فريد أحمد حسن- الشبيبة العمانية-
تتميز سلطنة عمان عن كثير من دول العالم في أمور كثيرة لعل أبرزها خلوها تماما من الإرهاب ، فلا ممارسة لهذا الفعل الذميم في السلطنة لا من قبل المواطنين العمانيين ولا من المقيمين العرب أو الأجانب أو السائحين ، أما الأسباب فكثيرة ، ليس أولها وضوح القوانين والحزم في تطبيقها وليس آخرها خلو السلطنة من الاستقطابات التي يتغذى عليها الإرهاب ، فالبيئة العمانية بيئة نقية طاردة للإرهاب .
موقف السلطنة من الإرهاب واضح لا لبس فيه ولا يتغير ، لخصته وزارة الخارجية في موقعها الألكتروني واختصرته في الفقرة التالية "ترى السلطنة أن التوصل الى استراتيجية دولية فعالة لمكافحة الارهاب يتطلب إقامة توازن ما بين متطلبات الأمن والالتزام بمواثيق حقوق الانسان إذ ليس من الحكمة تحت ذريعة مكافحة الإرهاب أن يتم تعريض أمن الدول واستقرارها للخطر كما أنه ليس من العدل أن يتم تعريض الأبرياء للظلم" . وهي فقرة تنبه بذكاء إلى أهم أسباب نمو الإرهاب وتمكنه من بعض الدول وتشرح الكيفية التي تراها السلطنة كحل لهذه المشكلة التي غزت الكثير من الدول حتى بدا حلها صعبا وغير ممكن .
اليوم لا توجد في العالم دولة غير معرضة للإرهاب ، وتظل السلطنة من الناحية النظرية معرضة كغيرها لهذا الفعل المسيء ، لكن عمليا لا توجد فرصة كبيرة للإرهاب كي يتواجد في هذه الأرض ويعمل ، فقد أثبتت التطورات التي شهدتها المنطقة ولا تزال أن السلطنة عصية على الإرهاب وأنها دائما في مأمن منه وأنها لا يمكن أن تشكل بيئة حاضنة له ، على الأقل في المنظور القريب .
سلطنة عمان دولة تعيش حالة استقرار قل نظيرها في العالم ويمتاز الحكم فيها والناس بالتسامح رغم أنها تقع في منطقة دائمة الاشتعال وتتطور الأحداث فيها بسرعة كبيرة جدا ، حتى العوامل التي يمكن أن تنشط الإرهاب لا يوجد لها تأثير ظاهر في السلطنة ، فالكثافة السكانية (أكثر من ثلاثة ملايين نسمة) والمساحة الواسعة والتضاريس المتنوعة والتعدد الديني والمذهبي والعرقي والقبلي والمشكلات الاقتصادية وتلك الناتجة عن حروب سابقة ونزاعات قبلية أو مناطقية كلها لم توفر البيئة التي يتطلبها الإرهاب لتصير له مرتعا .
وزير الخارجية يوسف بن علوي بن عبد الله يردد دائما أن سبب استقرار عمان وعدم تمكن الإرهاب منها هو سياستها القائمة على عدم الانحياز لأي طرف ووقوفها دائما على الحياد في أي نزاع ، وهو صحيح دونما شك حيث من الطبيعي أن يتخذ الآخر من الدولة التي تنحاز إلى الطرف المقابل له موقفا عدائيا تتضرر منه ، وهو في هذه الحالة لا يتوفر في السلطنة التي لا تنحاز إلى هذا الطرف أو ذاك بل على العكس تبذل السلطنة كل ما تستطيع من جهد كي توفق بين الأطراف المتخاصمة ، ويتوفر اليوم الكثير من الأمثلة التي تؤكد هذا الأمر .
من الأمور التي ساعدت أيضا على عدم تمكن الإرهاب من السلطنة اعتبار القانون العماني الطائفية جناية عقابها السجن المؤبد في بعض الحالات ، فإثارة النعرات الطائفية والمذهبية والتحريض على الكراهية كلها ممارسات تودي بصاحبها إلى السجن وبالتالي فإن أحدا لا يغامر بممارسة هذه السلوكيات المشينة ، وهذا يعني أن القانون هنا عامل أساسي في ضبط الأمور خصوصا وأن الجميع يعرف أن القانون هنا يأخذ مجراه ولا أحد يستطيع أن يقف في وجهه وأنه يطبق على الجميع من دون استثناء . فإذا أضيف إلى كل هذه الأسباب الدور البارز لسماحة مفتى السلطنة الشيخ أحمد الخليلي وما يؤكد عليه المذهب الإباضي من أمور مثل التسامح والعدالة وعدم التمييز فإن الأكيد هو أن الإرهاب يصعب عليه التواجد في مثل هذه البيئة ، حيث الإرهاب لا ينمو إلا في الأراضي التي تتوفر له فيها عوامل العيش والنمو .
الجميع يعلم أنه لم يحدث طوال السنوات التي نما فيها الإرهاب وترعرع وانتشر بسخاء في البلاد العربية والعالم أن تورط عماني واحد في أمور ذات علاقة بهذا السلوك الضار ، وهو أمر لافت وإن لم يكن غريبا حيث ما تم التطرق إليه هنا من أسباب يكفي لاعتبار هذا الأمر منطقيا وعادلا وبعيدا عن الغرابة ، فالمواطن العماني مثله مثل قيادة السلطنة يقف موقف المحايد من مختلف القضايا وموقف المدافع عن وطنه والساعي إلى الإعلاء من شأنه ، كما أنه يهتم بأن يكون له دور في البناء وليس في الهدم ويدرك أن كل فعل مخالف للشريعة وللنظام يضر به وبالوطن فيبتعد عنه لا لينزوي كما يحلو للبعض أن يشيع ولكن ليقف ضده لأنه يعلم أنه سيؤثر سلبا على وطنه ولن يربح منه شيئا .
لكن قيادة السلطنة لا تكتفي بدرء هذه الأخطار عن السلطنة فقط وإنما تسعى إلى الحد منها حيث تعمل الدبلوماسية العمانية ليل نهار ومن خلال المؤسسات الدولية كالأمم المتحدة على إيجاد الحلول والمخارج لكل الأمور الخارجة على القانون وتتضرر منها دول العالم وهذه المنطقة بشكل خاص ، فنمو الإرهاب وانتشاره في هذا البلد أو ذاك لا يعني أن البلدان الأخرى في مأمن منه ، حيث الإرهاب شيطان لا يجد صعوبة في التغلغل إلى الأماكن الممنوعة عليه ولا يعدم وسيلة لفرض نفسه .
سلطنة عمان تبذل الكثير من الجهود لمحاربة الإرهاب وتتعاون مع مختلف المؤسسات الشرعية الدولية لإيقاع الهزيمة به وإصدار القوانين التي يمكن التحكم بها في أس المشكلة وضرب جذورها .