم رحلات الحج.
بالطبع لا أحد ينكر الجهود التي تبذلها الوزارة في تطوير موسم الحج وخدمة ضيوف الرحمن سواء داخل السلطنة أو في الديار المقدسة، لكن يحتاج الأمر إلى دخول منافسين جدد يسهمون في كسر حاجز الأسعار الذي يرهق الناس البسطاء.
نأمل من الوزارة أن تكمل معروفها في خدمة الراغبين في الحج وتعمل على إضفاء المنافسة بشكل أكبر، لما يشكله ذلك من إتاحة الفرصة للناس ذوي الدخل المحدود والعامة أن يؤدوا الفريضة بدون تكلفة مبالغٍ فيها كما هو الآن، رغم أن الحج لمن استطاع إليه سبيلا.