د. رجب بن علي العويسي- عمان اليوم-
يأتي طرحنا لموضوع الشباب والوعي الحقوقي والسلطنة تحتفي بيوم الشباب العماني الذي شكل بدوره محطات للمراجعة والتقييم ومدخلا للتطوير يرصد تحولات الوعي ومتطلباته في عالم الشباب المتغير، ويضع الشباب أمام مراجعات ذاتية لتطلعاتهم وتوجيه مسارات التفكير لديهم نحو فهم مقتضيات التوازن في مفهوم الحقوق والواجبات والمسؤوليات، وتوظيف المساحة التي أوجدتها الدولة في مؤسساتها التشريعية والتنظيمية والشبابية لتعميق فهمهم لمنظومة الحقوق في ظل شراكة الشباب وسلوك التمكين والمبادرات الوطنية الموجهة لهم، وبالتالي كيف يقرأ الشباب الوعي الحقوقي في ظل إعادة ترتيب أولوياته واحتياجاته وطموحاته واستعداداته وما يطرحه من بدائل لإدارة واقعهم والتعامل مع معطياته في ظل شعور بالقيمة الخفية التي يمكن أن يحملها الوعي الحقوقي على منظومة التنمية المستدامة والوعي الاجتماعي وترسيخ عادات تنموية؛ مراعية في ذلك المتغيرات والظروف والتحديات التي يعيشها عالم الشباب في ظل الإمكانات المتوفرة، وكيف يمكن أن يتعامل الشباب في ظل وعيهم الحقوقي مع ما تتخذه الدولة من إجراءات في سبيل إعادة ترتيب أولوياته في ظل انخفاض أسعار النفط وتأثير ذلك على الموازنة العامة للدولة، وترسيخ قناعات إيجابية لديه بحيث يمتد هذا الوعي لتشارك الدولة مع مؤسساتها آليات العمل وبدائل الحل، وقدرته على حسم أوراق الاختلاف في تقدير قيمة ونوعية البدائل المعتمدة للشباب وأيهما أقرب إليه وأكثرها التصاقا به في ظل متغيرات تحددها طبيعة المرحلة وتتجاوب مع نوعية التحدي الحاصل.
وفي ظل حجم المطالب الشبابية وتنوعها، فإن مساحات الحقوق ذاتها يجب أن تتغير ويتسع نطاق عملها، بشكل يضعها أمام مناقشات وحوارات بحيث يؤصل الوعي الحقوقي لديهم ويعطيهم فرصا أعمق في تفهم حدود الاحتياج ذاته وكيف يمكن من خلاله الوصول إلى توليد بدائل أوسع وأكثر أريحية يجد في ظلها الشباب مبتغاهم لبناء مستقبلهم دون الاقتصار على مسوغات انتظار الحصول على وظيفة في العمل الحكومي أو غيرها، فإن مسؤولية الشباب امتلاك أدوات توظيف هذا المنجز الوطني وترقيته والاستخدام الأمثل له، واستغلال الفرص لصالح تحقيق التحول في سلوك الشباب ذاته. بحيث يخطو الشباب خطوات منهجية جريئة في البحث عن الطموح ونقل محور التغيير والدافع لديه لصالح التنمية ودولة المؤسسات، وإشاعة تأثيره على الواقع الاجتماعي. وبالتالي قدرة الوعي الحقوقي على توجيه مسار العمل بالمؤسسات نحو البحث عن فرص أكبر لحضور الشباب في أروقتها وقراراتها وخطط التطوير بها. ومعنى ذلك أن قدرة الشباب على امتلاك ناصية الإنجاز يستدعي يقظة في التشريعات وعصرنتها، ومرونة في الأدوات وتجدُدِها، وقدرتها على إدارة مرحلة الشباب باحترافيه، بحيث تعمل مؤسسات الدولة على ترسيخ هذه القناعات الحقوقية لدى الشباب وتأصيل ثقافتها لديهم وبناء أُطر عملها في ممارساتهم ومنحهم فرص أكبر لتوظيفها في مشاريعهم وبرامجهم وانطلاقتهم في عالم الشباب المفعم بالحيوية والابتكار.
وفي ظل ما وفرته الفضاءات الإلكترونية للشباب من فرص الحديث عن طموحاتهم واحتياجاتهم ورغباتهم وقراءاتهم لمحور التنمية وأبعادها في المشروعات التي تقدمها الدولة للشباب، وما يمكن أن يبرزه ذلك من شراكة فكرية رصينة لفتح آفاق التطوير وتعزيز منطق شراكة القرار بناء على تشخيص لواقع الإنجاز ووجهات النظر حوله، وما يتوقع أن يؤديه توظيف هذا الحوار الشبابي عبر شبكات التواصل الاجتماعي من استيعاب لآلية الوصول إلى الحقوق وطريقة التعبير عن الرأي وتوظيف المنابر الحوارية في تعزيز مناخات الثقة بين الشباب ومؤسسات الدولة، بشكل يضعها أمام رغبة أكيدة في الدخول في منافسة وطنية من خلال الشباب؛ عندها يصبح الوعي الحقوقي الإطار الداعم لمؤسسات الدولة لتلمس طريقها نحو توظيف قدرات الشباب، وفهم الأطر التشريعية والقانونية والتنفيذية في الوصول إلى الحقوق ذاتها، في التوظيف والتعليم والتشغيل وفتح مسارات متعددة له في الحياة، من خلال منظومة قيمية أخلاقية تؤكد العدالة الاجتماعية واحترام المسؤوليات، وانعكاسات ذلك على اتزان فكر الشباب وطريقة تعبيرهم عن حقوقهم واستحقاقاتهم بشكل يحفظ للشباب موقعه في رسم خريطة التنمية في الوطن ويضعه في مقام المسؤولية في تحمل نتائج التطوير وبعث الأمل القادم في ترسيخ ثقافته ومبادئه في حياة المواطن وسلوك المؤسسات. فهل سيكون الوعي الحقوقي للشباب ورقة رابحة تستعين بها مؤسسات الدولة المختلفة واللجنة الوطنية للشباب في بلوغ سقف أولويات الشباب ورصد توقعاته؟، وهل سيمتلك الشباب ذاته سيناريوهات بديلة تضمن لهذه الجهود الاستدامة والفاعلية؟ .