بدر بن محفوظ القاسمي- عمان اليوم-
يعتبر الاستثمار حجر الزاوية في التنمية الاقتصادية والاجتماعية باعتباره الدافع الأساسي للنمو من خلال زيادة الناتج المحلي وتوفير مواد أولية إضافية مكملة للادخار الوطني، كما يسهم الاستثمار بشكل كبير في نقل التقنيات والمهارات العالمية إلى البلد، ويعد الاستثمار المصدر الأول للتنمية في العديد من الدول التي توظف رأس المال بشكل جيد ما ينعكس إيجاباً على عوائدها الاقتصادية، ويسهم بشكل كبير في تحريك النشاط الاقتصادي ويرجع ذلك لاستراتيجية الاستثمار التي لها أبعاد اقتصادية على المدى الطويل. تتميز السلطنة بوجود كافة المقومات اللازمة لجذب الاستثمار الأجنبي، ولعل أبرز تلك المقومات استقرارها السياسي والاجتماعي، وموقعها الاستراتيجي المطل على الممرات الدولية والإقليمية، وتتميز بعلاقات سياسية متنوعة، وشراكات اقتصادية مع كافة دول العالم، علاوة على ذلك توفر المناطق الصناعية المهيئة بكافة الخدمات والتسهيلات، واتباع السلطنة لسياسة الاقتصاد الحر، وليست هناك أي أعباء جمركية أو قيود على التحويلات المالية إلى الخارج، كما تسمح السلطنة باستيراد الأيدي العاملة اللازمة لتشغيل المشروعات من أي من دول العالم.
كل هذه العوامل تعطي راحةً وثقةً أكثر للمتعاملين الأجانب والمحليين من أجل استثمار أموالهم في مناطق تقل فيها درجة المخاطرة سواء الاقتصادية أو السياسية، وتزيد فيها فرص الربح و النمو.
ولكن.. بالرغم من وجود تلك التسهيلات تظل هناك بعض الأجندة المتعلقة بهذا الموضوع غير مكتملة لتنشيط الاستثمار وجذب الاستثمارات لأرض السلطنة، يجب أن يكون هناك تشجيع فعال لتكوين صورة ذهنية جيدة عن الاستثمار وإيجاد فرص استثمارية مستمرة، بالإضافة إلى خدمة المستثمر وذلك للمساعدة على اتخاذ القرار، والسعي لتقوية ودعم البُنى الأساسية المهمة خاصة في مجال الاتصالات والتكنولوجيا الحديثة، والعمل على تهيئة الظروف المواتية لنجاح الاستثمارات من خلال حسن اختياره للفرصة الاستثمارية والتأكد من جدوى المشروع وحسن اختيار الشركاء والحرص على توازن الهيكل التمويلي للمشروع وتوفير الإدارة المؤهلة والجيدة. إن الاستثمار الأجنبي يؤدي دوراً كبيراً في التنمية الاقتصادية إذا ما أُحسنت استضافته، لما له من آثار إيجابية لزيادة حجم الصادرات الوطنية وتقليل الواردات، وإيجاد التنوع الاقتصادي، وإيجاد فرص وظيفية جديدة لمواطني الدولة ويحد من مشكلة البحث عن عمل متى ما تم تدريب وتطوير القوى العاملة الوطنية بما يتلاءم مع المتطلبات الوظيفية، ويفتح أسواقًا جديدةً لتبادل السلع والمنتجات الوطنية مع مختلف الدول في العالم.
إن الآفاق المستقبلية للاقتصاد الوطني قد تبدو غير واضحة المعالم لدى الكثير من المواطنين جراء الأزمات الحالية العالمية، وتقلب أسعار النفط، بسبب المساهمة الخجولة للمنتجات غير النفطية في التنمية الاقتصادية للبلد، من هنا يجب تفعيل دور الهيئة العامة لترويج الاستثمار وتنمية الصادرات بشكل أكبر لجذب المستثمرين للمناطق الاقتصادية والصناعية والسياحية بالسلطنة.
ولعل أبرز المعوقات التي تواجه المستثمرين تعدد الجهات اللازمة لتخليص المعاملات وطول فترة إنهائها والملاحظ على أرض الواقع أن أغلب الاستثمارات الأجنبية في البلد مرتكزة على المقاولات لإنشاء المشروعات الحكومية والمشروعات الاستهلاكية مثل الهايبرماركت والمستشفيات الخاصة، -التي تحتكرها فئة معينة-، والمشروعات المرتبطة بخدمات حقول النفط والغار والمشروعات المرتبطة بها وكلها تصدر أموالها للخارج.
مشروع المدينة الزرقاء في بركاء..
مشروع تطوير متنزه هوية نجم بولاية قريات..
مشروع (أوماجين) في محافظة مسقط..
محطة الطاقة في ولاية السويق لدمج المياه والطاقة..
مشروع استخدام مولد الطاقة الشمسية الحرارية في ولاية هيماء..
مصنع لتجميع الطائرات الخفيفة بولاية صحار..
مصنع لتجميع وتصنيع الحافلات بولاية البريمي.
هنا ينطبق المثل القائل: (أَسْمَعُ جَعْجَعَةً وَلاَ أَرَى طَحْناً)، على جملة من المشروعات الاستثمارية الممتازة التي لم تر النور حتى الآن، وما ورد أعلاه مجرد مثال لا للحصر على تلك المشروعات.
فالأحاديث الرنانة عن خطط استثمارية اقتصادية وبرامج طموحة كثيرة، ولكن حتى الآن لم نتمكن الخروج من أَسر الاعتماد الكلي على المنتجات النفطية.
لقد تغير العالم من حولنا أضعاف مضاعفة، وحدثت ثورات عدة في مجالات التكنولوجيا والاتصالات والصناعة، ما جعلها تتميز بنظام اقتصادي عالمي، أصبحنا نحن.. مستهلكين ومستوردين لمنتجاتهم فقط، نحن لا نتحدث هنا عن ضم أصفار إلى بعضها البعض، فلا ينتج عن هذه العملية سوى مزيد من الأصفار.
نحن بحاجة إلى إعادة تشكيل الخارطة الاقتصادية للبلد، لتغيير هذه المعادلة، لصالح التطور والتنمية في السلطنة، وتدخل مباشر من جهات الاختصاص بشكل جدي، بما يسهم في إيجاد خطط تنمية حقيقية، تعنى أبجدياتها بتحقيق قوة اقتصادية قادرة على الصمود والتنافس في الأسواق العالمية.
ما هي معوقات تحقيق هذا الحلم؟ وما هي معوقات التنمية الاستثمارية في السلطنة؟ وكيف السبيل للخروج من هذه المعوقات؟ أسئلة مهمة وملحة تحتاج لإجابة واضحة وشفافة ووقفة جادة لإيجاد (استثمار) لاقتصاد بديل عن ما هو موجود حاليا.